نشر موقع "ناشونال إنترست" مقالا للأكاديمي سباستيان روبلين، يقول فيه إن القوات السورية والإسرائيلية قامت في 21 كانون الثاني/ يناير بتبادل إطلاق الصواريخ ضد بعضهما، فيما أصبح اشتباكا آخر نشأ على طول الحدود السورية الإسرائيلية.
ويشير روبلين في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القوات الإسرائيلية نشرت بعد ذلك فيديو يظهر ذخيرة غير معروفة، تدمر دفاعات جوية (اثنين أو ثلاثة) قصيرة المدى، بما في ذلك النظام الروسي قصير المدى (بانتسير – س2).
ويؤكد الكاتب أن "الغارات الأخيرة كشفت عن تحسن في الدفاعات الجوية السورية بسبب التدريب الروسي الجاري ونقل الأسلحة، لكنها كشفت أيضا عن إمكانية إسرائيل المستمرة في هزيمة تلك الأنظمة، بما في ذلك من خلال الطائرات المسيرة الانتحارية".
ويلفت روبلين إلى أن "هذه الهجمات والرد عليها بدأت عندما أطلق حرس الثورة الإيرانيون صاروخ فاتح 110 قصير المدى، مستهدفا منتجع تزلج على الثلوج في جبل الشيخ، وفي الوقت الذي كان فيه الصاروخ متوجها إلى الجبل المكسو بالثلوج، فإن صاروخين من القبة الحديدية الإسرائيلية قاما باعتراضه".
ويفيد الكاتب بأن "الحرس الثوري الإيراني أدى دورا محوريا في إنقاذ نظام بشار الأسد المترنح من السقوط، قبل التدخل الروسي عام 2015، وبالإضافة إلى الاقتتال مع الثوار السوريين، فإن الحرس الثوري قام بإنشاء شبكة من القواعد على الأراضي السورية لممارسة الضغط على إسرائيل، وتقديم المساعدة لحزب الله، الذي تدعمه كل نت سوريا وإيران".
وينوه روبلين إلى أن "الطائرات الإسرائيلية قامت ردا على ذلك بشن مئات الغارات على أهداف في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية، بهدف إعاقة تحويل الأسلحة لحزب الله، وحشد القوات الإيرانية، وبالرغم من التعرض للنيران السورية المضادة للطائرات، فإن إسرائيل لم تخسر سوى طائرة أف -16 واحدة، تم إسقاطها في شباط/ فبراير 2018 بصاروخ أس-200 أرض جو، وفي ذلك العام وحده ضرب الجيش الإسرائيلي أكثر من 2000 صاروخ".
ويبين الكاتب أن "الجيش الإسرائيلي قام بعد الهجوم الصاروخي من الحرس الثوري الإيراني بالانتقام بشكل هو الأكثر شمولا إلى الآن، وبحسب موقع (دبكا) الإسرائيلي، فإن الرد لم يستهدف بطارية الصواريخ التابعة للحرس الثوري، التي أطلقت الصاروخ، وبدلا من ذلك فإن القذائف والصواريخ نزلت على مطار دمشق الدولي ومخازن الأسلحة المجاورة".
ويشير روبلين إلى أن "الدفاعات الجوية السورية قامت بإطلاق عشرات الصواريخ، خاصة من الصواريخ متوسطة المدى من منظومة باك للدفاعات الجوية (SA-17) وصواريخ (57E6) من منظومة بانتسير س 1 (SA-22) قصيرة المدى".
ويورد الكاتب أن "وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا) قالت لاحقا إنها دمرت 30 صاروخا إسرائيليا، ويظهر فيديو الصواريخ فوق دمشق ووقوع خمسة انفجارات في الجو على الأقل، وإن لم تكن تلك الانفجارات بالضرورة ناتجة عن اعتراض ناجح للصواريخ".
ويجد روبلين أنه "مع أن بيانات الحكومة السورية غير جديرة بالثقة، إلا أن العديد من المصادر تشير إلى احتمال أن تكون الدفاعات أعاقت الهجوم الابتدائي، وأن إسرائيل قامت بعدها باستهداف الدفاعات ذاتها".
ويلفت الكاتب إلى أن "الجزء الأول من اللقطة يظهر نظاما لا يمكن التعرف عليه، يطلق صاروخين، في جهد محموم للدفاع عن نفسه من الصواريخ المتعددة القادمة، وأما إذا كان الصاروخان استطاعا أن يصيبا شيئا فإن ذلك ليس واضحا، حيث تشب النار في النظام، ويبدو أنه ضرب بقذيفة أتت من خارج مجال التصوير".
وينوه روبلين إلى أنه "في الجزء الثاني من الفيديو، يظهر نظام بانتسير غير فاعل محمولا على شاحنه بثماني عجلات ساكنة، في الوقت الذي تتهاوى فيه القنابل نحوها، وأشار المعلق العسكري السوري، محمد صالح الفتيح، إلى أن المنظومة في الفيديو تبدو أنها من نوع بانتسير س2، وهي منظومة محسنة عن بانتسير – س1، التي تستخدم على نطاق واسع من القوات السورية والروسية".
