تثار التساؤلات، حول قرار حزب الله اللبناني، خفض قواته في سوريا، بالآونة الأخيرة، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها مؤخرا.
وكان الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، قد أعلن في خطاب انخفاض عدد قواته في سوريا، مشيرا إلى أنه "لا داعي للتواجد هناك بأعداد كبيرة طالما لا ضرورات عملية لذلك"، لافتا إلى أن مقاتليه لا يشاركون في المعارك التي تجري حاليا في إدلب.
وبحسب تقدير نصر الله، فإنه "حتى الساعة لا مصلحة لروسيا في أن تخرج إيران من سوريا"، منوها إلى أن "هناك حالة تنسيق كبيرة بين الجانبين الروسي والإيراني، وهما أقرب إلى بعض من أي وقت مضى (..)، وإن لم يكن هناك تطابق".
تصريحات نصر الله، جاءت بالتزامن مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران الحليف الاستراتيجي، بعد انسحاب واشنطن من اتفاق النووي، وما تلا ذلك من عقوبات على طهران، وتوترات متزايدة في بحر الخليج.
عوامل ميدانية
وفي هذا السياق، رأى الكاتب والمختص بالشأن اللبناني، قاسم قصير، أن هناك عوامل ميدانية، أدت لقرار حزب الله بخفض مقاتليه في سوريا، في أنه لم يعد حاجة لمقاتلي الحزب في العديد من الجبهات، بعد استعادة الجيش السوري قوته هناك.
اقرأ أيضا: "حزب الله" يعلن خفض قواته بسوريا وينفي قتاله بإدلب
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه بجانب الوضع الميداني، فإن العقوبات المفروضة على إيران، على الرغم من إنكار نصر الله ذلك، لها دور بقرار التخفيض، مستدركا أن الجانب الميداني هو السبب الرئيسي بذلك.
ورأى قصير، أن العقوبات الأمريكية على إيران لم تؤثر على مقدرات الحزب الأساسية، إلا أن تراجع الموازنات المالية بسبب تلك العقوبات، تجعل الحزب يقوم بترشيد المصاريف، وإعادة النظر بالتموضع في سوريا، مؤكدا على أن الأسباب الرئيسية الدافعة لتواجد مقاتليه في سوريا مازالت مستمرة.
تخوفات ولكن
وحول مدى علاقة قرار تخفيض القوات بسوريا، للاستعداد لأي لمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، أشار الكاتب اللبناني، إلى أن الحزب كان لديه تخوفات منذ أقل من عام بعدوان إسرائيلي جديد، وهناك استعدادات للحزب للتجهز لأي مواجهة بالمستقبل.
واستدرك قصير، بأن الحسابات السياسية هناك استبعاد لدى الحزب بحصول أي مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي بالأفق المنظور.
حالة الاستنزاف
من جهته قال المختص بالعلاقات الدولية، علي باكير، إن مجموعة من الأسباب التي جعلت الحزب يخفض تواجد مقاتليه في سوريا، أهمها العنصر المالي وحالة الاستنزاف في مقدراته هناك في المرحلة الماضية، إلى جانب عنصر متعلق بأجندة إيران في مرحلة ما بعد سيطرة نظام الأسد على أجزاء واسعة من سوريا، إلى جانب عنصر متعلق بالوضع الداخلي اللبناني.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن أولوية إيران، بعد حقبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وانسحاب واشنطن من اتفاق النووي، تتطلب إعادة ترتيب أوراقها الإقليمية بما في ذلك حزب الله، الذي عاد لتحصين نفسه من خلال الاحتماء مجددا بالشرعية التي يؤمنها له الانخراط بالسلطة اللبنانية والعملية السياسية.
اقرأ أيضا: نصرالله : هكذا سنقصف ونتحرك ونفاجئ إسرائيل إذا هاجمتنا
العقوبات على إيران
وأوضح باكير، أن العقوبات على إيران، أثرت بشكل كبير وسلبي جدا على مقدرات حزب الله، مستشهدا بحديث الأمين العام للحزب واعترافه صراحة وعلنا بعد إنكار إمكانية تأثر الحزب بتلك العقوبات، لافتا إلى مناشدات لحاضنته بالتبرع وجمع الأموال.
وأشار إلى إمكانية اندلاع مواجهة بين الحزب و"إسرائيل"، لكنه رأى أنه إذا تسبب بحرب معها فإن تكاليفها هذه المرة ستفوق كل التوقعات، منوها إلى أنه لن يكون أحد في لبنان بقادر على تحمل أعبائها أي مواجهة سواء الدولة أو المناصرين للحزب أو معارضيه، مما سيضعه في مأزق غير مسبوق.
لماذا غابت إيران ومليشياتها عن معارك ريف حماة؟
هل أطاح صراع الروس والإيرانيين في سوريا بجميل الحسن؟
هل يتطور التوتر بين روسيا وإيران إلى مواجهة مسلحة بسوريا؟