قال يحيى حامد، وزير الاستثمار المصري السابق، خلال عهد الرئيس محمد
مرسي، إن إعلان
ترامب الأخير، نيته تصنيف جماعة
الإخوان المسلمين، جماعة إرهابية، يدل
على "السهولة التي يتم عبرها التلاعب بترامب، من قبل الطغاة في الشرق الأوسط".
وأشار حامد بمقال له في موقع "
ميدل إيست آي" البريطاني: إنه
رغم ما بذله البيت الأبيض، من جهود لإثبات التهمة على الجماعة، إلا أنها بلا شك ليست
إرهابية، فضلا عن أن المسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون)
وفي وزارة الخارجية، قالوا لترامب ذلك، وأكده له الخبراء من جميع الاختصاصات
الأكاديمية والسياسية والأمنية.
وفيما يلي النص الكامل لمقال حامد:
يدل إعلان ترامب الأخير على السهولة التي بها
يتم التلاعب به من قبل الطغاة في الشرق الأوسط
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر
الماضي أنه سوف يطلب من وزارة الخارجية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة أجنبية
إرهابية.
ورغم كل ما بذله البيت الأبيض من جهود لإثبات
التهمة على الجماعة، إلا أنها بدون أدنى شك ليست منظمة إرهابية.
بل لقد قال المسؤولون في وزارة الدفاع (البنتاغون)
وفي وزارة الخارجية لترامب ذلك وأكده له الخبراء من جميع الاختصاصات الأكاديمية
والسياسية والأمنية.
يتجلى جهل الرئيس في عدم فهم حقيقة جماعة
الإخوان المسلمين، وماذا ينطبق عليها مما لا ينطبق. فهي ليست "مجموعة"
أو مجرد منظمة اجتماعية وسياسية مقرها مصر. الاخوان المسلمون ليست فقط حركة
سياسية، هذا فقط آخر تعبير عنها. عمل الاخوان المسلمون يمكن أن تجد جذوره في
الخدمات العامة، فهي أيدولوجية وإلهام اجتماعي للمجتمع المدني. فهي جزء من
المؤسسات المجتمعية و الإنسانية والسياسية كما هي جزء من النسيج لكثير من المجتمعات
في المنطقة. لا يمكن فصل جماعة الإخوان المسلمين عن أصولها الخدمية و الأيديولوجية
كما عن تجلياتها الاجتماعية والسياسية المتعددة في المنطقة، فمن الكويت إلى المغرب
ينتشر أعضاء وأنصار وداعمون لجماعة الإخوان المسلمين.
إسكات المقاومة
من خلال وصمه لهذه المنظمة العابرة للحدود
بالإرهاب فإن ترامب، وبجرة قلم، يحيل علاقات الولايات المتحدة بعدد كبير من
البلدان إلى أمر بالغ الصعوبة. والأسوأ من ذلك أنه يفاقم من حالة عدم الاستقرار في
منطقة من العالم بالغة الهشاشة.
كثيرون قد لا تعجبهم فكرة الإسلام السياسي، ومع
ذلك فإننا نحترم حقه في الوجود ونقدر أهميته للكيانات السياسية والاجتماعية في
الشرق الأوسط. منذ الربيع العربي، غدت جماعة الإخوان المسلمين أكثر نشاطاً في
المنطقة، ولعبت دوراً رئيسياً في عام 2012 في انتخاب أول رئيس مصري منتخب
ديمقراطياً.
لربما أكثر ما يبعث على القلق في إعلان ترامب
الأخير هو إظهاره للسهولة التي يتم من خلالها التلاعب به من قبل الطغاة في الشرق
الأوسط.
تكمن الخطورة في تصنيف المعارضة السياسية على
أنها مجموعة من
الإرهابيين في أننا نسد بذلك الباب في وجه أي مقاومة للحكم
الدكتاتوري، وقد رأينا ذلك مؤخراً في المملكة العربية السعودية حيث جرى إعدام
أربعة وثلاثين من النشطاء لمجرد أنهم يعبرون عن رأيهم بحرية.
