مع ثاني حادثة خطيرة خلال شهر واحد فقط، تتعرض فيها ناقلات نفط لهجوم "غامض"، بمنطقة الخليج العربي، وقرب مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمر عبره خمس النفط العالمي، تصاعدت المخاوف العالمية من خطورة اندلاع "حرب ناقلات" جديدة.
وأثار تكرار الهجوم الذي استهدف ناقلتي نفط في خليج عمان قرب سواحل إيران، الخميس، مخاوف دولية واسعة، ليس فقط في أسواق النفط العالمية، بل امتدت لتشمل تأمين مسارات الملاحة العالمية، وتداعياتها على حركة التجارة الدولية.
وقالت رابطة ناقلات النفط العالمية "إنترتانكو"، في بيان لها عقب الهجوم: "إذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة، فإن الإمدادات للعام الغربي بأكمله قد تتعرض للتهديد"، مؤكده أن 30 بالمئة من النفط الخام في العالم يمر عبر المضايق.
ودعت السعودية لاتخاذ إجراءات سريعة لتأمين إمدادات الطاقة من منطقة الخليج بعد أن ألقت الولايات المتحدة بمسؤولية هجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان قرب مضيق هرمز على إيران بما يزيد من مخاوف نشوب مواجهة أوسع نطاقا في المنطقة.
اقرأ أيضا: الإمارات تتهم "دولة" بالهجمات.. والسعودية تطلب "تأمين" النفط
"تدخل عسكري"
وقال الخبير في مجال النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، لـ "عربي21"، إن أسواق النفط العالمية تترقب بقلق تطورات الأحداث في منطقة الخليج العربي ومضيق هرمز الاستراتيجي، وسط مخاوف من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بهجوم عسكري ضد أهداف إيرانية.
وأضاف: "المنطقة على حافة فترة من المجهولية، التي تهدد الاقتصاد العالمي، وما يزيد المشهد تعقيدا هو التحريض الذي تمارسه عدد من الدول الإقليمية بما فيها إسرائيل والسعودية والإمارات، من أجل دفع واشنطن إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات القاسية ضد إيران بما فيها العمل العسكري".
وتابع: "تكرار الهجوم ضد ناقلات النفط، وتزايد التوترات الأمنية في منطقة الخليج العربي، ومضيق هرمز، الذي يمر من خلاله ثلث النفط المنقول بحريا يوميا في العالم، يعيد إلى الأذهان حرب الناقلات خلال الفترة "1987 – 1988" عندما استخدمت الولايات المتحدة السفن البحرية العسكرية لمرافقة ناقلات النفط وحمايتها".
وأكد الخبير في شؤون النفط والطاقة أن التطورات الأمنية الخطيرة التي تشهدها المنطقة، ستؤدي إلى زيادة تكلفة أسعار النقل البحري، نتيجة لارتفاع رسوم تأمين الشحن، وهو ما سينعكس بالتبعية على أسعار النفط الخام ومشتقاته كوقود الملاحة الجوية والمكررات كالبنزين.
وأردف: "رغم النفي الإيراني إلا أن أصابع الاتهام تتجه إلى إيران أو أذرع إيران في المنطقة، لسببين الأول أن إيران هددت مرار بتعطيل وعرقلة تدفق النفط الخليجي في مضيق هرمز، والثاني أن تستفيد إيران سياسيا من ارتفاع أسعار النفط كوسيلة للضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكي يوقف التصعيد ضد طهران ويرفع الحصار الاقتصادي عنها".
"المتهم"
وكانت واشنطن قد اتهمت طهران أو مجموعات تعمل بالوكالة لصالحها بالمسؤولية عن هجمات وقعت في 12 أيار/مايو وتسببت في تعطل أربع ناقلات للنفط في المنطقة ذاتها. وقالت أيضا إن طهران مسؤولة عن هجمات بطائرات مسيرة في 14 أيار/مايو على محطتين لضخ النفط في السعودية. ونفت إيران جميع هذه الاتهامات.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن إيران نفذت الهجوم على ناقلتي النفط في خليج عمان، مضيفا: "خليج عمان لن يغلق، وإن حدث فلن يستمر ذلك طويلا".
اقرأ أيضا: "نيويورك تايمز" تشكك بضلوع إيران بتفجيرات خليج عمان
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، اتهم إيران بالوقوف وراء تفجيري ناقلتي النفط في بحر عمان.