ويذكر الكاتب أن "نظام بانتسير س2 دخل الخدمة في الجيش الروسي في عام 2015، وهو قادر على إطلاق صواريخ 57E6-E، ومدى اشتباكه أفضل بـ50%، ويصل إلى 18.6 ميلا، ولديه مدى كشف راداري أكبر يصل إلى 25 ميلا، ومع أن روسيا لم تعلن عن تجريب بانتسير- س2 في سوريا، إلا أنه يمكن تمييز منظومة س 2 عن س1 بالنظر إليها، فرادار س 2 سداسي ذو وجهين، أما س1 فإن الرادار يكون مستطيلا ومسطحا وبوجه واحد".
ويفيد روبلين بأن "التقارير ذكرت أنه تم تدمير منظومتي بانتسير ومنظومة 9K33 Osa (SA-8) قصيرة المدى الأقدم، وقتل أربعة أفراد سوريين، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن 21 شخصا قتلوا، بما في ذلك 12 جنديا إيرانيا".
ويتساءل الكاتب: "فلماذا كان رادار منظومة بانتسير مثنيا للأسفل في حالة نشاط ولم يرد طاقمها على الهجوم؟ بحسب موقع T-Intelligence فإنه تم هجر المنظومة بعد أن نفدت الصواريخ، والتفسير البديل هو أن دوام الأفراد المسؤولين عن تشغيل المنظومة كان قد انتهى، وتركت المنظومة وحدها بسبب قلة الأفراد".
وينوه الكاتب إلى أن "منظومة بانتسير – س لاقت اهتماما من المتخصصين، كونها نظاما يحمل على شاحنات، ويجمع بين مدفع رشاش 30 مم و12 صاروخا، وتسير بثلاثة أضعاف سرعة الصورة ويوجهها الرادار، وتبدو المنظومة مثالية لإصابة الأهداف التي تطير على ارتفاع منخفض، مثل صواريخ كروز والطائرات المسيرة الانتحارية، التي بدأت تنتشر في القرن الحادي والعشرين".
ويفيد روبلين بأنه "يقال إن المنظومة حققت نجاحا جزئيا في صد هجوم الطائرات المسيرة على قاعدة حميميم الجوية في كانون الثاني/ يناير 2018، لكن تقارير صادرة في وقت لاحق من 2018، قالت بأن أداء المنظومة لم يكن جيدا مقارنة مع منظومة تور في صد الطائرات المسيرة".
ويشير الكاتب إلى أن "الجيش الإسرائيلي سجل تدمير منظومة بانتسير – س1 خلال سلسلة كبيرة من الهجمات في أيار/ مايو، والحقيقة هي أن بإمكان أي سلاح جو محنك استهداف منظومة دفاع جوية قصيرة المدى باستخدام أسلحة عن بعد، لكن كان على منظومة بانتسير نظريا أن تحاول إسقاط الصواريخ القادمة".
ويستدرك روبلين قائلا: "يبدو أن حجم الهجوم الذي بلغ حد الإشباع كان أكبر من أن تتمكن بطاريات الدفاع الجوي صده، وما يعنيه هذا هو أن الدفاعات الجوية السورية جعلت الهجمات الإسرائيلية أكثر تكلفة؛ لأنها تتطلب ذخيرة أكثر تكلفة، لكنها تبقى غير قادرة على صد الغارات الإسرائيلية".
وينقل الموقع عن الفتيح، قوله إن "صواريخ سام السورية أسقطت نسبة جيدة من الأهداف التي تم كشفها من الرادار، لكن تبعتها موجة جديدة من الصواريخ والقنابل الذكية، وربما موجة ثالثة ورابعة، والموجات الجديدة تحقق أهدافها معظم الوقت، سواء كان ذلك ضرب المخازن أو منصات إطلاق صواريخ سام وراداراتها".
ويورد الكاتب نقلا عن جنود سوريون، قولهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إن الذخيرة كانت بطيئة نسبيا، وبأنها تركت حطاما مجنحا، فيما قال الفتيح إن السلاح المضاد لصواريخ سام قد يكون الطائرة المسيرة الإسرائيلية (هاربي2) الانتحارية، التي يمكن التحكم بها عن بعد، أو برمجتها لتتبع موجات الرادار وتقوم بتفجير 70 رطلا من المتفجرات عندما تصطدم بالهدف، مشيرا إلى ان أقصى سرعة تصل إليها طائر (هاروب) المسيرة هي 115 ميلا في الساعة، ويمكنها الطيران لمدة ست ساعات فوق ميدان حرب.
ويقول روبلين: "قد تكون القوات الإسرائيلية استخدمت أنواعا أخرى من الأسلحة، بما في ذلك القذائف التي تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي، التي تحملها طائرات أف-16".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "في تلك الظروف من الصعب الحكم على فعالية منظومة بانتسير إذا ما أخذنا في عين الاعتبار مدى الضغط الذي يمارس عليها من سلاح الجو الإسرائيلي المجهز بشكل جيد، وفي الأشهر القادمة قد تفعل سوريا صواريخ أس 300 طويلة المدى، التي قد تشكل تهديدا وتكلفة أكبر للغارات الإسرائيلية، لكن لا يبدو أنها ستوقف المنافسة الدائرة بين إسرائيل وإيران وسوريا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
مسؤول أمريكي يدرس توسيع الوجود العسكري بالشرق الأوسط
ناشونال إنترست: كيف غيرت حرب سوريا علاقة تركيا وإسرائيل؟
التايمز: كيف حدت إسرائيل من الخطر الإيراني في سوريا؟