رحل عن عالمنا أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيًا، الدكتور محمد مرسي، وهو في سجنه دون أن تلين له قناة أو تنثني عزيمته، مات صامدًا واقفًا بين جلاديه الظلمة من العسكر، وأدواتهم من القضاة الذين خانوا منصّة العدالة، الذي من المفترض أنهم جاؤوا لرفعتها، ونصرة المظلومين على الظلمة الفاسدين!
انقلاب مدبّر
رحل عن دنيانا الرئيس مرسي، بعد أن حاول كشف الحقيقة للشعب المصري وللعالم، الحقيقة التي تؤكد إجرام السيسي ومن معه في حق مصر، والمنطقة كلها.
الحقيقة التي يعرفها الداني والقاصي أن السيسي رتّب منذ فترة للانقلاب على المسار الديمقراطي، واستخدم كل الوسائل الخبيثة والقذرة لسلب مصر حريتها وكرامتها، وتسليمها طواعية لأعدائها.
مثّل استشهاد الرئيس محمد مرسي في محبسه، انطلاقة ونفرة لكل الشعوب العربية والإسلامية، وكل الأحرار في العالم
بقايا من شرف وكرامة
وفي الحقيقة لن يستطيع السيسي، وابن زايد، وابن سلمان، ومن يدعمهم من الصهاينة والأمريكيين، نزع الروح التي تسري في نفوس كل الشرفاء والأحرار في مصر والعالم العربي، الذين يواجهون بصدورهم العارية شتى أنواع الظلم والجبروت الذي يمارسه هؤلاء الفسدة باستخدام المال الحرام، والآلة الإعلامية الجهنمية، ومقدرات الشعوب، لسلبهم الحرية والكرامة.
أقول: على الرغم من كل هذه المعاناة التي تعيشهاالشعوب العربية في مصر وليبيا وسوريا واليمن، وباقي دول المنطقة من كيد الكائدين ومكر المتجبّرين، والتحديات الكثيرة، إلا أنه لا تزال في الشعوب بقية من شرف وكرامة ونخوة.
من مِنَّا كان يتصور أن يخرج الشعبان السوداني والجزائري على الطغمة الحاكمة الظالمة هناك، والتي جثمت على صدورهم لعقود من الزمن، ولا يزال الحراك مستمرا، ولن تنقطع الأنفاس، ولن تنعدم الروح في نفوس الأحرار لنيل الكرامة والحرية كاملة.
هل يمكن أن تكون رمزية مرسي وسيلة لعودة الروح إلى الشعوب العربية؟
لقد مثّل استشهاد الرئيس محمد مرسي في محبسه، انطلاقة ونفرة لكل الشعوب العربية والإسلامية، وكل الأحرار في العالم، بل والكثير ممن اختلفوا معه سياسيًا، عبّروا عن غضبتهم لما قام به العسكر الخونة في مصر، ولم يكن الخلاف السياسي حائلاً لمواجهة هذه الطريقة البشعة التي يمارسها السيسي في التخلص من معارضيه، بعد أن استولى على السلطة بانقلاب عسكري دموي، مدعوم من الصهاينة والأمريكيين.
أقول: لابد أن يشكل استشهاد الرئيس مرسي بهذه الطريقة البشعة؛ نقلة نوعية وكبيرة في طريقة تعامل الشعوب العربية مع هذه الطُغمة الحاكمة، التي استولت على مقدّرات الشعوب، وتبذل كل الوسائل لزيادة ذل وقهر واستعباد كل من يبحث عن الحرية والتغيير، ومواجهة الفاسدين المستبدين، ومن أهم هذه الوسائل:
أولًا ـ على المستوى الحقوقي: مطالبة الهيئات والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي، على الرغم من ازدواجيته، بإجراء تحقيق دولي في الجريمة البشعة التي ارتكبها السيسي، ومن معه للتخلص من أول رئيس مدني اُختير بشكل ديمقراطي بعد ثورة شعب عانى كثيرًا من الظلم والاستبداد، واستخدام كل الوسائل القانونية لفضح نظام السيسي في التعامل مع معارضيه؛ بداية من المحاكمات الهزلية لعشرات الآلاف، وانتهاك حقوقهم القانونية والإنسانية، وانتهاءً بقتل المئات منهم بالإهمال الطبي في السجون غير الآدمية، أو تصفيتهم بدم بارد، وتوثيق كل ذلك. فما ضاع حق وراءه مطالب.
ثانيًا ـ على المستوى الإنساني والاجتماعي: بذل كل الجهود للتعريف بكل المظلومين في سجون (السيسي وابن زايد وابن سلمان)، فالكثير منهم يعانون من أوضاع غاية في السوء، وإهمال متعمد من الناحية الطبية، بل التعذيب المُمنهج في التعامل معهم، واستخدام كل وسائل التنكيل في مواجهتهم، والكثير منهم من رموز وعلماء الأمة المشهود لهم بالعلم والوسطية. وللأسف لم يكتف هؤلاء الفسدة المستبدين بسجنهم وتغييبهم، بل يتتبعون الأسر والأولاد، ويعاقبونهم بمنع الزيارات لذويهم في السجون، وإدخالهم في دوامة لا تنتهي من القهر والذل، مع منعهم من السفر، والتضييق عليهم في الأرزاق، وتشويه صورتهم، وتعقُبهم بشكل مستفز.
ثالثًا ـ على المستوى الإعلامي: تسليط الضوء بشكل دائم ومستمر على بصيرة، بكل الوسائل الإعلامية العامة والشخصية، على كل الجرائم التي يمارسها (السيسي، وابن زايد، وابن سلمان) في تدمير شعوب المنطقة لصالح أعدائهم، وسلب كل المقدرات والحقوق لتحقيق أغراضهم، ومحاربة كل من يسعى للتخلص منهم أو يعارضهم. ولا يخفى على أحد ما يبذله السيسي وداعموه في تدمير مصر وليبيا وسوريا، وما يقوم به ابن زايد من دعم مالي كبير لتطويع المنطقة برمتها للصهاينة، باستخدام كل الوسائل القذرة لتحقيق ذلك، ويسير على نهجه ابن سلمان في اليمن الذي دمّرها، وجعلها أرضًا محروقة على أهلها، وأصبحوا جميعًا للأسف، مطية للصهاينة والأمريكان، لتمرير مخططاتهم.
الأنظمة المستبدة على مدار التاريخ، وخصوصًا العسكرية منها، تستفيد من هذه الفرقة والتشتت لتمرير أجندتها،
مرسي الرئيس الشهيد.. غصن باسق في شجرة الخلود
وفاة الرئيس مرسي ومستقبل الثورة المصرية
الرئيس الإنسان محمد مرسي كما عرفته