لم يخطئ قايد صالح، قائد أركان الجيش الجزائري ونائب وزير الدفاع، في توصيفه للنظام الحاكم هناك بـ"العصابة" التي كررها في كل خطبه التي تلت تأكده من أن الحراك الشعبي ماضٍ في مسعاه لمنع العهدة الخامسة للرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة بعد حكم استمر عشرين سنة كاملة.
حكم عسكري طال
لكن نفس قائد الأركان، الذي كان بوتفليقة وزيره في الدفاع، أخطأ في الاعتقاد أن أكذوبة العصابة "المدنية"، مارست جرائمها في غياب دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية منذ استقلال الجزائر عن فرنسا، قد تنطلي على الشعب.
توصيف "العصابة" يشمل كثيرا من أركان نظام اعتمد الحزب الواحد مظلة مدنية لحكم عسكري طال ستين سنة أو يزيد. وهي نفس "العصابة" التي صارت اليوم تحذر من "مخططات أجنبية تهدف لضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي للدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة" باعتبار التخوين والتحذير من الأجنبي وسيلتها الوحيدة للبقاء لاعبا أوحدا في رسم حدود اللعبة السياسية بالبلاد.
التجربة أكدت أن المؤقت الدائم صار قدرا مكتوبا على بلدان يتناوب العسكريون على "احتضانها" ما بين مشير أو فريق أو جنرال
قدر مكتوب على بلداننا
التجربة أكدت أن المؤقت الدائم صار قدرا مكتوبا على بلدان يتناوب العسكريون على "احتضانها" ما بين مشير أو فريق أو جنرال، تزين النياشين بزاتهم العسكرية دون بطولات أو انتصارات غير قتل وتعذيب وتشريد المواطنين، أو تفريط في ثوابت الأمة وأراضيها.
في السودان، كان رئيس جاء بانقلاب وطال أمد حكمه حتى صار مطلوبا لدى الجنائية الدولية في جرائم حرب أدت في النهاية لتقسيم البلاد، وهي حقائق لم يجد "الحكام الجدد" غضاضة في التغافل عنها فهُم فيها مورطون حتى النخاع. وإن كان من نظام يجب أن يقتلع فهؤلاء المتغنون اليوم بالديمقراطية والحياة المدنية أعمدته التي بطش بها الرأس "المحتجز في مكان آمن" على مدار سنوات حكمه المديد. ولعل في ترحيب محور الشر العربي بالمجلس العسكري، لدرجة تشكيل وفد إماراتي سعودي مشترك يحمل كلمة سواء استقر عليها بن زايد وبن سلمان ومن ورائهما السيسي، ما يجعل السودانيين الأحرار في مواجهة مسؤولية استكمال تحرير الأرض والإنسان من الاستبداد والطغيان.
التجربة المصرية، التي صار الجميع يتوجس منها خيفة ويستعيذ من تبعاتها، نبراس أمام الشعوب الطامحة للتحرر من ربقة الحكم العسكري الجاثم على العباد منذ الاستقلال. وفي مجازر رابعة وما تلاها من مواقع وميادين خير مثال.
يتبنى العسكر على الدوام خطة التقرب إلى الشعوب، إعلاميا، وتسخير الأبواق الداعمة لتعبيد الطريق أمامه للعب دور "المنقذ والحامي" قبل الانقضاض على الفريسة / الشعوب والوطن. تذكر الجيوش بطولات وهمية وعقيدة وطنية بل تَمُن "قياداتها" على الشعوب بحماية الأوطان ضد أعداء وهميين لم نر منهم غير المواطنين المصنفين في الأدبيات العسكرية الجديدة إرهابيين. منذ متى كانت حماية الحدود مِنّة من العسكر وهي أساس عمل وجوهر وجود الجيوش؟
توزيع الأدوار
عبد الفتاح السيسي، نجم العسكرتارية العربية الذي ترقى إلى فريق أول ثم مشير فرئيس في ظرف قياسي، كان مشغولا باستقبال مشير آخر على الحدود الغربية، "يجاهد" في سبيل دخول طرابلس الليبية و"تحريرها" من ميليشيات الإخوان. توزيع الأدوار بين أطراف محور الشر العربي يستدعي اللعب على كل الجبهات، فالثورة المضادة والحرب على الثورات الممكنة صارت مهمة مقدسة لها أتباع يظهرون في كل البلدان، والدعم المالي السخي متوفر سلاحا وعتادا ومعدات تدمير. وحده دعم التنمية الاقتصادية وخطط تحسين معيشة المواطن لا يلقى الاستحسان.
في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، داخل السفارة السعودية باسطنبول، المثال الصارخ على أن حكم العصابات عابر للقارات.
"عوض بن عوف" أو "عطوة كنانة".. ما بين الجد والفكاهة!
فضيحة "فضائح السيسي بيه" أحداث كاشفة (1)