مركز إسرائيلي: إيران تدير حرب جبهات لمقاومة الضغط الأمريكي

خص مركز أبحاث إسرائيلي تقديره الاستراتيجي، للحديث عن "الحرب" التي تخوضها إيران على عدة جبهات، من أجل الصمود ومقاومة الضغوط والعقوبات الأمريكية.

وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعدته المسؤولة السابقة في جهاز "الموساد" الإسرائيلي، سيما شاين، أن "النظام الإيراني يدبر حربا في عدة جبهات؛ دبلوماسية واقتصادية وذرية، أمام سياسة الحد الأقصى من الضغوط الأمريكية منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي".

وأشار إلى أن "مصادر إيرانية تعتبر سياسة طهران حد أعلى من المقاومة، التي أساسها رفض اقتراحات الالتقاء مع الإدارة الأمريكية، طالما أن العقوبات سارية المفعول"، منوها أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "يركز على جهود إعادة إيران لطاولة المفاوضات للدفع قدما باتفاق نووي أفضل من وجهة نظره".

جبهة دبلوماسية

ولفت المركز في نشرته شبه الدورية بعنوان "نظرة عليا"، إلى أن "إيران حظرت التقاء وزير خارجيتها محمد ظريف، مع ترامب بعد أن أرسل البيت الأبيض دعوة له من قبل السناتور راند بول"، مشيرا إلى أن "الجهود الأخيرة الأهم لبلورة صيغة تكون مقبولة على الطرفين، تمت من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".

اقرأ أيضا: ظريف يهاجم قرار العقوبات الأمريكية الأخيرة على بلاده

وعقب الجهود الفرنسية، أشار المركز إلى أن "ترامب صادق على إمكانية عقد لقاء مع نظيره الإيراني حسن روحاني، عقب التحديثات التي تلقاها ظريف الذي وصل فرنسا بشكل مفاجئ مؤخرا"، بحسب مركز الأبحاث الذي نوه لوجود "انتقادات شديدة" للرئيس الإيراني ومطالبات بالامتناع عن حوار واشنطن، مع وجوب "الاستمرار في سياسة الصمود الاقتصادي".

كما نوه إلى أن مواقف هامة برزت في جهاز الأمن الإيراني، حيث ذكر سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، أنه "من البداية لم يكن هناك مكان للتوقيع على الاتفاق النووي"، ونتيجة للانتقاد الشديد لتصريحات روحاني، سرعان ما تراجع شمخاني عن أقواله وأوضح أن "شرط استئناف المفاوضات مع واشنطن هو رفع العقوبات".

كما أكد روحاني، أنه "في حال تقدمت إيران بخطوة ثالثة من قضم الاتفاق النووي، وتم تنفيذ شروطها، يمكنها العودة للعمل في إطار الاتفاق".

وفي هذه الأوقات، "يستمر ماكرون بإجراء محادثات مع الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي، ويدفع قدما في أعقاب محادثاته مع ترامب باقتراح يتناول تسهيلات معينة لإيران في كل ما يتعلق ببيع النفط و/أو تقديم اعتماد بـ 15 مليار دولار في السنة؛ وهو ربع المبلغ المطلوب لنفقات إيران الأساسية، والباقي تستكمله عبر التصدير لدول أخرى".

وبين المركز، أن "ترامب يمكنه السماح لإيران بالحصول على اعتماد قصير المدى أو قرض ما في حال نضجت الظروف".

وأشار أن "ظريف على الصعيد الدبلوماسي، وبهدف إثبات عدم نجاعة العقوبات الشخصية التي فرضتها واشنطن عليه، قام بجولة في الدول الإسكندنافية، ووصل إلى باريس، كما أبلغ عن قمة ثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا، قريبا في أنقرة".

وفي إطار جهده الدبلوماسي، زار ظريف اليابان والصين وماليزيا، وخرج مطلع أيلول/سبتمبر برئاسة وفد لزيارة رسمية لموسكو، أما الزعيم الإيراني علي خامنئي، وفي "خطوة استثنائية" بحسب التقدير الإسرائيلي "اجتمع في طهران في لقاء علني ومغطى إعلاميا بوفد من جماعة الحوثي، وأبرز دعمه لهم".

