نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا بينت فيه أن اللوبي السعودي يعوّل على البرلمانيين من أجل تلميع صورة المملكة في الخارج، وذلك من خلال تكثيف الدعوات إلى زيارتها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المملكة تستخدم استراتيجيات مختلفة للتقرب من المنتخبين. وقد تلقت مكاتب النواب في الجمعية الوطنية مكالمة مضحكة في ربيع هذه السنة، وعلى الهاتف، كان يوجد محاور ناطق بالفرنسية يعمل لصالح شركة "رونين" الدولية. وعلى موقعها الإلكتروني، تُقدم هذه الشركة البريطانية نفسها على أنها "مكتب دراسات تسويقي مستقل".
وذكرت أن المملكة العربية السعودية مثلت محور هذا الاتصال الهاتفي. وقد ورد في رسالة بريد إلكتروني أرسلت فيما بعد إلى البرلمانيين: "تهدف هذه الدراسة إلى تقييم معرفتك وتصوراتك الحالية. وبما أنك ممثل منتخب، فإن وجهة نظرك تلعب دورا رئيسيا في فهم أفضل لتصور عام للمملكة العربية السعودية... وستكون مشاركتك محل تقدير كبير".
وأشارت إلى أن هذا الإستبيان قد أُجري لصالح عميلين: مؤسسة مركز البحوث والتواصل المعرفي البحثية السعودية، ومعهد الإحصاء البريطاني كومريس. وتقترح شركة رونين الدولية "دفع 80 يورو" للنواب، ولكن هذه الممارسة غريبة بالنسبة للممثلين المنتخبين في الجمهورية. ومع ذلك، قد يختار مقدمو الردود التبرع بهذا المبلغ إلى مؤسسة خيرية.
اقرأ أيضا: خبير أمريكي: السعودية تواصل الغوص بمستنقع اليمن دون نهاية
وقد أكد أولئك الذين اتصلت بهم صحيفة "لوموند" أنهم رفضوا الإجابة على الاستبيان. وعند سؤالها عن هذه الممارسة، ظل رأي أنياس روبلوت ترويزير، الموظفة المعنية بالأخلاقيات في الجمعية الوطنية، غامضًا؛ حيث اكتفت بالتذكير بأنه على النواب ألا يقحموا أنفسهم في وضع يؤدي إلى تضارب المصالح كما أن عليهم التصريح بالهبات التي تتجاوز قيمتها 150 يورو.
وأوردت الصحيفة أن الشركة البريطانية وجّهت جملة من الأسئلة إلى الصحفيين الفرنسيين، بمن فيهم البعض من العاملين في صحيفة لوموند. ومن بين الأسئلة المطروحة: "ما الذي يجب على السعودية فعله للحصول على صورة أكثر إيجابية في الشؤون العالمية؟ وعلى مقياس من واحد إلى 10، ما هو ترتيب المملكة العربية السعودية على مستوى حقوق الإنسان؟". وقد أجريت الدراسة في العديد من البلدان، مثل الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا وكندا مع ممثلين منتخبين وصحفيين وخبراء وأكاديميين أيضا، أي ما تطلق مؤسسة رونين الدولية "صانعي الرأي".
وفي مواجهة دول غربية يعادي الرأي العام فيها المملكة وينتقد تفجيراتها في اليمن وممارساتها التمييزية ضد المرأة وقمعها للمنشقين، اقتنعت السعودية بضرورة تلميع صورتها. وتحقيقًا لهذه الغاية، تعتمد البلاد على برنامج رؤية 2030، وهو خطة الإصلاح الواسعة التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحرير المجتمع.
وبينت الصحيفة أن المملكة تمارس أنشطة مباشرة مع البرلمانيين عبر سفارتها. ووفقًا لبيير كونيسا، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الدفاع كتب مؤخرا تقريرًا عن جماعات الضغط السعودية، فإن "تعيين السفير خالد العنقري (في باريس) في شباط/ فبراير 2015 كان نقطة انطلاق استراتيجية الاتصال الأكثر هجومية".
وفي تقريرها السنوي الذي نشر في شهر كانون الثاني/ يناير، كتبت أنياس روبلوت ترويزير أنه خلال الفترة الممتدة بين حزيران/ يونيو 2017 ونهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2018، كانت السعودية أكثر دولة تستدعي نوابا إلى أراضيها. وقد توجه 14 مسؤولا منتخبا من قصر بوربون إلى هناك خلال الأشهر الأولى من الفترة التشريعية. وخلال الفترة ذاتها، دعت الرياض تسعة أعضاء في مجلس الشيوخ. وبين سنتي 2014 وحزيران/ يونيو 2017، لم تتنقل سوى عضوة واحدة وهي ناتالي جوليت إلى التراب السعودي.
ونوهت الصحيفة إلى أن برنامج الرحلات التي نظمتها الرياض يتضمن رسائل ترغب البلاد في تمريرها. وقد وضحت سفارة المملكة في باريس، أن "هدفنا هو الإجابة على تساؤلات البرلمانيين". وفي نهاية شهر حزيران/ يونيو 2018، تنقلت العديد من النساء البرلمانيات إلى الرياض، في الوقت الذي سمحت فيه السعودية للنساء بالحصول على رخصة القيادة.
اقرأ أيضا: هندرسون: تحقيق رؤية ابن سلمان 2030 يحتاج لعقود
وحسب ما أفاد به أحد المصادر في السفارة: "أراد المسؤولون المنتخبون التأكد من أن البلاد قد تغيرت حقًا، وعرضنا عليهم الذهاب لرؤية ذلك على عين المكان". وفي الواقع، أثارت الدعوة جدلا داخل مجموعة الصداقة الفرنسية السعودية في الجمعية العامة. ومن جهتها، صرحت النائبة سنية كريمي بأن "رحلة مدعومة بالكامل من طرف السعوديين لإظهار مدى تطور حقوق المرأة هي فساد في حد ذاته".
كما نقلت الصحيفة عن رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية اليمنية فابيان غوتيفارد قوله إن: "إنهم يحاولون أن يظهروا لنا أن الواقع ليس كما ما نراه على شاشاتنا في فرنسا. ولكن المشكلة تكمن في أنه، بعد رحلتنا مباشرة، حدث خطأ عسكري فادح، فقد استهدفت عملية قصف حافلة تقل أطفالًا". وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها من أجل تحسين صورتها، إلا أن المملكة العربية السعودية ظلت محاصرة بسياستها الداخلية والخارجية.
الغارديان: هذا هو دور أسلحة بريطانيا بكارثة اليمن الإنسانية
مونيتور: حملة سعودية ضد الاستثمار في تركيا
موقع أمريكي: لهذا تعد قطر الحليف الأهم لواشنطن بالخليج