نشر موقع "بوليتيكا
إكستاريور" الإسباني تقريرا، تحدث فيه عن موقف الاتحاد الأوروبي من الاحتجاجات
التي اجتاحت الشوارع المصرية؛ للمطالبة بتنحي عبد الفتاح السيسي من السلطة؛ نظرا
لتفشي الفساد والبطالة.
وقال الموقع، في تقريره
الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد
ما يقارب تسع سنوات من بداية الربيع العربي، ضيقت احتجاجات المواطنين مرة أخرى
الخناق على الدكتاتورية المصرية. فبعد الرد بتجدد القمع الذي أودى إلى اعتقال أكثر
من 400 شخص عقب المظاهرات التي حدثت في 23 أيلول/ سبتمبر، من بينهم نشطاء بارزون في
مجال حقوق الإنسان، وقع إجبار نظام عبد الفتاح السيسي على التراجع جزئيا.
وتطرق
الموقع إلى رأي المحلل سانتياغو ألبا، الذي قال إنه بعد انقلاب الجنرال
السيسي ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا لمصر، محمد مرسي، طالب الاتحاد الأوروبي في
بيان مؤرخ في الثالث من تموز/ يوليو 2013، باحترام التطلعات الديمقراطية للشعب
المصري، وسيادة القانون غير المستقرة والابتدائية.
وبعد
شهر، ونتيجة لمقتل 900 شخص تظاهروا في ميدان القاهرة، مُنعت الدول الأعضاء من
تصدير الأسلحة إلى دولة النيل، وقد اصطدمت هذه التدابير الخجولة التي انتُهكت فيما
بعد بالتطبيع التدريجي للعلاقات، والتعاون المتزايد بين الطرفين.
بحسب
سانتياغو، نحن نتحدث عن بلد سُجن فيه حوالي 60 ألف شخص في السنوات الأخيرة، حيث
يكون التعذيب والاختفاء القسري والإعدامات خارج نطاق القضاء خبز اليوم، مرفوقا
باضطهاد جميع أشكال المعارضة الجمل التعسفية وأحكام الإعدام.
وأورد
الموقع أنه في حين وقع إسكات الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان، استأنف الاتحاد
الأوروبي في تموز/يوليو 2017 اجتماعات مجلس الشراكة مع مصر، البلد الذي تعدّ قيمته الجيوستراتيجية لإسرائيل والولايات المتحدة ذات أولوية.
وأضاف
الموقع أن الأمر لا يعني أن الاتحاد الأوروبي لا يحمي حقوق الإنسان في مصر، بل
يسهل بالفعل انتهاكها، وهي علامة على سياسة خارجية لا تسترشد بالقيم التي يدعي
الدفاع عنها.
وبالتالي، سيتعين علينا أن نطالب الحكام الأوروبيين بتجديد حظر
الأسلحة القمعي، وإنهاء التعاون في سياسات الهجرة، وتطبيق العقوبات والضغوط القهرية
التي تهدف إلى إضعاف أكثر الديكتاتوريات ضراوة على الكوكب.
وأشار
الموقع إلى رأي الباحثة في مجموعة الدراسات حول المجتمعات العربية والإسلامية،
بربارا أثوالا بياثا، التي تقول إن ما يحدث في مصر يجب أن يشكل مصدر قلق كبير
للاتحاد الأوروبي. إن وضع مصر كدولة مفصلية بين الشرق الأوسط والقارة الأفريقية،
مع امتلاكها دورا قياديا تاريخيا في المنطقة وتعداد سكاني يقارب 100 مليون نسمة، يعني
أن ما يحدث هناك يجب أن يكون موضوع اهتمام.
وحتى
الآن، ركز اهتمام الدول الأوروبية على دعم القادة المصريين المتعاقبين من خلال
اعتبارهم ضامنين للاستقرار الإقليمي المزعوم، دون الاهتمام بالتدهور في مجال حقوق
الإنسان، والافتقار إلى التقدم الديمقراطي في المناطق الداخلية من البلاد.
