حذر سياسيون ونشطاء سيناويون من الخطة التي بدأها
نظام الانقلاب العسكري بمصر، لإخلاء مدينة
العريش وبئر العبد والشيخ زويد، وتهجير
أهلها بشكل قسري، بإدخال القرار الجمهوري رقم 233 لسنة 2016 حيز التنفيذ، الذي
يقضي بنزع ملكية 2 كم بطول حرم الطريق الدولي لصالح القوات المسلحة.
وحسب المختصين، فإن هذا القرار الذي أعلن المجلس
التنفيذي لمحافظة شمال
سيناء دخوله حيز التنفيذ بداية آب/ أغسطس الجاري، سوف يؤدي
لإخلاء المنازل والقرى الواقعة على طول الطريق الدولي، الذي يخترق 400 ألف فدان
بمدينة العريش والقرى والمدن الواقعة في نطاقها، ما يعني في النهاية زوال هذه القرى
من الخريطة.
وربط المختصون الذين تحدثوا لـ"
عربي21"
بين هذا الإجراء وزيارة صهر الرئيس الأمريكي ومهندس صفقة القرن جاريد كوشنر
للمنطقة ولقائه السيسي في إطار إحياء صفقة القرن.
من جانبه استبعد عضو البرلمان
المصري عن شمال
سيناء إبراهيم أبو شعيرة، أن يستطيع أحد تغيير القرار، مطالبا الأهالي بالتعامل مع
الموضوع باعتباره أمرا واقعا، مشيرا إلى أن هذه الأرض الواقعة بحرم الطريق الدولي
من الريسة وحتى معبر رفح، أصبحت ملكا للجيش منذ 2016.
وطالب أبو شعيرة عبر صفحته على فيسبوك، "كل
من لديه منازل أو أراضٍ بالقرب من حرم الطريق الدولي، بسرعة تقنين وضعهم القانوني
من خلال نظام حق الانتفاع الذي يتيح حق الانتفاع بهذه الأراضي، إما لمدة 55 سنة أو
99 سنة".
وقد رد ممثل سيناء في لجنة صياغة دستور 2014 مسعد
أبو الفجر على أبو شعيرة، مشيرا إلى أن تجريف 2 كيلو متر على جانبي الطريق الدولي، يأتي ضمن خطة الدولة بمسح وجود مدينة العريش ومدينة بئر العبد وما تبقى من مدينة
الشيخ زويد، لتكون المحصلة
تهجير أكثر من 80% من أهالي سيناء.
وأوضح أبو الفجر في تدوينة على صفحته بـ فيسبوك،
أن السيسي يريد مسح وجود مواطني سيناء من فوق أراضيهم، كما مسحت الدولة وجود
النوبيين من أراضيهم في النوبة من قبل.
"رهائن التهجير"
من جانبه يؤكد الناشط السيناوي فراج العريشي لـ"
عربي21"، أن دخول القرار 233 لسنة 2016 حيز التنفيذ معناه بدء مخطط التهجير القسري لكل
القرى الواقعة في نطاق الطريق الدولي، لتضاف للقرى التي تم إخلاؤها بعد تطبيق قرار
المنطقة العازلة، التي نفذها السيسي بعد الانقلاب العسكري مباشرة بمساحة 5 كم عن
الخط الحدودي مع فلسطين المحتلة وقطاع غزة".
وحسب العريشي، فإن "فكرة تقنين الوضع بحق
الانتفاع حيلة حكومية للنصب على الأهالي الذين يتم تهجيرهم بشكل عنيف، ويتم اعتقال
النساء والأهالي واتخاذهم كرهائن لدى الجيش حتى يوافق الأهالي على إخلاء منازلهم،
وفي النهاية سوف تتحول العريش لمدينة أشباح بعد طرد أهلها ومحو قرى بكاملها من
الوجود".
ويؤكد الناشط السيناوي أن القرار السابق سوف يتم
تطبيقه على أراض تقع على جانبي 21 طريقا بعمق 2 كيلو متر على الجانبين، وهو ما
يعني تطبيق القرار على معظم قرى شمال سيناء، حتى لا تكون هناك مدينة باسم العريش
بعد الآن.
"منطقة عازلة"
ويربط رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس
الشورى المصري السابق رضا فهمي تفعيل القرار، بزيارة جاريد كوشنر صهر الرئيس
الأمريكي ومهندس صفقة القرن، مشيرا إلى أن "القرار يمس في الأساس المنطقة
(ج)، التي تعتبرها الملاحق الأمنية السرية لمعاهدة كامب ديفيد، مناطق تماس تمثل
خطرا على أمن
إسرائيل".
ويشير فهمي في حديثه لـ"
عربي21" إلى أن "الوجود العسكري للجيش
المصري في هذه المنطقة لا يكون إلا بالاتفاق مع الجانب الإسرائيلي، ما يعني أن
إسرائيل هي أكبر مستفيد من العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش في سيناء منذ 6
سنوات، وخاصة عملية سيناء 2018، التي ما زالت مستمرة بهدف واحد وهو تهجير
السيناويين، وتفريع المناطق التي كانت تمثل صداعا للجانب الإسرائيلي، في إطار خطة
ضمان أمن المواطن الإسرائيلي التي يتبناها السيسي".
ويوضح البرلماني المصري أن ما يجري في شمال
سيناء، يمثل "جريمة خيانة عظمى يجب محاكمة قادة الانقلاب العسكري عليها، ليس
فقط في عملية التهجير القسري، وإنما في حرب الإبادة والتنكيل الجماعي الذي تقوم به
القوات التابعة للسيسي منذ أكثر من 18 شهرا، وهو ما كان سببا في تدمير البنية
التحتية والأراضي الزراعية، واعتقال الآلاف من المواطنين وتصفية المئات".
ويشير فهمي إلى أن التوسع في استحواذ وزارة
الدفاع على كل شيء بسيناء، واعتبار مزارع السيناويين خطرا على الأمن القومي
المصري، "يثير التساؤلات عن الهدف الحقيقي وراء ما يحدث هناك، بالإضافة لتسارع
الإجراءات التي يصدرها نظام الانقلاب، بنقل تبعية مطار العريش للقوات المسلحة،
وتنفيذ قرار تخصيص مساحة 2 كم على طول الطريق الدولي لصالح الجيش، ما يعني أن هناك
توجها معينا لخلق منطقة عازلة بسيناء، لا يمكن للمصريين الاقتراب منها".