في قرار مثير للتساؤلات، جزم خبراء اقتصاديون بتأثيره السلبي على وضع الاستثمار في مصر؛ تسعى شركة "دانة غاز" الإماراتية للخروج من السوق المصرية والتركيز على أعمالها بكردستان العراق.
الشركة العاملة بمجال التنقيب عن البترول والغاز بمصر، أعلنت الأحد، عن تفاوضها مع بنك الاستثمار "تيودور بيكرينغ هولت آندكو"، لتقديم المشورة لها لبيع أصولها بمصر التي تتجاوز قيمتها الـ500 مليون دولار، وفق وكالة رويترز.
قرار الشركة الإماراتية يأتي بعد إقفال بئر الغاز "ميراك-1" الذي قامت "دانة غاز" بحفره بمنطقة امتياز العريش البحرية في 20 أيار/ مايو الماضي، كثاني أضخم حقل غاز مصري بالبحر المتوسط بعدما حصلت على ترخيص بالتنقيب فيه عام 2014، ولكنه لم يسفر عن اكتشاف الغاز بكميات تجارية.
متابعون ربطوا بين خروج الشركة من مصر وبين الحقل المغلق، إلا أن أصول دانة غاز في مصر، ليست في العريش فقط، بل تتركز بدلتا النيل حيث تنتج نحو 34 ألف برميل نفط يوميا، و200 مليون قدم مكعبة من الغاز.
كما أن للشركة بمنطقة امتيار العريش ثلاثة مواقع أخرى قد تتواجد فيها موارد محتملة لا ترتبط بنتيجة حفر بئر "ميراك ــ1"، حيث تصل احتياطيات منطقة شمال العريش البحرية لنحو أربعة إلى ستة تريليونات قدم مكعبة من الغاز.
اقرأ أيضا: مستحقات "دانة غاز" على مصر تصعد لـ 234 مليون دولار
وهو ما يدحض فرضية خروج الشركة من السوق المصرية بسبب غلق البئر التي تم حفرها لضعف إنتاجها.
وأشار مراقبون إلى أن سبب قرار الشركة بالانسحاب الكامل من السوق المصرية قد يكون استحقاقاتها المالية المتأخرة لدى الحكومة المصرية، حيث يأتي قرار الشركة بعد شهر من إعلانها فى حزيران/ يونيو الماضي، تسلمها 48 مليون دولار من مستحقاتها لدى مصر، وأن لها 125 مليون دولار متبقية.
ويدعم هذه الفرضية إعلان الشركة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، مراجعة خططها الاستثمارية بمصر في 2017، حال عدم سداد مصر المستحقات المتأخرة، كما أنها طالبت في آب/ أغسطس 2018، بمستحقاتها لدى القاهرة وأعلن الرئيس التنفيذي للشركة باتريك ألمان، تأجيل ضخ أي استثمارات جديدة، وقال إن المسألة "تتعلق بقدرة مصر على السداد".
هل السبب "دولفينوس"؟
وفي تعليقه، أكد الخبير الاقتصادي رضا عيسى، أن "مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر مشكلة مزمنة وضخمة"، موضحا أن "بعض القروض التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي كانت بشرط توجيهها لسداد هذه المديونيات".
عيسى، أضاف لـ"عربي21"، أنه إذا طبقنا فكرة الأموال المتأخرة كسبب لتخارج الشركة الإماراتية على "بريتيش بتروليوم- BP"، أو "إيني الإيطالية" وباقي الشركات الأجنبية العاملة بمجال البترول والغاز بمصر، يصبح الموقف غريبا من "دانة غاز".
وأوضح أن استغرابه ينبع من أن "العلاقات بين النظام الحالي والإماراتي أكبر بكثير من مستحقات الشركة، خاصة أن تأثير انسحاب الشركة على الاستثمار بمجال الطاقة من مصر وكذلك التأثير الإعلامي والسياسي كبير، ومدلولاته غير إيجابية لمناخ الاستثمار خاصة من دولة صديقة".
ولكن الخبير المصري، أشار إلى "احتمال تأثير ما حدث من تغيرات في مجال الطاقة في مصر مؤخرا على شركة (دانة غاز)، بعد استيراد مصر الغاز من إسرائيل".
وتساءل: "هل نفوذ علاء عرفة، صاحب شركة (دولفينوس)، صاحبة الاتفاق على استيراد الغاز من إسرائيل لمدة 15 سنة له تأثير على وضع الشركة الإماراتية والشركات الأجنبية والعربية؟".
عيسى، توقع أن تكون "دانة غاز" أصبحت بمركز أقل أهمية بمجال الغاز بمصر وقلت قدرتها على منافسة شركة مدعومة من الجهات السيادية المصرية"، متابعا تساؤلاته: "هل تستطيع الشركة الإماراتية منافسة (دولفينوس)؟"، مجيبا بقوله: "الأمر صعب للغاية ويثير علامات الاستفهام".
وقال إن "السبب الظاهر لخروج الشركة بعد غلق بئر العريش، ليس كافيا فكل شركات الغاز والبترول تحفر آبارا قد تنجح وقد تفشل، ولكن الغريب هو مغادرة الشركة السوق المصرية رغم ما لها من استثمارات بمناطق مصرية أخرى".
وختم بالقول: "كان يمكن لها أن تتخارج من المشروع وتقوم بإدخال شريك آخر لا أن تخرج من السوق كاملا".
لا شفافية ولا معلومات
وأشار الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري أشرف دوابة، إلى أزمة "نقص المعلومات وغياب الشفافية في مصر بمثل هذه الملفات وغيرها، ولذا لا يمكن الجزم برأي معين حول خروج دانة غاز من السوق المصرية".
ولم يرجح دوابة، احتمال تأثر الشركة الإماراتية بدخول الغاز الإسرائيلي إلى مصر، ومنافسة شركة دولفينوس المسنودة من جهات سيادية، مؤكدا لـ"عربي21"، أن "هناك تعاونا بين إسرائيل والإمارات حتى بقطاع الغاز".
اقرأ أيضا: إسرائيل: نتعاون مع مصر بعشرات مليارات الدولارات بمجال الطاقة
وقال: "حتى نتكلم عن معلومات؛ فالإمارات لديها أولوية ومكانة داخل مصر ولا أحد ينكر هذا، والجزم بأن شركتها انسحبت من مصر لوجود أولوية لشركة أخرى، فأقول إنه توجد توازنات يتم مراعاتها بهذا الأمر".
وأضاف: "قد يكون هناك نوع من الصراع بين جهات سيادية فضلت شيئا على شيء، ولكن لا نستطيع الجزم بذلك".
لكن الخبير الاقتصادي أكد أن تخارج الشركة الإماراتية من السوق المصرية بالكامل له تبعات سلبية على الاستثمار بقطاع الغاز والنفط في مصر وكذلك الاستثمار بشكل عام.
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، يعتقد الخبير الاقتصادي محمود وهبه، أن انخفاض أسعار البترول هو سبب انسحاب "دانة غاز" أكبر شركة تنقيب بالشرق الأوسط من مصر، متوقعا ألا تكون الشركة الأخيرة التي تنسحب.
موقع إسرائيلي: الأردن هو الخاسر الأكبر من "صفقة القرن"
تخوف أردني من ليلة إعلان صفقة القرن.. وحراك لمواجهة الضغط