كما رأينا ذلك في ليبيا أيضاً، حيث زحف الجنرال
خليفة حفتر على طرابلس بحجة مكافحة الإرهاب. ولا يغيب عنا كذلك أن تجاهل أصوات
المعارضين، بذريعة الإرهاب، ما لبث يستخدم أداة سياسية من قبل الرئيس المصري
عبدالفتاح السياسي – صديق ترامب المقرب وحليفه.
خدعة قديمة
إنها خدعة قديمة استخدمها
السيسي كما استخدمها
أسلافه من الطغاة العرب. ولكن إذا كنت قادراً على أن تصم بالإرهاب منظمة غير عنيفة
حتى تسكت صوتها – وتتمكن في نفس الوقت من استصدار موافقة من زعيم أكبر قوة عظمى في
العالم على مثل هذا التصنيف – فما الذي سيمنع آخرين في المنطقة من انتهاج نفس
السلوك وتصنيف معارضيهم بنفس الشكل؟
بات المعارضون في المنطقة بأسرها مهددين الآن،
وكلما ضاق هامش الحرية المتاح لتداول الأفكار والتحاور بشأنها بشكل علني، فإن
أعداداً أقل من الناس سوف تجرؤ على انتقاد سيئات وخطايا الأنظمة القائمة.
ولكننا لا يمكننا أن نصف هذا التطور بالمفاجئ.
بل كان ينبغي أن نتوقع من ترامب ومستشاريه اللجوء إلى أكثر الإجراءات شراسة لحل
الإشكال الذي يواجهه حليفه. وبذلك يتمكن الرئيس ترامب من إظهار دعمه للسيسي وفي
نفس الوقت ممارسة كرهه الدفين للإسلام، وخاصة للشق السياسي منه، وقد يرى أنه يحقق
بذلك مكسباً على كل الأحوال.
ولكن إذا كان هدفه هو سحق الإسلام السياسي، فإن
ما يقوم به لن يحقق له مراده. فمن ذا الذي يقصده عندما يتحدث عن جماعة الإخوان
المسلمين ويصمها بالإرهاب؟ هل هي جماعة الإخوان المسلمين في مصر التي انتخبت بعد
سقوط الرئيس السابق حسني مبارك؟ أم هي جماعة الإخوان المسلمين في الأردن والتي
تعتبر حجر زاوية في النظام الحاكم هناك؟ أم تراها حزب العدالة والتنمية المغربي
الذي يؤمن بالديمقراطية الإسلامية ويعمل على تعزيزها؟
تنفير الحلفاء
من خلال إمعانه في إظهار العداوة للإسلام يقوم
ترامب بتنفير حلفائه الغربيين في أوروبا. ويتمثل هذا التنفير في استعداده للتحالف
علانية مع بعض أسوأ الأنظمة في الشرق الأوسط، ويبدو بشكل متزايد أن ترامب يأمل في
محاكاة هؤلاء الحكام الظالمين والمتقلبين، والذين أغروه بما وعدوه من مال ونفوذ.
يتفاخر ترامب بمليارات الدولارات التي وعده بها
السعوديون على شكل صفقات تجارية أبرمها معهم، ولم يتردد حتى في إعلان إعجابه
بالأنظمة المتشددة التي تحكم كلاً من روسيا والصين. إضافة إلى ذلك، يشاع بأن صفقة
القرن التي كثر الحديث عنها مؤخراً، والتي صممت لتعزيز نفوذ الولايات المتحدة
وسلطانها في المنطقة، تتطلب القليل جداً من التنازلات من الجانب الإسرائيلي.
كثيرون حاولوا رسم مصير شعوب منطقة الشرق
الأوسط، وكثيرون أخفقوا. وما ترامب سوى دمية في أيدي أصحاب المصالح في المنطقة من
الذين يعتبرون نفوذ وقوة الولايات المتحدة أدوات يحققون من خلالها أهدافهم.
صحيح أنه ينبغي علينا أن نعمل مع الحكماء في
الولايات المتحدة والغرب على إقامة كيان من شأنه أن يحقق الديمقراطية. إلا أننا لا
يمكننا في ضوء الإعلان الأخير إلا أن نتوقع الأسوأ.