نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لوزيرة العدل في حكومة الظل، ياسمين قريشي، تقول فيه إن الانتخابات الأوروبية التي جرت الشهر الماضي نظر إليها على أنها اختبار لمرونة الاتحاد الأوروبي.
وتشير قريشي في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الكثيرين شعروا بالارتياح بأن أحزاب اليمين المتطرف لم تحقق النجاح الذي كان متوقعا، ومع ذلك فإن القومية لا تزال في صعود في أنحاء القارة، والاتحاد الأوروبي ليس متفرجا بريئا".
وتقول الكاتبة: "ما جعلني أشعر بذلك هو اجتماع بين شخصين كارهين للإسلام، ففي ذلك اليوم التقت زعيمة ميانمار أون سان سو تشي مع نظيرها الهنغاري فيكتور أوربان، وكان في قمة أجندتهما نقاش خطورة (الزيادة المستمرة في أعداد المسلمين)، وهذا ليس مفاجئا، ففي الوقت الذي تشارك فيه أون سان سو تشي في عمليات (التطهير العرقي)، حيث لجأ حوالي 1.1 مليون من مسلمي الروهينغا إلى بنغلادش، فإن أوربان يقود من يعتقدون بالقصة الخيالية بأن المليونير اليهودي جورج سوروس يمول الهجرة الجماعية للمسلمين إلى أوروبا".
وتلفت قريشي إلى أن "الاتحاد الأوروبي ساعد الشخصين وحرضهما، فحزب (فيديسز) الحاكم الذي يقوده أوربان عضو منذ فترة طويلة في حزب الشعب الأوروبي المفروض أنه مؤيد للاتحاد الأوروبي، ومع أن عضوية الحزب علقت من حزب الشعب الأوروبي في آذار/ مارس، إلا أن (فيديسز) لم يطرد، ووصف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أوربان بأنه (بطل)، وفي الوقت ذاته يحرض الاتحاد الأوروبي على التعامل مع حليفة أوربان الجديدة في آسيا".
وتفيد الكاتبة بأنه "في اليوم ذاته الذي التقت فيه أون سان سو تشي مع أوربان، كان مسؤولو الاتحاد الأوروبي يلتقون بنظرائهم في المنتدى الاقتصادي لميانمار والاتحاد الأوروبي للحث على إنشاء (أجواء مشجعة على الاستثمار التجاري لجذب الاستثمارات الخارجية)".
وتقول قريشي إن "كلا من أون سان سو تشي وأوربان حبيبان لليمين الأمريكي المتطرف، وأشادت المتطرفتان البوذيتان آن كاوتلر وباميلا جيلر برئيسة وزراء ميانمار، وحملتا المسلمين مسؤولية العنف، بالإضافة إلى أن مراكز الأبحاث، مثل (مؤسسة التراث)، التي لها تأثير كبير على إدارة دونالد ترامب، أشادت بالقومية المتطرفة التي يمثلها أوربان، وعولت عليها لإحياء الإرث (اليهودي-المسيحي) الأوروبي".
وتنوه الكاتبة إلى أن "اليمين الأمريكي المتطرف يشكل قوة طاغية بين الحركات الشعبوية اليمينية في أنحاء العالم، وقد تم توجيه أصابع الاتهام لنظرية ما يسمى (بالاستبدال العظيم) في المذبحة التي ارتكبت ضد 51 شخصا في مسجد في كرايست تشيرتش في نيوزيلندا، وتقول النظرية بأنه (يتم استبدال الغالبية البيضاء في أوروبا بشكل ممنهج بأفارقة شماليين ومهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء، كثير منهم مسلمون، من خلال الهجرة الجماعية والنمو الديمغرافي".
وتجد قريشي أنه "مع أن النظرية بدأت في فرنسا، إلا أن مواقع إلكترونية أمريكية هامشية هي التي تبالغ فيها وتروج لها، من موقع (جهاد ووتش) الذي يقف خلفه روبرت سبنسر، إلى مركز السياسات الأمنية الذي يقف خلفه فرانك غافني، وكلاهما له علاقة بمسؤولين كبار في إدارة ترامب".
