رأى كتاب وخبراء وإعلاميون تونسيون وعرب، أن تجربة الانتخابات الرئاسية التونسية المزمع إجراؤها بعد غد الأحد، 15 أيلول (سبتمبر) الجاري، تمثل تجربة مضيئة في العالم العربي، وتؤكد أن العرب يمكنهم أن يتعايشوا مع الديمقراطية على خلاف ما يحاول البعض وصمهم به.
جاء ذلك في ندوة نظمهها ودعا لها المنتدى البريطاني ـ العربي في العاصمة البريطانية، مساء أول أمس الخميس، وأدارها الإعلامي التونسي عادل الحامدي، بعنوان "الانتخابات الرئاسية التونسية في واقع مضطرب"، وشارك فيها كل من جلال الورغي الكاتب الباحث التونسي وعضو مجلس شورى حركة "النهضة" وعبد الله أنس القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وأكد الورغي في ورقته للندوة التي حضرتها "عربي21"، أن الانتخابات الرئاسية الحالية تمثل المحطة الانتخابية الخامسة منذ نجاح الثورة التونسية مطلع العام 2011، وأنها تكتسب أهمية كبرى لجهة أنها تمثل انتصارا للانتقال الديمقراطي ولنموذج التعايش الذي نجح التونسيون في رسمه بينما فشلت نماذج عربية أخرى.
وأشار إلى أن أهم ما يميزها هو تراجع التجاذبات الإيديولوجية لصالح البرامج السياسية، وأن ذلك يعتبر خطوة متقدمة تؤكد أن التونسيين تجاوزوا معارك الهوية والإيديولوجية، وأن الاهتمام اليوم منصب على ترسيخ مفهوم التداول السلمي على السلطة.
ولفت الورغي الانتباه إلى أن التونسيين جميعا مدركون لحجم التحديات الاقتصادية والأمنية الداخلية، وأيضا لحجم المخاوف الإقليمية والدولية من نجاح النموذج الديمقراطي في تونس، لكنهم تمكنوا من تجاوز هذه المرحلة لجهة طمأنة الداخل على نهج التعايش والتوافق الذي يمليه صندوق الاقتراع وحاجات الناس، وإقناع الخارج بأن تجربة الحكم في تونس، ليست للتصدير ولا للتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.
أما عبد الله أنس القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فقد اعتبر أن التجربة التونسية الحالية تحاكي ذات التجربة التي عاشتها الجزائر في تسعينات القرن الماضي عقب مظاهرات تشرين الأول (أكتوبر) 1988، وأعرب عن خشيته من أن ينال التجربة التونسية ذات مصير التجربة الجزائرية.
ورأى أنس أن التجربة التونسية في الانتخابات والتطلع للحرية من خلال تكريس تعددية حقيقية، تختزل مطالب العرب والمسلمين جميعا، وإن اختلفت التفاصيل. واعتبر أن استمرار الحراك الشعبي في أكثر من جولة يعكس المشترك العربي في التحرر والانعتاق من الظلم والاستبداد.
ومثلت خطوة مشاركة النهضة في المنافسة على الانتخابات الرئاسية ومسألة المرجعية التي تعتمدها، واحدة من أهم النقاط الخلافية التي دار نقاش كبير حولها، حيث اعتبر الإعلامي المصري الدكتور أسامة جاويش هذه المشاركة دليلا واقعيا على أن "النهضة" لم تتعلم الدرس المصري، وأنها تغامر بمصيرها ومصير تونس، بينما رأى الإعلامي المغربي أيوب الريمي والفنان المغربي رشيد غلام، أن "النهضة" تكون مرة أخرى أمام تحد كبير يتمثل في تحديد مرجعيتها، وطريقتها في التعاطي مع نمط العيش التونسي المنفتح.
لكن القيادي في المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج زياد العالول، رأى أنه مهما قيل عن التجربة التونسية، وعن التحديات التي تواجهها إلا أن نموذج المناظرات الرئاسية التي بثتها قنوات تلفزيونية تونسية وعربية ودولية، يعتبر فخرا لتونس وللعرب جميعا، وأعرب عن أمله في أن يُترك التونسيون وشأنهم في إدارة مرحلتهم الانتقالية للوصول بها إلى بر الأمان.
إقرأ أيضا: تونس..اختتام الحملات الانتخابية وسط انسحابات من السباق
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية التونسية الثانية من نوعها منذ نجاح الثورة مطلع العام 2011، 26 مرشحا من مختلف الحساسيات السياسية والفكرية.
ويشارك الإسلاميون التونسيون لأول مرة في الانتخابات الرئاسية من خلال ترشيح نائب رئيس الحركة، ورئيس البرلمان الحالي بالإنابة المحامي عبد الفتاح مورو.
ويعتبر رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد ووزير الدفاع الحالي عبد الكريم الزبيدي، ورجل الأعمال صاحب قناة نسمة نبيل القروي الموجود حاليا في السجن، من أهم الأسماء المرشحة لتصدر نتائج الانتخابات، التي انطلقت أمس الجمعة في الخارج، على أن تجري غدا في تونس.
يذكر أن المنتدى البريطاني ـ العربي، كان قد تأسس مطلع العام الجاري في العاصمة البريطانية لندن، من طرف عدد من نشطاء الجالية العربية، ويسعى لعقد ندوات فكرية وأنشطة ثقافية لكل ما يهم القضايا العربية والدولية ذات الصلة بالشأن العربي.
تونس..اختتام الحملات الانتخابية وسط انسحابات من السباق
تونس: رفض الإفراج عن القروي.. أسباب سياسية أم قضائية
حملات تونس الرئاسية تتصاعد.. وتباين بتفاعل الناخبين