وقال في مؤتمر صحفي، عقده الخميس في مقر وزارة الخارجية الأمريكية، إن "تقييم الولايات المتحدة، هو أن إيران مسؤولة عن الهجمات ضد ناقلتي النفط في بحر عمان".
وأضاف: "النظام الإيراني يريد رفع العقوبات القصوى، لكن لا شيء يبرر استهداف خطوط الملاحة"، لافتا إلى أن "إيران تعمل على عرقلة تدفق النفط، عبر مضيق هرمز".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي: "هذه الاتهامات تثير القلق"، مضيفا أن إلقاء اللوم على إيران بشأن هجمات الخميس، كان أبسط وأنسب وسيلة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وغيره من المسؤولين الأمريكيين".
"تقييم أولي"
ومن ناحيته، قال الخبير في شؤون النفط ومدير شركة آسكا للاستشارات البترولية، عبد السميع البهبهاني، إن التقييم الأولى لحادث الهجوم الأخير على ناقلتي نفط في خليج عمان، يرجح أنه حادث إرهابي، وليس في إطار حرب بين دولتين أو عدة دول.
وقال البهبهاني، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن التداعيات المترتبة على أسواق النفط نتيجة للحوادث الإرهابية تكون قصيرة الأمد، وتؤدي إلى تذبذب أسعار الخام لحين تلاشى آثار الحادث، بينما إذا كان الحادث ناجما عن حرب بين دولتين أو أكثر فإن آثاره تكون طويلة الأمد على الأسواق ويحدث قفزات كبيرة في الأسعار خلال فترات زمنية قصيرة.
وأوضح المحلل النفطي أن مؤشر سعر النفط هو أصدق مؤشر لقياس مدى جدية وطبيعة تلك الحوادث، مضيفا: "ارتدادات الحادث على مؤشر الأسعار في أسواق النفط يرجح أنه حادث إرهابي وليس حربا بين دولتين".
وحذر البهبهاني، من خطورة تصاعد التوتر الأمني في منطقة الخليج العربي ومحيط مضيق هرمز، مؤكدا أن تعطل مضيق هرمز سيحبس نحو 80 بالمئة من صادرات الخليج النفطية، إلى العالم.
اقرأ أيضا: قرقاش: حادثة الناقلتين تصعيد خطير لكن نريد الحكمة
وحول الحديث عن تأمين المسارات والممرات الملاحية لناقلات النفط العالمية، أكد البهبهاني أن تكرار الهجوم سيرفع بطبيعة الحال من تكلفة التأمين، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الأسس الأخلاقية الخمسة لقانون الجات تحرم وتجرم دخول العامل الجيوسياسي في عرقلة الطاقة.
وأضاف: "هناك دول كثيرة من مصلحتها ارتفاع أسعار النفط (الدول المصدرة)، ودول أخرى سوف تتضرر من هذا الحادث (الدول المستوردة ) وهو ما يعقد تشابك المصالح الدولية المترتبة على هذا الحادث".
"حرب الناقلات"
وقالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، إن "البعض يخشى من تكرار سيناريو حدث في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي فيما عُرف بـ"حرب الناقلات" في الخليج بين العراق وإيران، وكانت الأخيرة تلجأ لتلغيم السفن على نحو ما أظهر فيديو تستدل به واشنطن الآن على ضلوع طهران في حادث تخريب ناقلتي النفط الأخير، وهو ما تنفيه طهران تمام".
ولفتت المجلة البريطانية إلى أن عمليات تفخيخ الناقلات النفطية في الثمانينيات دفع أمريكا في نهاية المطاف إلى شن هجوم جوي وبحري على سفن ومنشآت إيرانية عام 1988.
واستبعدت "الإيكونوميست" تكرار سيناريو "حرب الناقلات" قائلة إن "ذلك السيناريو الدراماتيكي من غير المرجح أن يعاد الآن؛ فلم يتعرض للاستهداف حتى الآن غير عدد ضئيل من ناقلات النفط مقارنة بالمئات في حقبة الثمانينيات، فضلا عن أن الأضرار الناجمة عن عمليات التخريب حتى الآن محدودة".
وأردفت: "في ظل وجود العديد من الأساطيل البحرية في المنطقة، تستطيع أمريكا مراقبة الأمر عن كثب، مما يُصعّب الأمر على توسيع نطاق الهجمات على الناقلات".
"نيويورك تايمز" تشكك بضلوع إيران بتفجيرات خليج عمان
بعد فشله في طرابلس.. هل ينقل حفتر معاركه لموانئ النفط؟
هيرست: أبوظبي باتت أسيرة كابوس صنعته يداها