دخل عموم القضاة بكافة محاكم الجمهورية التونسية،
صباح الجمعة، في إضراب عام حضوري يتواصل طيلة الأسبوع.
ويأتي إضراب القضاة على خلفية ما اعتبروه
إقدام عدد من المحامين المنتسبين إلى هيئة الدفاع فيما يعرف "بقضية الجهاز السري"
من اقتحام لمكتب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، والتهجم عليه بأبشع
عبارات الشتم، صباح الخميس.
واعتبرت عائشة بن بلحسن نائب رئيس جمعية القضاة،
في تصريح لـ"عربي21"، ما أقدم عليه عدد من المحامين "غير مقبول واعتداء
لفظي ومعنوي على وكيل الجمهورية".
واستنكرت بن بلحسن الاعتداء، وأوضحت
أنه "أدخل إرباكا على سير العمل بالمحكمة وبعثر محتويات مكتب الوكيل".
وأفادت: "سيتم فتح تحقيق جدي وسريع من
قبل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس في كل الأحداث التي وقعت أمس بقصر العدالة
ومحاسبة كل من تورّط فيها" على حد قولها.
اقرأ أيضا: MEE: هؤلاء هم السلاح السري لقيس سعيد بالانتخابات
وحذرت نائب رئيس جمعية القضاة من مغبة مما
أسمته "توظيف القضايا المنظورة من وكالة الجمهورية بتونس من هيئة الدفاع خدمة
لأغراض انتخابية مكشوفة".
وطالبت الهيئة الوطنية للمحامين بتحمّل
مسؤولياتها إزاء المنضوين تحتها والتعامل معهم بصرامة وجدية.
من جهتها قالت رئيس مجلس القضاء العدلي مليكة
مزاري في تصريح لـ"عربي21" إن "المجلس وعلى خلفية الأحداث شرع في الاستماع إلى جميع الهياكل من محاميين
قضاة نقابة أو جمعية ووكيل الجمهورية
ورئيس المحكمة الابتدائية بتونس، وأيضا هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي
لمعرفة حيثيات الحادثة ومحاولة تلافي الخلاف الحاصل".
تهديد الأمن القومي
الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس
سفيان السليطي وصف الاعتداء الذي طال مقر المحكمة ومكتب وكيل الجمهورية والإضرار بمحتوياته بأنه "يهدد الأمن القومي".
وصرح السليطي لوكالة الأنباء الرسمية
التونسية "وكيل الجمهورية يمثل النيابة العمومية للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب،
وهو ما يعني أن مكتبه يتضمن ملفات على درجة من السرية والخطورة".
ودعا السليطي إلى "النأي بالقضاء عن الحسابات
الانتخابية والتجاذبات السياسية لبعض الأفراد وإعلاء المصلحة الوطنية العليا خاصة
في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد".
وفي تعقيبه على الأحداث قال عميد المحاميين
إبراهيم بودربالة في تصريح لـ"عربي21" وبعد اجتماع استمر لساعات اليوم
الجمعة، إننا "نتأسف لكل ما جرى وما اتخذه القضاة من مقررات ونستغرب
منها".
اقرأ أيضا: دفاع القروي لـ"عربي21": 3 جهات قضائية ترفض النظر بإفراج مؤقت
وأوضح بودربالة أن خلاف هيئة الدفاع عن بلعيد
والبراهمي ووكيل الجمهورية كان على خلفية
"طول المدة بين الشكاية ومآل الأبحاث وعدم الاكتراث بالشكاية وجدية الأبحاث".
وصرح بودربالة أن الهيئة "تستنكر
الاعتداء الذي طال المحامين وإصابة أحد أعضاء هيئة الدفاع بضرر، وهو أمر واضح بشهادات
طبية وخاصة تدخل وحدات أمنية من خارج المحكمة، وهي غير المكلفة بحمايتها".
وعن قرارات المجلس أكد عميد المحامين أنه "تقرر
إبقاء المجلس في حالة انعقاد مستمر لدراسة الأحداث المستقبلية مشددا على أنه لم
يتم اتخاذ أية تحركات احتجاجية".
الداخلية توضح
وزارة الداخلية التونسية أوضحت من جهتها "أن
وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية تونس1 قد طلب صباح الخميس تدخل الوحدات الأمنية
لإخلاء مكتبه، مفيدا أن حوالي 20 محاميا من أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد
تولوا اقتحامه وذلك على خلفية مطالب تتعلق بقضايا محل نظر من طرف السلطة القضائية".
وتابعت الوزارة أن "الإجراءات تمت تبعا للتعليمات
القضائية في تطبيق للقوانين الجاري العمل بها وتحت إمرة النيابة العمومية".
اقرأ أيضا: القروي من سجنه: ستكون معركة حامية مع التيار الإسلامي
حركة النهضة بدورها نبهت في بيان لها، الجمعة،
إلى خطورة الأحداث التي عاشتها المحكمة الابتدائية
بتونس، واقتحام عدد من منتسبي هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي لمكتب وكيل
الجمهورية والتهجّم عليه".
وأدانت الحركة الاقتحام، كما عبرت عن "رفضها
الشديد لهذه السابقة الخطيرة للضغط على المرفق القضائي وإدانتها لتواصل توظيف ملف الشهيدين
شكري بلعيد ومحمد البراهمي من قبل أطراف سياسية، والاستثمار في دمائهما الزكيّة لتحقيق
أغراض سياسية وانتخابية" وفق ما جاء في البيان.