نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها ورزو دارغاهي، يتحدث فيه عن المظاهرات المطالبة برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي انطلقت مساء يوم الجمعة الماضي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القادة الغربيين يتعاملون مع التظاهرات في مصر على أنها تحذير، خاصة أن عبد الفتاح السيسي لم يكن أبدا قوة للاستقرار في الشرق الأوسط.
ويشير دارغاهي إلى أن التطلعات من أجل الديمقراطية والعدالة الاقتصادية هي أساس الاحتجاجات المعادية للحكومة، التي اندلعت يوم الجمعة في أنحاء متفرقة من البلاد، مطالبة برحيل نظام السيسي، لافتا إلى أن الشرطة المسلحة فرقت بالعصي المتظاهرين الذين رددوا شعارات الربيع العربي، وداسوا على أعلام تحمل صورة السيسي.
وتنقل الصحيفة عن ناشط مقيم في القاهرة، قوله: "إنهم شجعان جدا ليقرروا الخروج إلى الشوارع لأنه أمر خطير جدا"، وأضاف: "هذا أمر مهم جدا، فهذه الأعداد مهما كانت صغيرة فإنها تعد تحركا كبيرا وجريئا أكبر من أي تجمع كبير آمن".
ويفيد التقرير بأن خروج المتظاهرين لم يكن بناء على دعوة من ناشطين يدعون إلى الديمقراطية، بل هو نتيجة لسلسلة من أشرطة الفيديو التي تزعم أن مليارات الدولارات تم تبذيرها على مشاريع لإرضاء غرور النظام، ونشرها المقاول والممثل محمد علي، الذي يعيش في المنفى في إسبانيا.
ويلفت الكاتب إلى أن محمد علي استخدم لهجة محلية "شوارعية"، حيث تحدث عن خسارته الملايين لمشاريع نفذها للجيش، ووصف كيف قام السيسي وحاشيته ببناء فندق بقيمة 13.3 مليون دولار، ما أدى إلى إفلاس شركته، وقال إنه يواصل تبذير مصادر البلاد على بناء قصور بأموال دافعي الضرائب.
وتذكر الصحيفة أن رجل الأعمال، الذي هضم حقه، قدم قائمة بأسماء المسؤولين والمشاريع الضخمة، وشرح كيف قام السيسي وكبار المسؤولين بتبذير الأموال على فندق من سبع نجوم يملكه فرع الاستخبارات، وتحدث عن القصور الرئاسية الشخصية والفلل التي يملكها الضباط الذين ملأوا جيوبهم بالأموال بسبب هذه المشاريع، وقال إن هذه الطغمة حطمت أحلامه وأجبرته على مغادرة البلاد؛ خوفا من استهدافه وعائلته.
ويستدرك التقرير بأنه رغم محاولة الحكومة المصرية فرض الرقابة على أشرطة الفيديو، التي ظهر أولها في 2 أيلول/ سبتمبر، واستمرت حتى الجمعة، إلا أنها حظيت بمشاهدات على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
وينوه دارغاهي إلى أن أنصار السيسي حاولوا نسبة الأشرطة إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي يعيش أفرادها في المنفى، وعانت حركتهم من قمع لا مثيل له بأمر من السيسي، ويعملون ضده منذ الإطاحة بهم في عام 2013، مستدركا بأن محمد علي، المقاول العادي، لا علاقة له بالإخوان، واستطاع بحكاياته عن الفساد والمؤامرات، التي كشفت عما يجري في داخل النظام، جذب أبناء الشارع بطريقة لم يكن الإسلاميون قادرين على عملها ومنذ سنوات.
وتورد الصحيفة نقلا عن محللين مصريين، قولهم إن رد السيسي على هذه الأشرطة كان تعبيرا عن الطريقة المغرورة التي يتعامل فيها مع القضايا عندما يخاطب المصريين، فقال: "نعم، أقوم ببناء القصور"، وتعهد ببنائها "لكنها ليست باسمي، بل لمصر".
ويجد التقرير أن أسلوب السيسي لا يقوم على بناء إجماع لدى المصريين، كما كان الحال في عهد في حسني مبارك، ولهذا بدأت طريقته تثير أعصاب المصريين من الطبقات الاجتماعية كلها، مشيرا إلى أن السيسي وصل إلى السلطة عام 2013، عندما أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ومنذ ذلك الوقت أدار نظاما ديكتاتوريا لم تشهد مصر مثله في تاريخها الحديث، فمنع التظاهرات، وأسكت نقاده وسجنهم، وضيق من مساحة حرية التعبير.
ويفيد الكاتب بأن الناشط في منطقة سيناء المشتعلة مسعد أبو فجر، نشر قبل أيام من التظاهرات فيديو، كشف فيه عن الفساد في الجيش، وحربه ضد الإسلاميين هناك، واتهم فيه نجل السيسي محمود بالإثراء من خلال تجارة التهريب إلى قطاع غزة، وقال إن "التجارة التي تذهب إلى غزة كلها تمر من خلال محمود وخطوطه"، وأضاف أن قائدا آخر في الجيش يقوم ببناء فيلا فاخرة لنفسه.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الاتهامات أثارت غضب الجنود المصريين الذين يعيشون أوضاعا سيئة، مستدركة بأنه رغم الثناء الذي حصلت عليه مصر من المعلقين الغربيين والمسؤولين الماليين، الذين تحدثوا عن نجاح إجراءات التقشف التي طلبها صندوق النقد الدولي، إلا أن تقديرات الحكومة المصرية تشير إلى أن نسبة 5% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ويقدر البنك الدولي أن نسبة 60% يعيشون في ظروف الفقر.
وينقل التقرير عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط في منظمة "هيومان رايتس ووتش" عمرو مجدي، قوله: "كل من يتابع مصر في السنوات الأخيرة يعلم أنها مثل إبريق يغلي.. السيسي هو حاكم شمولي يختلف عن مبارك، ولدى السيسي مشكلات نفسيه وعاطفية، والأمر لا يتعلق بحكم البلد، ولكن بالسيطرة المطلقة".
ويقول دارغاهي إن الدول الغربية راهنت عليه بصفته عامل استقرار في المنطقة، وصادقت بريطانيا على صفقات أسلحة لمصر بـ141 مليون دولار، بما في ذلك معدات يمكن استخدامها ضد المتظاهرين، وذلك بحسب الحملة ضد تجارة السلاح، فيما تبيع الولايات المتحدة وفرنسا السلاح لمصر، بمليارات الدولارات، وهي أموال كان يمكن صرفها لتخفيف معاناة المصريين.
وتلفت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصف السيسي بأنه "ديكتاتوره المفضل"، وذلك في اجتماع الدول السبع الكبار الذي عقد في فرنسا.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالقول إن "الصوت العالي في أشرطة فيديو بيتية يمكن أن يؤدي إلى حدوث الكثير من الاضطرابات، ويجب أن يعطي هذا الدول الغربية مساحة للتفكير حول استمرارها في دعم السيسي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويورك تايمز: كيف اندلعت تظاهرات مصر ومن هو محمد علي؟
WP: أشرطة محمد علي ضربة قوية للسيسي.. هذه أهميتها
فايس نيوز: المصريون ساخطون ويطالبون السيسي بالرحيل