تعرضت شعبية اللاعب المصري محمد صلاح لاختبارات حقيقية في الأسابيع الأخيرة، فبعد أن كان نجم نادي ليفربول الإنجليزي أحد أبرز الشخصيات المحبوبة لدى المصريين، واختارته مجلة "تايم" الأمريكية العام الماضي من بين أكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم، بات كل موقف يتخذه صلاح، وكل صورة ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تجلب له انتقادات لاذعة وتعليقات سلبية بالجملة.
وأثار هذا التطور في العلاقة بين صلاح والجماهير المصرية تساؤلات حول سبب هذا التدهور، بعد أن كان معشوقا لهم، وهل يتدارك صلاح الموقف قبل أن تتحول العلاقة من الحب إلى الكراهية؟ أم أن الأمر وصل إلى طريق اللارجعة؟
انتقادات متتالية
وخلال السنوات القليلة الماضية، تهافتت كبرى الشركات التجارية العالمية على محمد صلاح ليكون وجهها الإعلاني، بغرض الاستفادة من شعبيته الطاغية وحب المصريين والعرب له، بعد أن أصبح أحد أهم لاعبي العالم، ونجح في إحراز العديد من الجوائز الجماعية والفردية، منها بطولة دوري أبطال أوروبا مع فريق ليفربول ولقب هداف الدوري الإنجليزي خلال الموسمين الأخيرين، بجانب تتويجه بلقب أفضل لاعب في قارة أفريقيا مرتين متتاليتين.
لكن صلاح الذي وصل إلى مكانة لم يبلغها قبله لاعب كرة قدم مصري من قبل، بات يعاني في الفترة الأخيرة، خاصة بعد مشاركته مع منتخب مصر في بطولة كأس الأمم الأفريقية الأخيرة التي استضافتها بلاده، والتي مثلت نقطة تحول رئيسية في علاقته بالجماهير، بسبب ما شهدته من خروج مهين للفريق المصري على يد جنوب أفريقيا في دور الستة عشر للبطولة بعد أداء مخيب للآمال.
وخلال هذه البطولة، تعرض صلاح لعدة أزمات مع الجماهير لم يتعرض لها منذ بداية مشواره مع النجومية، بدأت بانتقاد أدائه الهزيل مع المنتخب، ثم الهجوم الكبير الذي تعرض له من الجماهير حينما دافع عن زميله في المنتخب عمرو وردة، المتهم بالتحرش، والذي انتشرت له عدة فيديوهات غير أخلاقية.
وحينما أحرز صلاح هدفا في مرمى أوغندا في المباراة التالية بالبطولة، احتفل به بطريقة اعتبرها الكثيرون مستفزة، حينما وجه إشارات استياء إلى الجماهير الحاضرة في الملعب.
وعقب خروج منتخب مصر من البطولة، اكتفى صلاح بتغريدة عبر تويتر، أعرب فيها عن حزنه، وتمنى التوفيق للمنتخب في المرات المقبلة، واستمر بعدها في الاستمتاع بإجازته بشكل طبيعي دون مراعاة لمشاعر الجماهير الحزينة على هذه الخروج.
وكانت الصور المتتالية التي نشرها صلاح من إجازته مستفزة للجماهير، بحسب البعض، ولعل أبرزها صورته وهو يستحم تحت "الدش" والابتسامة تعلو وجهه، وهو ما تسبب في ردود فعل غاضبة وانتقادات لاذعة من جانب متابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
"جماهير عاطفية"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة أسيوط، طه أبو حسين، إن الجماهير، خاصة العربية، تنظر إلى الأمور في الغالب نظرة عاطفية وليست عقلانية.
وأضاف أبو حسين، في تصريحات لـ"عربي21"، أنه في الوقت الذي يهاجم قطاع كبير من الجماهير محمد صلاح، نجد أن نادي ليفربول يرفع راتبه بشكل كبير، ليجعله صاحب أعلى راتب في الدوري الإنجليزي، ما يعني أن النادي الذي يقيم الأمور تقييما عقلانيا مدروسا يعرف قيمة هذا اللاعب جيدا ويقدره ماديا.
وأوضح أن هذا لا يمنع أن اللاعب محمد صلاح وقع في بعض الأخطاء التي أثرت في شعبيته في الفترة الأخيرة، بعد نشر بعض الصور التي جلبت له الكثير من الانتقادات بسبب تعارضها مع القيم والتقاليد العربية، على الرغم من أن جزءا كبيرا من شعبيته تكونت من تمتعه بالمهارة بجانب الأخلاق وأعمال الخير التي أشتهر بها.
ولفت إلى أن صلاح خانه التوفيق أيضا حينما نشر بعض الصور من إجازاته بعد ساعات قليلة من الخروج من البطولة الأفريقية، وهو ما فسره البعض بأن اللاعب يخرج لسانه للجماهير التي وجهت له النقد وحملته مسؤوليته الهزيمة.
"لا تذبحوه"
من جانبه، قال الخبير الإعلامي مجدي مكاوي إن صلاح لم يحقق هذه الشعبية الجارفة بسبب موهبة في كرة القدم فقط، بل أيضا بسبب ذكائه الاجتماعي ومواقفه الجيدة خارج الملاعب، التي جعلته معشوق الجماهير المصرية والعربية.
وأضاف مكاوي، لـ "عربي21"، أن صلاح يتعرض لضغط كبير لأول مرة من الجماهير المصرية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث صب مستخدموها غضبهم عليه، وحملوه مسؤولية خروج المنتخب من البطولة الأفريقية على أرضنا، حيث كانت الجماهير تعول كثيرا عليه في تحقيق اللقب واستعادة الأمجاد الأفريقية من جديد.
وحول المنشورات والصور التي ينشرها صلاح على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، قال إن الأمر لم يعد مجرد تعبير عن الرأي أو نشر صورا شخصية لمشاركتها مع الأصدقاء، بل إن هناك مؤسسات وشركات عالمية تدفع للمشاهير، ومن بينهم صلاح، أموالا مقابل نشر صورا أو تدوينات معينة.
وأشار إلى أن محمد صلاح يربح 165 ألف دولار من أي صورة ينشرها على "إنستجرام"، حيث يتجاوز متابعوه 30 مليون شخص، وهو ما جعله يحتل المركز الـ12 ضمن أبرز الشخصيات الرياضية حول العالم لعام 2019، بحسب إحصائية صادرة اليوم الأربعاء وفقا لعدد المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي كما تمنح الكثيرين الشهرة والأموال، إلا أنها أيضا قاسية في تقلباتها، فهي يمكن أن ترفع أحد المشاهير إلى السماء، ثم تهوي به إلى الأرض في يوم واحد، مطالبا المصريين بعدم ذبح صلاح وتحميله بمفرده مسؤولية فشل المنظومة الكروية في مصر، أو نسيان عشرات المواقف الجيدة له في مقابل بعض الأخطاء الصغيرة.
جدل في مصر حول "فضيحة اعتذار" لاعبي المنتخب في إعلان (شاهد)
المزروعي يشمت بخسارة مصر وينشر صورة مسيئة لصلاح (شاهد)
هاني شاكر يعلّق على خسارة مصر ويشتم اتحاد الكرة