نشرت مجلة "سلايت" الناطقة باللغة الفرنسية تقريرا بينت فيه أنه في الوقت الذي يمارس فيه رئيس سلطة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي أبشع أنواع القمع ضد معارضيه والمجتمع المدني، يواصل العالم الغربي توقيع اتفاقيات تجارية مع نظامه وعقد صفقات بيع الأسلحة.
ونقلت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، ما قاله الشاب المصري محمود الأحمدي، الذي نفذ في حقه حكم الإعدام بتهمة اغتيال النائب العام: "إذا أعطيتني صاعقا كهربائيا أمام جميع الحاضرين وأمام عدسات الكاميرا، فأنا مستعد لأن أجعل أي واحد منهم يعترف بأنه قتل السادات".
وأضاف هذا الشاب متوجها بالحديث إلى القاضي: "سيدي، لقد تعرضنا لصعقات كهربائية تكفي لتزويد مصر بالتيار الكهربائي طوال عشرين سنة". ولكن كلماته لم تجد أذانا صاغية، ولم تمنع تنفيذ حكم الإعدام شنقا على محمود الأحمدي رفقة ثمانية شباب آخرين.
وذكرت المجلة أن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان لم تتأخر في التعليق على أحكام الإعدام المنفذة في مصر، حيث استنكرت منظمة العفو الدولية في بيان لها "إعدام أشخاص أدينوا لدى محاكم تعرف بالتعذيب وليس بالعدالة، وذلك دليل على مدى انتشار الظلم في البلاد".
اقرأ أيضا: فرانسوا دوروش: أنظمة العرب تدفع للغرب ثمن بقائها في الحكم
وأضافت المنظمة غير الحكومية في بيانها أن "هذه الإعدامات دليل واضح على الاستعمال المكثف للحكومة لعقوبة الإعدام، حيث نفذت 15 إدانة بالإعدام على امتداد ثلاثة أسابيع". وفي الثامن من نيسان/ أبريل، أعدِم ثلاثة مصريين شنقا في مدينة الإسكندرية بعد إدانتهم سنة 2014 بتكوين "جماعة إرهابية". وحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن هؤلاء المُدانين اعترفوا بالتهمة الموجهة لهم "تحت التعذيب".
وأشارت المجلة إلى أنه في مصر عبد الفتاح السيسي، الذي وصل إلى الحكم بعد انقلاب عسكري، يعتمد النظام ذريعة مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين في الداخل من جهة، وليسوّق للعالم الغربي صورة باهرة عن نظامه عبر ضمان الاستقرار ومكافحة الإرهاب.
وأفادت المجلة بأنه منذ سنة 2013، يقود السيسي سياسة قمعية متصلبة تقوم على إيقاف آلاف المعارضين السياسيين وخاصة الناشطين المقربين أو الذين على صلة بحركة الإخوان المسلمين التي تأسست سنة 1928، والتي تطالب بتطبيق القيم الإسلامية بعيدا عن السلفية والجهادية. وقد استغل النظام المصري فترة بروز تنظيم الدولة في بلدان العالم العربي، والذي لديه جهاز يقاتل تحت رايته في صحراء سيناء، من أجل جعل الأحكام القضائية أشدّ في حق المعارضة.
وخلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، صدرت أحكام في حق 740 شخصا خلال يوم واحد. وأدين 75 شخصا منهم بتهم متعلقة بقتل أفراد من الشرطة أو تخريب ممتلكات عمومية خلال شهر آب/ أغسطس من سنة 2013، من بينهم قيادات بارزة للإخوان المسلمين.
اقرأ أيضا: لماذا تتذيل مصر دول العالم في مؤشر الحريات والصحة والتعليم؟
ونوهت المجلة بأن النظام نفسه، الذي استولى على الحكم عقب انقلاب عسكري، اعتمد كثيرا على العنف بعد عزل محمد مرسي من منصبه في صيف 2013. ويوم 14 آب/ أغسطس من سنة 2013، شارك عناصر من الجيش والشرطة في قتل أكثر من 700 شخص بالرصاص من بين الذين تظاهروا تضامنا مع مرسي في شوارع القاهرة. ويعد ذلك اليوم الأكثر دموية في تاريخ مصر المعاصر أمام صمت ولامبالاة الديمقراطيات الغربية.
وأكدت المجلة أن سياسة القمع التي ينتهجها نظام السيسي لم تشمل المحسوبين على الإخوان المسلمين فحسب، بل طالت أيضا كل من تسول له نفسه أن يتجرأ على انتقاد النظام بما في ذلك من كان ضمنه. وخلال شهر نيسان/ أبريل سنة 2018، حكم على هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، بخمس سنوات سجن بتهمة "نشر معلومات تهدف إلى الإساءة للجيش". وقبل ذلك، أقيل جنينة من منصبه سنة 2016 عقب حديثه عن تكلفة الفساد العام بين سنتي 2012 و2015 التي بلغت نحو 60 مليار يورو.
وأوردت المجلة أن الكاتب علاء الأسواني، مؤلف كتاب "عمارة يعقوبيان" وأحد مؤسسي حركة "كفاية" المعارضة، تعرض لتتبعات عدلية بعد أن أدين "بإهانة الرئيس والقوات المسلحة والمؤسسة القضائية المصرية". وخلال شهر آب/ أغسطس من سنة 2013، تعرض المصور الصحفي محمود أبوزيد، الشهير بـ "شوكان" إلى الإيقاف.
اقرأ أيضا: منظمة دولية: هذه كلمة سر اعتقال المعارضين في مصر
وتطرقت المجلة لحالة إيقاف المحامي محمد رمضان خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لأنه نشر على فيسبوك صورة له وهو يرتدي سترة صفراء، التي ترمز للحركة الاجتماعية التي تهز فرنسا. وفي الواقع، لم تكن العديد من الشخصيات في الوسط الثقافي والأحزاب التحررية بمنأى عن اضطهاد نظام السيسي. ففي شهر شباط/ فبراير، استنكر حزب "الدستور" الليبرالي والعلماني (الذي أسسه محمد البرادعي سنة 2012) "حملة الإيقافات" التي استهدفت أعضاء من الحزب بعد رفضهم إصلاحا دستوريا يهدف إلى تمديد سلطات السيسي.
وفي الختام، قالت المجلة إن العالم الغربي مازال يتعامل مع السيسي رغم انتهاجه سياسة قمعية، حيث باعت فرنسا منذ سنة 2015، 24 طائرة حربية من نوع "رافال"، كما أصبحت مصر ثالث أهم زبائن فرنسا في سوق الأسلحة بعد إبرام عقود تسليح بقيمة ستة مليارات يورو في غضون ثلاث سنوات. وخلال زيارته الأخيرة إلى مصر، تجنب الرئيس الفرنسي فتح هذه المواضيع بل عزز من تقاربه مع السيسي عبر توقيع اتفاقيات تجارية بلغت قيمتها مليار يورو.
موقع أمريكي: السيسي يسحق المعارضة ويغذّي تنظيم الدولة
NYT: استقبال ترامب للسيسي قضاء على الديمقراطية بمصر
هذه كواليس دعم الإمارات لنظام بوتفليقة ضد الحراك الشعبي