لم يمر اللقاء المعلن الذي جمع بين أمين عام اتحاد الشغل وسفير فرنسا بتونس، دون أن يخلف تساؤلات حول دوافعه، خاصة أنه يأتي بعد حرب كلامية وتوتر بين الرجلين، واتهامات قيادات الاتحاد للسفير بانتهاك السيادة الوطنية.
ونشرت الصفحة الرسمية لاتحاد الشغل، الجمعة، صورا للقاء أمينها العام نور الدين الطبوبي وسفير فرنسا بتونس أوليفيي بوافر دارفور، مشيرة إلى أن "اللقاء تطرق لعدة ملفات وطنية ودولية ".
ويأتي توقيت اللقاء بعد اتهامات غير مباشرة وجهها أمين عام أكبر منظمة نقابية في البلاد لفرنسا، بوجود مخطط لدولة أجنبية لإعادة استعمار تونس، عبر تجهيز شخصيات سياسية تدين بالولاء لباريس.
ونقل الطبوبي ما قال إنها "تصريحات وقحة لسفير دولة أجنبية كان في وضعية سكر وكشف عن هذا المخطط"، ليرد عليه سفير فرنسا في مداخلة إذاعية بوصف اتهاماته بـ"العبثية والمفزعة والغير المعقولة"، مشددا على احترام فرنسا لسيادة تونس.
تدخل في الشأن الوطني
وأكد الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري في تصريح لـ"عربي21" على أن اللقاء الذي جمع بين الرجلين، كان بطلب من سفير فرنسا، "الذي أصر منذ أكثر من سنة ونصف على هذا اللقاء"، بحسب قوله.
وتابع: "أبلغنا السفير بامتعاضنا من تدخله المتواصل في الشأن الوطني، وتحركاته المخالفة لجميع الأعراف الدبلوماسية، كما دعوناه لاحترام السيادة الوطنية".
ولفت الطاهري إلى أن السفير حاول خلال اللقاء تلطيف الأجواء، ونفي التهمة التي وجهت له حول إعداد فرنسا لحكام جدد في تونس بطريقة دبلوماسية غير مباشرة، مشددا على احترام فرنسا لسيادة تونس.
وأضاف أن "إلحاح السفير لقاء أمين عام الاتحاد، يؤكد مرة أخرى على أن احتجاجنا على نشاطه بتونس له وقعه في الداخل والخارج، حيث أبلغنا أصدقاءنا النقابيين بفرنسا عن تجاوزات السفير الأعراف الدبلوماسية المعمول بها في أي دولة".
وحذر الطاهري في ختام حديثه، من "مواصلة مخابرات دول أجنبية استباحة سيادة وأمن تونس"، مشددا على أن لقاء سفير فرنسا بأمين عام الاتحاد، لن يغير من قناعة قياداته بمحاولات الدبلوماسية الفرنسية التأثير في السياسة الداخلية التونسية.
إيقاف مجموعة مسلحة فرنسية
ويرى مراقبون، أن توقيت لقاء السفير الفرنسي مع أمين عام الاتحاد، له أكثر من دلالة، خصوصا بعد إعلان وزير الدفاع التونسي عن إيقاف مجموعتين مسلحتين قادمتين من ليبيا، يحمل أغلب عناصرها الجنسية الفرنسية.
وأوضح الوزير عبد الكريم الزبيدي أن المجموعة المسلحة الثانية، متكونة من 13 فرنسيا، دخلوا التراب التونسي قادمين من ليبيا عبر سيارات رباعية الدفع، ورفضوا تسليم أسلحتهم تحت ذريعة الغطاء الدبلوماسي.
وحاول الجانب الفرنسي أن يبرر في مناسبتين دوافع دخول عناصره المسلحة التراب التونسي، من خلال بيانات للسفارة الفرنسية وتصريحات أدلى بها سفيرها المثير للجدل.
وشددت السفارة الفرنسية بتونس، في بيان لها على أن المجموعة المسلحة ليست إلا أفرادا من الفرقة الأمنية المكلفة بحماية السفيرة الفرنسية في طرابلس.
وزعم السفير الفرنسي بأن إجراءات مراقبة دخول البعثة والمعدات التي كانت بحوزتها، تمت بعلم وتنسيق مع السلطات التونسية "وفي كنف الاحترام التام لسيادة تونس والأعراف الديبلوماسية المعمول بها".
وسبق أن أكد الناطق الرسمي باسم الجمارك التونسية هيثم زناد لـ"عربي21" على أن الفريق الفرنسي المسلح الذي دخل لتونس رفض في البداية تفتيشه وتعلل بكونه فريق دبلوماسي فرنسي.
وأوضح أن الأمن التونسي تمسك بعدم دخول العناصر الفرنسية للتراب التونسي قبل تفتيشها، ليرضخوا ويعلنوا عما بحوزتهم من أسلحة، ليتم فيما بعد مصادرتها.
احتقان شعبي
واعتبرالناشط السياسي طارق الكحلاوي، أن زيارة السفير الفرنسي لمقر نقابة اتحاد الشغل تأتي لتخفف قليلا الضغوطات المفروضة على فرنسا بعد فضيحة العناصر المسلحة التي حاولت اختراق السيادة الوطنية لتنضاف لفضيحة التدخل السافر لسفيرها.
وأوضح لـ"عربي21" أن الاحتقان الشعبي من السياسية الفرنسية المتبعة في تونس بدأ يتصاعد في ظل تماديها في خرق السيادة الوطنية تحت أنظار الحكومة التي لا تحرك ساكنة.
وشدد على أن السفير الفرنسي يحاول أن يقلل من الضغط المفروض على بلده من خلال زيارته رفقة وفد رسمي أكبر منظمة عمالية ومغازلة أمينها العام.