نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمحامي في نيويورك جون كونوي، يقول فيه إن دونالد ترامب هو رئيس عنصري، وليس هناك جدال في هذا الأمر.
ويبدأ كونوي مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "حتى هذا اليوم أتذكر المكان الذي حدثت فيه هذه الحادثة: موقف سيارات لمتجر في شرقي ماساسوشيتس، كان هذا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ولم أكن قد وصلت سن النضج، أو حتى وصلت إلى ذلك العمر، لكنني لا أتذكر السبب الذي عجل بغضب المرأة، ولم أنس ما قالته لوالدتي التي وصلت إلى الولايات المتحدة من الفلبين قبل ذلك بعقود، وفي تلك العبارات قالت كلمات تشبه: عودي إلى بلدك".
ويقول جورج كونوي، وهو زوج مستشارة الرئيس كيليان كونوي: "أتذكر الحادث، لكنني لم أهتم به كثيرا، ولا بالشتائم العنصرية التي كانت نادرة، ولم تكن هذه تثير قلقي؛ لأن معظم الأمريكيين لم يكونوا كذلك، وكانت المرأة في موقف السيارات فقط غليظة وجاهلة ومنحرفة، فأمريكا وعدت بالمساواة، وهو ما ينص عليه دستورها، وما قرأته في كتب المدرسة، ولم يكن البلد كاملا، لكن مُثُلُه كانت كذلك، وفي كل يوم كنا نقترب من هذه المُثُل".
ويضيف الكاتب: "بالنسبة لولد، فإن الحادث يبدو بعيدا عندما تنبأ أحد أحفاد العبيد قبل خمسة أيام من مولدي، أن أولاده الأربعة سيعيشون في بلد لن يحكم فيه عليهم بناء على لون بشرتهم، لكن بناء ما تحمله شخصيتهم، وكنا نقترب من هذا إن لم نكن قد وصلنا فعلا إلى هناك".
ويتابع كونوي قائلا: "لم أكن أفهم لماذا كانت الكليات تطلب من المتقدمين تعليم مربعات في طلبات الالتحاق مخصصة للعرق والإثنية، فأنا جزء من الإيرلنديين والأسكتلنديين، وكنت أحتار أي مربع؟ فهل علي وضع علامة عليها جميعا؟ وهل سيساعدني هذا أم سيضر بي؟ لا داعي للقلق فهذه المربعات ستنتهي يوما ما".
ويشير الكاتب إلى سذاجته عندما كان طفلا؛ لأن المرأة التي شتمت والدته لم تكن العنصرية الوحيدة، "فمثلها الكثيرات، ولم يختفين، فهن اليوم يشاركن في المسيرات، وينشرن الكلام القبيح على (فيسبوك) أو (تويتر)".
ويلفت كونوي إلى أنه "بالنسبة لضحايا الاضطهاد التاريخي، فإن مظاهر حنقهم لم تختف أبدا، مهما كانت الأفعال التي اتخذتها الحكومة لوقف التمييز ضدهم، وهذا بسبب العينات العنصرية، مثل المرأة التي شتمت والدتي في موقف السيارات عندما كنت ولدا صغيرا، ومع مرور الوقت تحولت مظاهر السخط لاتهامات بالعنصرية الممأسسة والتمييز الخاص بالبيض، وهو ما قاد بالضرورة إلى سخط مشابه".
ويتساءل الكاتب: "لماذا على أبناء عائلة بيضاء غير غنية لم تتفوه أبدا بشتائم عنصرية ولم تملك عائلتها في تاريخها عبدا، أن تضع علامة على مربع يحدد هويتها العرقية (البيضاء المميزة)، ولماذا يوصم أشخاص مثلي بالعنصرية، مع أن كل ما فعلته هو عدم التدخل في شؤون غيري؟".
