تعتزم مصر بناء أكبر مدينة طبية للسياحة العلاجية فى الشرق الأوسط وأفريقيا، باستثمارات تقدر بنحو 20 مليار جنيه (1.1 مليار دولار) بمدينة بدر شرق القاهرة في الوقت الذي تتصدر فيه قائمة أسوأ 20 دولة في الصحة، ويعاني قطاع الصحة من نقص كبير في التمويل.
وقال رئيس مدينة بدر، عمار مندور، الجمعة الماضية، إنه من المخطط بدء الخدمة الطبية في المرحلة الأولى للمشروع بعد 30 شهرا، والانتهاء من تنفيذ المشروع بالكامل بعد مرور 5 أعوام من انطلاق البناء، واصفا المشروع بأنه يعد من المشروعات القومية فى مصر.
واتهم خبراء في الصحة والاقتصاد في تصريحات لـ"عربي21" السلطات المصرية بالإزداوجية في التعامل مع أزمة قطاع الصحة المتمثلة بشكل رئيسي في نقص موزانة الصحة، عاما تلو الآخر، مقابل توفير الأموال اللازمة للمدينة الطبية الجديدة (حكومية) المزمع إنشاؤها.
وفي آيار/ مايو الماضي، لوحت وزيرة الصحة، هالة زايد، بوقف تنفيذ برنامج التأمين الصحي، وقالت إن ما تم رصده بمشروع الموازنة العامة للدولة لا يكفي لبناء مستشفى واحد بـ100 سرير، مطالبة باعتمادات إضافية تُقدر بنحو 33 مليار جنيه (نحو ملياري دولار).
واحتلت مصر المرتبة الــ18 من بين الدول العشرين الأسوأ أداء في مجال الصحة، وفق دورية "غلوبال بيرسبيكتيف" المعنية بأبحاث ودراسات الرعاية الصحية، الصادرة في آذار/ مارس الماضي.
وعزا المؤشر احتلال مصر لهذا المركز المتأخر إلى قلة الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية وارتفاع خطر الإصابة بداء السكري، ومعدلات البدانة.
اقرأ أيضا: كاتب أمريكي: السيسي على خطى مبارك في مشاريع فاشلة
أوضاع الأطباء
وتعاني مصر من نقص متزايد في عدد الأطباء بالعديد من التخصصات؛ نتيجة الهجرات الواسعة للعمل بالخارج، ما دفع الحكومة، الأسبوع الماضي، إلى الدعوة إلى تخريج دفعات استثنائية من كليات الطب، وهو ما لاقى رفضا واسعا من نقابة الأطباء.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، كشف رئيس لجنة الصحة بالبرلمان، د. محمد العماري، أن "مصر تعاني من نقص في الأطباء بنسبة 33%، وفى التمريض بنسبة 43%".
وكشفت نقابة الأطباء المصرية أن 1044 طبيبًا استقالوا في عام 2016، و2549 طبيبا في عام 2017، و2397 طبيبا في 2018 حتى 30 التشرين ثاني/ نوفمبر، ليبلغ عدد المستقيلين 6 آلاف طبيب خلال 3 سنوات فقط، وأن الرقم مرجح للزيادة.
"مشروعات اللقطة"
وأكد وكيل وزارة الصحة الأسبق، مصطفى جاويش، لـ"عربي21": أن "هناك العديد من التحديات والتي بدون معالجتها لن ينجح أي مشروع طبي؛ حيث لا توجد استراتيجيات واضحة للصحة، ولا توجد خطة معروفة للرعاية الصحية، وهذا يعني العشوائية في القرارات بحسب ما يسمى المبادرات الرئاسية، وتحقيق (اللقطة) الإعلامية ودخول موسوعة جينيس لأكبر: كوبرى، برج، ومائدة إفطار ..الخ".
اقرأ أيضا: يحيى حامد يكتب في "فورين بوليسي": الاقتصاد المصري ينهار
وكشف أن "هناك عجزا شديدا في الأطباء يصل إلى 60%، والهيئات التمريضية بنحو 20%"، مشيرا إلى أن "توفير الأطباء يكون بحل أسباب الهروب، وليس بدفعات استثنائية عشوائية، وليس بفتح كليات جديدة، والانتظار لسنوات طويلة، وإنما بتوفير احتياجات الأطباء، وتوفير بيئة طبية صالحة".
وأضاف: "أنه بالنظر إلى موازنة الصحة، فهناك تراجع ملحوظ عاما بعد عام لتصل إلى 1.1 % فقط من إجمالي الناتج المحلي العام مقارنة بالمتوسط العالمي 9.4%"، مشيرا إلى أن نقص التمويل "أدى إلى فشل بدء منظومة التأمين الصحي الذي يحتاج إلى 33 مليار جنيه".
"إزدواجية السيسي"
واتهم الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين، الحكومة المصرية "بالإزادوجية في التعامل مع أزمة الصحة، مؤكدا أنها لا توفر الحد الأدنى من الموازنة المطلوبة لقطاع الصحة بينما توفر كل الاعتمادات المالية لبناء مدينة طبية سياحية عالمية، وتختفي أزمة السيولة".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الحكومة تضرب بعرض الحائط احتياجات المواطنين، وتتعلل بنقص السيولة اللازمة، وتسارع إلى توفير كل الموارد لمشروعاتها الخاصة الاستثمارية التي تدر أرباحا لها"، مشيرا إلى أن "الحكومة ستوفر وتذلل كل المتطلبات والاحتياجات لمشروعها المزمع إنشاؤها".
وأكد أن "نقص الأطباء والتمريض في المستشفيات الحكومية بسبب الهروب من الأوضاع المادية في مصر، وأن الحكومة غير معنية بمعالجة النقص في المستشفيات بتحسين أوضاعهم المالية؛ لأنها لا تأمل في تحقيق عائد مادي من ورائهم، لكن تقديم خدمات طبية بأسعار سياحية للمرضى هو هدف لن تتخاذل السلطات في إنجازه".
ماذا وراء الظهور المتكرر لجمال مبارك؟.. هل يفكر بالرئاسة؟
انتقادات واسعة لأسعار عبور جسر "تحيا مصر" وسخرية من النظام
للمرة العاشرة.. زيادة في رواتب ومعاشات العسكر بمصر