وأوضح
الموقع أن احتجاجات الأسابيع الأخيرة تعكس مدى حساسية المجتمع المصري للفساد، واستياءه العميق تجاه النظام العسكري لعبد الفتاح السيسي، الذي يتمتع بالدعم
الخارجي للبقاء في السلطة. وقد قدم هذا الدعم خلال الاحتفال في مدينة شرم الشيخ
المصرية في شباط/ فبراير 2019، للقمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول
العربية.
سلط
شعار "الاستثمار في الاستقرار" الضوء على الأولوية التي منحها الاتحاد
الأوروبي لجدول أعمال يركز على القضايا الاقتصادية والأمنية، الذي كان صامتا أمام
الحكم الاستبدادي وزيادة القمع، ليس فقط ضد الإخوان المسلمين، ولكن أيضا ضد أطراف
المعارضة الأخرى. وبناء على ذلك، ينبغي أن تشعر أوروبا بالقلق، وأن تتعامل مع حالة
غياب حريات غير مستدامة من خلال دعم الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية التي وقع إسكاتها بسبب مواقفها الحاسمة ضد النظام.
وأبرز
الموقع أنه بحسب منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إيتكساسو دومينغيز دي ألاثابا،
فإنه يمكن اعتبار الاحتجاجات في مصر بمثابة اختبار لأوروبا، حيث يرى البعض أنها
تمثل تهديدا لاستقرار دولة حليفة، بينما يرى آخرون شعبا يحاول التخلص من عقود من
التواطؤ الغربي مع الأنظمة المضادة للديمقراطية.
وأفاد
الموقع بأنه بحسب الصحفي ريكارد غونزاليز، يعد نظام السيسي الأكثر وحشية في التاريخ
المصري المعاصر، حتى أن المواطنين الأوروبيين ليسوا في مأمن من هذه الانتهاكات،
كما هو الحال بالنسبة للباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قُتل سنة 2016 بعد
تعذيبه لمدة أسبوع.
يجب
أن يكون تخفيض درجة قمع النظام المصري هدفا للسياسة الخارجية الأوروبية، ليس فقط
من حيث المبدأ، ولكن من أجل المصلحة. إذا استمر تدهور الحياة السياسية والوضع
الاجتماعي في مصر، فهناك خطر حقيقي من انهيار النظام على مدار العقد المقبل.
وبالنظر إلى النمو السكاني المرتفع للبلاد واستثمار النظام في المشاريع التي لا
تولد تنمية شاملة، فإن الغضب الشعبي يتكثف شيئا فشيئا.
وحسب
رأي أستاذة الاتصالات في جامعة كارلوس الثالث، ليلى نشواتي ريجو، تؤثر انتهاكات
الحقوق والقمع على اللاجئين الفلسطينيين والسوريين على حد سواء. وذلك من خلال
خطابات السلطات المصرية التي تشجع على الكراهية ضد اللاجئين، فضلا عن المواقف
الاستبدادية التي تذكرنا بأسوأ الأوقات في حكم مبارك.
في
ذلك الوقت، اعتذر الاتحاد الأوروبي في مناسبات مختلفة بشكل غير مباشر، كما هو
الحال مع تسليم جائزة ساخاروف إلى الربيع العربي، نظير دعمه الحكومات التي تضطهد
السكان ولم تستمع إلى المطالب الشعبية. يدل ذلك على تجاهل مطلق لمطالب العدالة
والحرية والكرامة التي انتشرت في جميع أنحاء المنطقة، والتي قاتل الشعب المصري من
أجلها في سنة 2011.
وفي
الختام، أبرز الموقع أنه بعد ثماني سنوات، تمر هذه البلدان بمرحلة انتقالية صعبة، وتواجه حروبا مفتوحة، كما هو الحال في مصر. ويواصل الاتحاد الأوروبي إعطاء
الأولوية لقضايا الأمن على المدى القصير بدلا من حقوق السكان واحترام حقوق
الإنسان. قد يكون من المفيد التفكير في الرسالة التي يرسلها صمت الاتحاد الأوروبي
إلى الديكتاتور الموالي، الذي يمكن أن يكون قادرا على انتهاج القمع دون الخضوع
للمساءلة.
"السيسي ومحمود خربوا مصر".. الأول بمواقع التواصل
هل تُنسي "مسكنات" السيسي المصريين "فساد القصور"؟
ما هي دلالات ظهور سامي عنان بالمشهد المصري بهذا التوقيت؟