ويقول كونوي: "كم كنت ساذجا في نضجي؛ لأن الدعوة التي طالت مكان ميلاد الرئيس باراك أوباما، لم تكن سوى نظرية مؤامرة ساذجة اخترعها من يريدون الظهور ولديهم ولع به، وكذلك حادث القاضي المكسيكي غونزاليز بي كوريل، الذي لم يكن سوى هجوما أبله وغير مناسب ورهيبا على القضاء من رجل متمحور حول ذاته، اعتقد أن القاضي لا يحبه، في إشارة إلى تصريحات ترامب أن أصل القاضي المكسيكي يجعله غير مؤهل لتولي قضية تتعلق بواحدة من شركاته، ولا تنس تصريحاته في تظاهرات المتفوقين البيض في شارلوتسفيل، التي أشار فيها إلى الذين يعرفون أنفسهم بالنازيين الجدد بالرجال الأخيار، وقارن بين الطرفين المتنازعين حول تمثال بالمستوى ذاته، وعبر عن غضبه لأنه تعرض للانتقاد".
ويضيف الكاتب: "لا أعتقد أن ترامب كان غبيا وغير حاضر البديهة وتنقصه الحيوية والنرجسية وغير حساس، بل كان بلطجيا مثيرا للشفقة، فبطريقته الفظة والمعروفة، فهو يهاجم أي شخص يعتقد أنه ناقد له، ومهما شعرت أنه غير صالح للحكم، إلا أنني اختلقت له الإعذار والشكوك حول عنصريته، ومهما وصلت درجة كراهيته عندي، فإنني كنت أحاول دفع التفكير عن الرئيس الأمريكي بأنه عنصري جاهل".
ويستدرك كونوي: "لكن يوم الأحد لم يدع لي مجالا للشك، فقد امتزجت السذاجة والسخط والعنصرية الصارخة في مزيج سام، وأعطتنا الرئيس العنصري، كان باستطاعة ترامب استخدام الشتائم الحقيرة، بما فيها أحقرها ولم يكن يغير هذا من الواقع، وأن يقول لأربع نساء ملونات وعضوات في الكونغرس، ثلاث منهن مولودات في أمريكا، إن عليهن (العودة إلى الوطن الأصلي) فهذه عنصرية في الجوهر، ولا يهم ماذا تدافع عنه هذه النساء أو ضده -وهناك الكثير من النقد الذي يمكن أن يوجه لهن- فما قاله يظل خارج حدود اللباقة الإنسانية، لأي شخص وللرئيس بالذات".
وينتقد المحامي الصمت من قادة الحزب الجمهوري والمسؤولين في الإدارة، "فقد صمتوا ليس لأنهم متفقون مع ترامب، فهم يعرفون هذا، وهم صامتون لمعرفتهم أن ترامب عنيد وسيعرضون أنفسهم لتصريحاته المتوحشة، ونظرا لأنهم يعرفون أنه غبي، فهم لا يتعاملون مع كلامه بجدية، أو لأنهم عارفون بالضرر الذي يتسبب به ترامب للحزب، فهم لا يريدون الظهور بمظهر من يساعد أعداءهم السياسيين، وربما لمعرفتهم بانتقام ترامب وعناده وميله للدمار الذاتي، فهم لا يريدون في هذه الحالة تعريض أنفسهم لغضبه".
ويختم كونوي مقاله بالقول: "هذا كله ليس جيدا، فترامب ليس مجرد شخص في موقف سيارات يشعر بالمرارة، بل هو رئيس الولايات المتحدة، ومن مكتبه يتحدث للبلد، فما هو على المحك اليوم ليس التخفيضات الضريبية أو القضاة أو التنظيمات أو موضوع آخر، بل قيم الأمة وروحها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
هافنغتون بوست: إلهان عمر أمريكية قبل السيدة الأولى ميلانيا
واشنطن بوست: كيف بدت بشاعة ترامب في تغريداته العنصرية؟
نيويورك تايمز: تغريدات ترامب عنصرية وفصل أسود بتاريخ أمريكا