ونبه المركز، أن "تطورا هاما آخر سجل خلال زيارة جماعة الحوثي، وهو لقاء الإيرانيين مع سفراء كل من؛ فرنسا، بريطانيا، ألمانيا وإيطاليا"، معتبرا أن "هذه الخطوة جسدت فهم الدول الأوروبية لأهمية دمج إيران في التسوية باليمين، وعززت فعليا مكانتها كجهة تستطيع المساعدة في الحل، وليس اعتبارها المشكلة الرئيسية، مثلما تعرضها إدارة ترامب".

اقرأ أيضا: بومبيو: واشنطن ستواصل ممارسة "أقصى قدر من الضغط" على إيران

تخصيب اليورانيوم

أما على الصعيد النووي، "تنوي إيران مواصلة سياسة القضم التدريجي للاتفاق النووي، طبقت في هذا الجانب المرحلة الأولى والثانية؛ واجتازت حدود الـ 300 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى منخفض؛ المسموح لها وفق الاتفاق، وهي تخصب بما يتجاوز نسبة 3.67 في المئة المسموحة".

وذكر المركز، أن "طهران تنوي الإعلان في 6 أيلول/سبتمبر الجاري، عن خطواتها القادمة في إطار المرحلة الثالثة، وهو ما يعتبر عملية متعددة المراحل من قضم الاتفاق، ردا على انسحاب الدول الموقعة عليه من التزاماتها".

وأوضح أن الخطوات الإيرانية المتمثلة في تركيب أجهزة طرد مركزية متقدمة، وتجميع 33 منها، مع ضخ غاز "6 يو إف" في 10 أجهزة فقط، ستمكن الدول الأوروبية من اعتبار أنها "توجد في المنطقة الرمادية بالنسبة للاتفاق، بمعنى أنها ما زالت لا تشكل خرقا فاضحا يمكن أن يجبرها على اتخاذ خطوات مضادة".

ورغم اتخاذ إيران لهذه الخطوات الإيرانية وغيرها، إلا أنها "أوضحت مرارا، أن جميع الخطوات قابلة للإلغاء، إذا وجدت الدول الأوروبية الشريكة في الاتفاق حل يعوض الثمن الذي تدفعه طهران بسبب العقوبات الأمريكية".

جبهة اقتصادية

وبخصوص الجهود الإيرانية على الصعيد الاقتصادي، "حاولت إيران الدفع قدما بمسارات تتجاوز العقوبات والإثبات للإدارة الأمريكية أن الضغط الاقتصادي لن يحقق أهدافها، واستثمرت مؤخرا جهود كبيرة في توسيع علاقاتها الاقتصادية، خاصة مع الدول المجاورة لها".

وبين أن "الاتصالات الإيرانية مع كازاخستان وروسيا في مجال التجارة، ومع باكستان بشأن التسهيلات البيروقراطية لزيادة التجارة، ومع جورجيا بخصوص خطوط النقل، ومع أفغانستان بمجال الكهرباء، تعكس وجود قرار إيراني متزن لتوسيع الاحتمالات وتنويع المداخيل، خارج مجال النفط".

ورأى مركز الأبحاث، أن "هذه الخطوات تعكس تصميما إيرانيا لمواجهة سياسة الضغوط الأمريكية على كل الصعد المحتملة".

اقرأ أيضا: إيران تصعد وتوضح "خطوتها الثالثة" ضمن تقليص التزاماتها

وقال: "إذا استمر النقاش حول إمكانية استئناف الحوار مع أمريكا، فهناك اتفاق شامل بخصوص الحاجة لمواصلة الخطوات في مجال الذرة، وهذه ورقة ضغط هامة بالنسبة لطهران، على الدول الأوروبية لإيجاد حلول ممكنة للعقوبات، أو ورقة مساومة مع الإدارة الأمريكية قبيل استئناف محتمل للمفاوضات".

ونبه أن "إيران لا تعتمد في بناء سياستها على قاعدة التقدير بأن رئيس ديمقراطي سيغير الاتجاه السياسي الأمريكي الحالي"، مبينا أنه "من الواضح لإيران في نهاية المطاف، أنه ستكون هناك حاجة لمفاوضات لحل الأزمة الحالية، وهذا بالنسبة لهم هو الوقت المناسب".

وقدر المركز أن "ترامب معني بلقاء علني، يكون هام بشكل خاص له في سنته الانتخابية، وأوروبا مستعدة للذهاب بعيدا لمنع تصعيد التوتر في الموضوع النووي، وخلق محادثات أمريكية إيرانية؛ وهذا كله طالما استطاعت إيران احتواء الضغوط الإقتصادية للدفع قدما بتحقيق أهدافها المعروضة كشرط لإجراء المفاوضات".