أكد سياسيون وخبراء مصريون، أن الوفد المصري رفيع المستوى الذي أعلنت الرئاسة المصرية أنه سوف يزور السودان، يأتي ضمن عدة خطوات اتخذها رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، لدعم المجلس العسكري السوداني الذي أطاح بالرئيس عمر حسن البشير في وأد الثورة الشعبية.
وبحسب المختصين، فإن عددا من الصحف السودانية أعلنت بالفعل صباح أمس الثلاثاء، أن السيسي سوف يزور الخرطوم لإعلان تأييده للمجلس العسكري، وفي مساء نفس اليوم، أجرى السيسي اتصالا هاتفيا بالفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي، أكد فيه دعمه الكامل للمجلس وتحركاته.
ويضيف المختصون لـ "عربي21"، أن ما أعلنته القاهرة، بأن سبب زيارة الوفد المصري رفيع المستوى للخرطوم، للوقوف على احتياجات الشعب السوداني، دون الإفصاح عن هويته، يؤكد أنه لن يخرج عن كونه وفدا أمنيا ومخابراتيا، لمساعدة المجلس العسكري السوداني في ترسيخ أقدامه.
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، أعلن في بيان صحفي أن السيسي أجرى مساء الثلاثاء اتصالا بالبرهان، مؤكدا استعداد مصر لتقديم كافة سبل الدعم للأشقاء بالسودان، في إطار حرصها على دعم السودان لتجاوز هذه المرحلة، موضحا أن السيسي استمع لتقدير موقف قدمه البرهان عن الجهود التي يبذلها المجلس العسكري الانتقالي في التعامل مع الأوضاع الراهنة بالسودان.
يأتي هذا في وقت كشفت فيه صحيفة "التيار" السودانية بعددها الورقي صباح أمس الثلاثاء، عن زيارة السيسي للخرطوم خلال الأيام المقبلة، لإجراء مشاورات مع المجلس العسكري، ونقلت الصحيفة عن مصادرها الخاصة أن القاهرة فتحت خطا ساخنا مع الخرطوم، لضمان نجاح الخطوات التي اتخذها المجلس منذ الإطاحة بالبشير.
خبرة وأد الثورات
من جانبه يؤكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري السابق، محمد جمال حشمت لـ "عربي21" أن نظام السيسي حاضر منذ البداية في الإطاحة بالبشير، منذ أن كشف الأخير عن قيام بعض الجهات بدفعه للتطبيع مع إسرائيل مقابل مساعدته في وقف الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المدن السودانية بسبب ارتفاع الأسعار، ثم تطورت بالمظاهرات ضد النظام نفسه.
اقرأ أيضا: البرهان يشيد بأبوظبي والرياض بعد لقائه وفديهما بالخرطوم
ويشير حشمت إلى أن الوفد المصري رفيع المستوى الذي تم الإعلان عنه، لن يخرج عن القيادات الأمنية، بأجهزة المخابرات العامة والحربية والأمن الوطني، لتقديم خبراتهم في الإجهاز على ثورة الشعب السوداني، والتي حققت نجاحات حتى الآن، ولكنها تمر بأصعب مراحلها كذلك، وهو محاولة الالتفاف عليها لتكرار التجربة المصرية في المشهد السوداني.
ويضيف البرلماني السابق: "نظام السيسي من أكثر المستفيدين من أن يظل الحكم بالسودان في يد المجلس العسكري، وعدم نقل السلطة للشعب، سواء بإجراء انتخابات عاجلة أو من خلال تشكيل مجلس حكم مدني، خوفا من أن تنتقل شرارة هذه التجربة لمصر، وهو ما يبرر مخالفته لقرار الاتحاد الأفريقي بعدم الاعتراف بشرعية المجلس العسكري ومنحه فرصة أسبوعين لنقل السلطة لحكومة مدنية، رغم أن السيسي يتولى رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي".
وعن الدعم الذي يمكن أن يقدمه السيسي للمجلس العسكري بالسودان، يؤكد حشمت أنه لن يخرج عن الجانب الأمني، خاصة وأن الجهاز الأمني المصري له خبرة سابقة في وأد الثورات، وهو ما يبرر هتاف السودانيين الشهير "إما النصر وإما مصر"، ما يجعل في النهاية النظام المصري شريكا لنظيره العسكري بالخرطوم لإفشال الثورة الشعبية بمختلف الطرق.
وفد أمني
ويدعم الخبير في شؤون الأمن القومي عبد المعز الشرقاوي الرأي السابق، بأن الوفد رفيع المستوى لن يكون اقتصاديا أو دبلوماسيا، وإنما أمني، حتى لو ضم بعض القيادات السياسية المصرية البارزة، موضحا أن الوفد لو كان اقتصاديا، لأعلنت الرئاسة المصرية عن أسمائه، وعن المساعدات التي سيقدمها، كما فعلت السعودية والإمارات والبحرين.
ويضيف الشرقاوي لـ "عربي21" أن نظام السيسي، من أكثر الأنظمة العربية التي تريد بقاء الوضع على ما هو عليه، وأن تظل السيطرة بيد القوات المسلحة، مع تقديم الخبرات المصرية في فض المظاهرات من جانب، وإحداث الفرقة بين صفوف الثوار من جانب آخر، تمهيدا لنشر الخلافات بينهم وبالتالي يقوم كل فريق بالبحث عن مصالحه على حساب الأطراف الأخرى، وهو نفس الدور الذي قام به السيسي تحديدا بعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك في 11 شباط/ فبراير 2011.
اقرأ أيضا: هيرست: بعد السودان والجزائر كل العيون على مصر
ولا يستبعد الشرقاوي أن تقدم مصر بعض المساعدات الأخرى، مثل تشغيل مشروع الربط الكهربائي الذي أوقفته الحكومة المصرية من جانب واحد منتصف آذار / مارس الماضي، بحجة عدم وجود وزير للطاقة في السودان، بالإضافة لوقف أعمال التنقيب عن الغاز في مثلث حلايب وشلاتين، وهي الأعمال التي قامت بها مصر في إطار الضغط على حكومة البشير.
ويشير خبير الأمن القومي، إلى أن السيسي كان يتعامل مع البشير باعتباره "دواء مرا"، يجب تناوله، ولذلك فإنه كان من أكثر الداعمين لإزاحته، شرط أن يكون ذلك من خلال المؤسسة العسكرية وليس بثورة شعبية، حتى لا تمتد آثارها لمصر التي تعيش هي الأخرى مرحلة هامة متعلقة بالتعديلات الدستورية المرتقبة.
الإخوان يقاطعون الاستفتاء والمعارضة بالداخل تدعو لـ"لا".. لماذا؟
رفع الأجور والمعاشات .. رشوة السيسي قبل تعديلات الدستور
هذه أسباب زيارة السيسي لواشنطن.. ما علاقة نتنياهو؟