نشر موقع "ميديابار" الفرنسية تقريرا
سلّط فيه الضوء على عملية المراقبة التي تتم في المطارات، والتي باتت وسيلة للتجسس
وجمع المعلومات والبيانات الخاصة بالمسافرين.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إنه بتعلة منع الهجمات وفي إطار مكافحة الإرهاب، يقوم أقرب
حلفاء فرنسا بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل، باستغلال بعض التدابير الأمنية في
المطارات لصالح التجسس الصناعي. وبين شهر كانون الأول/ ديسمبر 2018 ونيسان/ أبريل
2019، لفتت المديرية العامة للأمن الداخلي انتباه السلطات العامة في مناسبات عديدة
إلى الخطر الذي تمثله "التدابير الأمنية الجوية" التي يتخذها حلفاء
فرنسا.
وفي ملاحظات مختلفة تم التكتم عن أصحابها من
أجل تجنب تصنيفها ضمن معلومات "سرية خاصة بوزارة الدفاع" ما قد يُقيد
نشرها داخل الإدارة، تُفصل أجهزة المخابرات كيف غيرت بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة
وإسرائيل، مسار تدابيرها الأمنية لاستغلالها في التجسس الصناعي داخل حدودها.
وينطبق الأمر ذاته على المطارات الفرنسية، خاصة منها مطار باريس شارل ديغول، وكل
ذلك يندرج في إطار حربها على الإرهاب.
وذكر الموقع أن كل الانتهاكات التي تحدث في
المطارات من عرقلة تحركات المسافرين، وجمع بياناتهم خلال عمليات المراقبة الجمركية
أو تلك التي تقوم بها شركات الطيران، تعتبر مسموحة. وفي غضون شهرين من التحقيق
والاجتماعات مع المحاورين في كل من القطاعين العام والخاص، يكشف موقع ميديابار
أبرز حلقات هذه الحرب السرية بين حلفاء مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن التهديد الذي تشكله الخلايا
الجهادية على عمليات النقل الجوي ليس مجرد رؤية نظرية تفتقر إلى إثباتات ملموسة،
وخير دليل على ذلك هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. وفي 25 كانون الأول/ ديسمبر
2009، حاول طالب نيجيري، دون جدوى، تفجير البنتريت الموجود في سرواله الداخلي على
متن رحلة من أمستردام إلى ديترويت. وبعد ذلك بسنة واحدة، كان تنظيم القاعدة في
جزيرة العرب يخبئ قنابل في خراطيش طابعة على متن طائرة متجهة إلى شيكاغو. وقد
اكتُشف أمرها في اللحظات الأخيرة.
وفي شهر شباط / فبراير 2016، انفجرت قنبلة
وُضعت في جهاز كمبيوتر محمول في طائرة في منتصف الرحلة، مما اضطر الطائرة إلى
الهبوط في حالات الطوارئ في مقديشو، مكان انطلاقها منذ 15 دقيقة. وقد أسفر هذا
الهجوم الفاشل عن إصابة ضحية واحدة. وبعد بضعة أسابيع، لاحظت المديرية العامة
للأمن الداخلي "درجة المهارة العالية التي يتمتع بها المنفذون، القادرين على
تصميم متفجرات مبتكرة، غير معدنية ولا يمكن الكشف عنها خلال عمليات التفتيش
الأمنية في المطارات".
إقرأ أيضا: الصين تنتهي من بناء أكبر مطار في العالم (فيديو)
ونوه الموقع بأنه في مواجهة استمرار هذا
التهديد، تبنت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة عقيدة مماثلة لتلك التي تعتمدها
إسرائيل، والتي فرضت، ردا على عمليات اختطاف الطائرات في سبعينيات القرن الماضي،
عمليات مراقبة داخل جميع المطارات التي ترغب في إقامة روابط مع إسرائيل. وبالنسبة
للأمريكيين، يتعلق الأمر بنقل المراقبة إلى حدود نقاط انطلاق الرحلات وليس وصولها.
ومنذ ذلك الحين، يطبق البريطانيون ذلك في محطة الشمال في تعاملهم مع ركاب
يوروستار.
ونقل عن أوليفييه شوبان، الباحث في مدرسة
الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية والمؤلف المشارك في كتاب "مخابرات
وأمن"، أن "الحدود اليوم لم تعد عبارة عن خط يمتد لمئات الكيلومترات، بل
نقطة عبور. وتتركز تدفقات أولئك الذين يدخلون وأولئك الذين يغادرون البلاد في
المطار والمحطة والميناء، وبالتالي تشكل مساحات تتسع فيها رقعة المراقبة. ويرتبط
الأمر باكتشاف وسائل التهديد القادم من خارج حدودنا".
في مطار باريس شارل ديغول، يسافر حوالي 70
مليون مسافر سنويا، متنقلين أو عائدين من 330 مدينة في جميع أنحاء العالم. وتتم
مراقبة 70 مليون شخص، من مسؤولين وموظفين، يتم تفتيش أمتعتهم وأجهزة الكمبيوتر
الخاصة بهم والأجهزة اللوحية والهواتف التي تخفي الكثير من الأسرار حول شركاتهم
وإداراتهم. وتأسف مصادر من المديرية العامة للأمن الداخلي من أن "التدابير
الأمنية التي تطبقها بعض الدول تعتبر فرصة لالتقاط البيانات الشخصية أو السرية
التي يمتلكها المسافرون".
وأضاف الموقع أن جمع البيانات يبدأ حتى قبل خطو
الخطوات الأولى داخل المطار، إذ توفر الولايات المتحدة، وكذلك كندا وأستراليا،
تسهيلات دخول إلى ترابها مقابل مدهم بمعلومات شخصية ومهنية دقيقة بشكل خاص. كما
يمنح برنامج إدارة أمن النقل "المسافرين الموثوق بهم" (وهم الذين أجابوا
على كل الأسئلة) حق عدم خلع أحزمتهم أو أحذيتهم أو ستراتهم، فضلا عن عدم عرض
ممتلكاتهم الرقمية أثناء عملية المراقبة التي تقوم بها مصالح الجمارك الأمريكية.
وتمنح شكليات التسجيل في شركة طيران فرصة ذهبية
لخدمات المخابرات لتكملة بياناتهم. وفي كتابه "الحروب السرية للموساد"،
يروي إيفونيك دينول كيف اخترق جهاز المخابرات السرية نظام معلومات الخطوط الجوية
الفرنسية للعثور على عنوان زبون منتظم يرغب جواسيس إسرائيل في تخويفه. ويشكل كل من
الانتظار والخوف من التأخر عن الطائرة أرضا خصبة لممارسة الضغط على الأشخاص المقرر
استهدافهم.
وفي الختام، تطرق الموقع إلى أن
"العال"، وهي شركة الطيران المفضلة لدى الموساد، هي الشركة التي اختارها
جهاز المخابرات لتهريب مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان إلى إسرائيل، كما أن
موظفيها يتم تدريبهم من قبل ضباط جهاز الأمن العام الإسرائيلي أو الشاباك (وهو
جهاز المخابرات الداخلية لإسرائيل).