أثارت التهديدات التي أطلقها اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، ضد تركيا وشركاتها وطيرانها القادم إلى ليبيا، ردود فعل غاضبة وتساؤلات حول قدرة الجنرال الليبي حتى الآن في تحدي دولة عضو في حلف الناتو، وما إذا كان فعليا يستطيع ضرب الشركات والطيران المدني القادم إلى بلاده.
وأصدر حفتر أوامره بضرب "السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وكافة الأهداف الاستراتيجية التركية" على الأراضي الليبية من شركات ومقار ومشروعات، معتبرا ذلك ردا على تدخل حكومة أنقرة في ليبيا ودعمها للطرف المعادي له، وفق كلامه.
وقف الطيران
وقال أحمد المسماري، المتحدث باسم حفتر إن "الأوامر صدرت لقواتنا الجوية باستهداف السفن والقوارب داخل المياه الإقليمية، وللقوات البرية باستهداف كافة الأهداف الاستراتيجية التركية، وأن أي مشروعات للدولة التركية هي أهداف مشروعة لقواتنا المسلحة".
واتّهم "المسماري" تركيا بدعم قوات حكومة الوفاق الليبية في استعادة السيطرة على مدينة "غريان" التي كانت مقر عمليات حفتر المركزية في معاركه جنوب طرابلس، والتي تعتبر ضربة موجعة له.
فما تداعيات هذه التهديدات وجديتها وقدرة الجنرال "المنهزم" حتى الآن في استهداف مشروعات لدولة عضو في حلف الناتو وعدة منظمات دولية؟
تهديد أجوف
من جهته، قال الباحث الليبي ورئيس مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان، عماد الدين المنتصر، إن "كلام حفتر ومتحدثه ما هو إلا تهديد أجوف يحاول به الأخير أن يبعد أنظار مؤيديه عن مسؤوليته الشخصية عن الفشل الذريع الذي لحق به في مدينة غريان".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي 21" أن "حفتر لا يمتلك القدرة العسكرية أو الإرادة السياسية لمواجهة دولة بحجم تركيا، أو استهداف طائراتها وسفنها وشركاتها، لأن الأخيرة سترد عليه باستهداف مركز قيادته في "الرجمة" وإزالته من الوجود"، حسب وصفه.
وتابع: "أما بخصوص منع الرحلات الجوية للمنطقة الشرقية وتأثيره، فلن يحقق إلا مزيدا من المعاناة للمدنيين الذين سيضطرون للسفر إلى تركيا عن طريق مسارات أخرى غير مباشرة".
تدهور اقتصادي
وقالت الناشطة من الشرق الليبي، هدى الكوافي، إن "التأثير من وراء هذه التهديدات سيكون اقتصاديا في المقام الأول، كون أغلب الأسواق خاصة في الشرق الليبي تعتمد على الاستيراد من تركيا كون المنتجات التركية تحوز على ثقة المواطن الليبي، لذا سنرى ارتفاعا في الأسعار ما يسبب ضغطا أكثر على الشعب".
وأضافت لـ"عربي21": "أما تهديد حفتر للطائرات والسفن القادمة من تركيا فهو تهديد غير جدي، وإذا فعلها ستكون مغامرة غير محسوبة المخاطر، وقد تحول المنطقة لساحة حرب نتائجها ستكون كارثية، والخلاصة أن المواطن هو الخاسر الأكبر وكلما استمر سكوته على هذه القرارات كلما زادت خسارته"، وفق تقديرها.
تضرر أهل الشرق
وأكد الناشط والمدون الليبي، مصطفى شقلوف، أنه "بحكم تواجد وسيطرة "المشير حفتر" على المنطقة الشرقية فهو قادر على تنفيذ قرار منع الرحلات بين المدن الشرقية واسطنبول، لكن تهديده للناقلات والسفن التركية فهذا أمر صعب على دولة جريحة كليبيا لا يوجد بها من يستطيع بسط كامل نفوذه عليها".
واستدرك قائلا: "ناهيك طبعا عن كون تركيا عضو فاعل وثاني أكبر قوة في حلف "الناتو" وهو ما يصعب مواجهتها أو تحديها، وكل هذه الخطوات ستعود –للأسف- بالضرر الكبير على أهل الشرق كون أغلبهم يسافر إلى اسطنبول للتجارة أو السياحة أو العلاج، وبعد القرار سيضطرون للذهاب إلى مصر أو تونس أو طرابلس أو مصراتة حتى يمكنهم الوصول إلى الأراضي التركية وهذه معاناة كبيرة".
وبخصوص تأثير القرار من الناحية الاقتصادية والتجارية، قال شقلوف لـ"عربي21": "حتى الآن لا يوجد قرار رسمي بهذا الأمر، وكله مجرد خطاب إعلامي، لذلك يصعب التنبؤ بتأثيره اقتصاديا، لكن ظني أن السياسيين يفصلون جيدا بين الاقتصاد والسياسة".
تراجع وتهديدات كوميدية
ووصف المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، التهديدات التي أطلقها حفتر ضد تركيا بأنها تهديدات "كوميدية" ومضحكة، "فلا هو ولا داعموه الإقليميون "الإمارات والسعودية ومصر" يملكون الجرأة أو القدرة على استهداف أي مصالح لدولة ذات قوة ضاربة تجاوزت حدودها الإقليمية"، كما عبر.
وتابع لـ"عربي21": "هذه التهديدات وخاصة قرار إيقاف الطيران سيتسبب له في إشكالية كبيرة مع الحاضنة الاجتماعية له في الشرق لوجود عمليات تجارية واستيراد كبير من تركيا، والتي لا تشكل شيئا في الميزان التجاري التركي لكنها تعتبر كل شيء لتجار شرق ليبيا، وأتوقع تراجعه عن هذا القرار"، حسب رأيه.
اعترافات خطيرة لضابط بقوات حفتر جرى أسره في غريان (شاهد)
ماذا تعني خسارة حفتر لمدينة "غريان" القريبة من العاصمة؟
ما مدى نجاح مبادرة "السراج" للحل في ليبيا؟