وتذكر الكاتبة أن "هذه الشبكات الأمريكية للتأثير شكلت تحالفات قوية عبر الأطلسي، مع أحزاب أوروبية يمينية متطرفة، حتى أن أحزاب الوسط تقليديا بدأت في استيعاب جزء من ذلك الخطاب والسياسات سعيا منها وراء الأصوات، وهو ما يؤجج استخدام المجازات الشائعة، التي تسللت إلى أعلى مستويات السياسية في الاتحاد الأوروبي، وتترتب على ذلك نتائج وخيمة".
وتستدرك قريشي بأنه "بالرغم من وجود مستويات قياسية من التمييز ضد المسلمين في التوظيف والتعليم والإسكان، فإن رد فعل الاتحاد الأوروبي لم يكن فعالا، بل إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا والنرويج والنمسا والدنمارك وبلجيكا وهولندا، تتسابق لفرض القوانين التي تميز ضد المسلمين في مجالات اللباس والجنسية والطعام".
وتقول الكاتبة إنه "حتى فيما يتعلق بالتجارة، فإنه يبدو أن الإسلاموفوبيا متفشية، وقد أجاز الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارية مع المغرب تضفي الشرعية على احتلاله غير القانوني للصحراء الغربية، وأحد شروط تلك الاتفاقية، التي ستتسبب بإفقار صيادي الإسماك الصحراويين، هو أن يعمل المغرب على حماية الحدود الأوروبية من هجرة المسلمين من شمال أفريقيا إليه".
وتشير قريشي إلى أن "الاتحاد الأوربي استهدف قبل ذلك بأشهر دولتين مسلمتين، ماليزيا وإندونيسيا، عندما منع استيراد زيت النخيل منهما ليستخدم وقودا حيويا، باعتبار ذلك يتسبب بتخريب الغابات، ويحذر العلماء من أن هذا القرار سيتسبب بمستوى أكبر من تخريب الغابات، حيث سيتحول الاتحاد الأوروبي إلى الزيوت النباتية، التي تحتاج إلى زراعة مساحات واسعة من الأرض بالنباتات المنتجة للزيت".
وترى الكاتبة أن "هذه السياسة تفتقر إلى الدقة، وبدلا من فرض قوانين تشجع الموردين على جعل الإنتاج مستداما، فإن مقاربة الاتحاد لا تهدد الكرة الأرضية فحسب، لكنها تهدد أيضا دخل ملايين المزارعين المسلمين الصغار".
وتجد قريشي أنه "مع ذلك، فإن موقف الاتحاد الأوروبي غير المتهاون مع ماليزيا وإندونيسيا لا يظهر في التعامل مع الصين، حيث يدفع الاتحاد نحو اتفاقية استثمار جديدة، بالرغم من سجنها لملايين المسلمين الإيغور في أكبر معسكرات اعتقال منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا الكيل بمكيالين دليل واضح على إسلاموفوبيا المؤسسات في الاتحاد".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "لدى بريطانيا تقليدا تفتخر به بهزيمة الفاشية، وهذا هو السبب بالضبط الذي جعلنا نساعد في إنشاء مشروع الاتحاد الأوروبي من الأساس، لكن عودة القومية المتطرفة تظهر بأن عدم الفعل ليس هو الحل، والطريق الوحيدة إلى الأمام هي العمل من داخل الاتحاد الأوروبي لتدعيم قيم الحرية والتعددية التي ساعدنا بأنفسنا على إيجادها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
إسرائيل تبيع سلعا تبرع بها الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين
NYT: الانتخابات تضع أوروبا على جبهة الحرب مع الشعبوية
WP: لماذا صمتت السعودية تجاه ما يجري لمسلمي الصين؟