أعلنت مصر الأسبوع الماضي طرح مزايدة عالمية للبحث والتنقيب عن البترول والغاز في منطقة حلايب الحدودية المتنازع عليها مع السودان، في خطوة أثارت رفضا واستنكارا من جانب الخرطوم التي أكدت أن هذا التنقيب باطل قانونا.
وأكدت وزارة النفط السودانية، في بيان شديد اللهجة، أن الإجراء المصري الأخير، يعد "تدخلا سافرا في صلاحياتها واعتداء على حقوقها الاقتصادية".
وأثارت هذه الخطوة من جانب مصر تساؤلات حول أسباب اختيار هذا التوقيت لبدء التنقيب عن النفط في منطقة حلايب؟ وما إذا كانت تحاول استغلال عدم الاستقرار في السودان الذي يشهد منذ عدة أسابيع تظاهرات شعبية قوية، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية في البلاد؟
وكانت شركة "جنوب الوادي" المصرية، المملوكة للحكومة، قد طرحت في وقت سابق مزايدة عالمية للبحث والتنقيب عن النفط والغاز في حلايب، في إطار تنفيذ استراتيجية الحكومة لتحقيق الاستفادة الاقتصادية المثلى من جميع الثروات الطبيعية، للمساهمة في التنمية المستدامة لمصر".
وكانت شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول، أعلنت عن طرح مزايدة عالمية للبحث والتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي في 10 قطاعات في البحر الأحمر من بينها منطقة حلايب، وحددت وزارة البترول المصرية أول آب/أغسطس المقبل موعدا نهائيا لتلقي العروض وإقفال المزايدة".
تجدد التوتر
وشهدت السنوات الأخيرة تأرجحا في العلاقات بين القاهرة والخرطوم، بين توتر شديد تارة وهدوء تارة أخرى.
لكن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدا لنبرة الخطابات الرسمية بسبب تنازع السيادة على مثلث حلايب وشلاتين الحدودي، حيث تؤكد كلتا الدولتين أن المنطقة تابعة لها، وأن من حقها ممارسة أعمال السيادة عليها، وإقامة المشروعات الاقتصادية المختلفة.
وبينما تؤكد مصر سيادتها على حلايب، يؤكد السودان أن له استثمارات قائمة بالفعل منذ سنوات طويلة في مجالات الطاقة والتنقيب عن النفط في المنطقة.
من جانبها، شددت وزارة النفط والغاز السودانية، في بيان لها، أن السودان يتمسك بسيادته على حلايب، وأنه لا يمانع في فتح الباب للعمل الاقتصادي المشترك مع مصر في المنطقة.
وفي السياق ذاته، قال النائب في البرلمان السوداني عن دائرة حلايب، أحمد عيسى، إن الإجراء الذي قامت به مصر مرفوض ويعتبر تعديا واضحا على موارد وسيادة السودان، لافتا إلى أن البرلمان سيستدعي وزير الخارجية السوداني وأعضاء اللجنة السودانية المصرية المشتركة، للتباحث معهم حول كيفية التصدي لهذا التدخل المصري في المنطقة.
تحذير
وتتهم الحكومة السودانية، في شكواها المتكررة سنويا بمجلس الأمن، الحكومة المصرية بالسيطرة على منطقة حلايب التي تعتبرها "أرضا سودانية".
بدورها، حذرت المفوضية القومية للحدود في السودان، شركات الطاقة والتعدين الدولية، من العمل في المنطقة التي طرحتها مصر للتنقيب عن النفط والغاز في مثلث حلايب، مشددة على أنها تقع ضمن إقليم دولة السودان وتحت سيادته.
وقال الدكتور معاذ أحمد تنقو رئيس المفوضية القومية للحدود، في تصريحات لوكالة الأنباء السودانية الرسمية، إن هذه الخطوة تغول على جزء من إقليم السودان الواقع تحت سيادته، محذرا من أن أي محاولة للاستثمار فيها أو استغلالها، يعرض هذه الشركات للمساءلة القانونية.
وكان وزير الدولة بوزارة النفط السودانية سعد الدين البشري، قد أكد في بيان سابق له، أن منطقة حلايب تقع تحت دائرة صلاحيات وزارة النفط والغاز السودانية، وفق الخرائط المعتمدة من قبل السلطات السودانية، وطالب الشركات والمكاتب الاستشارية الأجنبية بوقف أي عمل لها في هذه المنطقة، لأنه يعتبر عملا غير قانوني، وتترتب عليه آثار قانونية سوف تتحملها الجهة التي تقوم بهذا العمل.
لن يتقدم أحد
وتعليقا على هذه القضية، قال الخبير الاقتصادي إيهاب الألفي، إن مثلث حلايب الذي تسيطر عليه مصر ويطالب السودان باستعادته منذ خمسينيات القرن الماضي، ظل لعقود طويلة مصدرا للخلاف والتوتر بين البلدين الجارين.
وأضاف الألفي، في تصريحات لـ "عربي21" أنه دون التوصل إلى حل يرضي البلدين، إنه لن تتم أي استثمارات حقيقية في هذه المنطقة المتنازع عليها ، موضحا أن أي شركة أجنبية لن تغامر وتذهب لتستثمر في منطقة فيها توترات سياسية.
وقال إنه بعيدا عن السجالات السياسية بين الدولتين، فإن الموقف السوداني يعتمد في هذه المرحلة على تعطيل المصالح المصرية الاقتصادية في حلايب، عن طريق تحذير الشركات العالمية من التقدم لهذه المزايدة، وتهديد من يتقدم لها بتحمل المسؤولية القانونية".
وتوقع أن تحجم الشركات الأجنبية عن التنقيب عن النفط والغاز في حلايب، وأن تبقى الأوضاع في هذه المنطقة على ما هي عليه، إلا أن يتم تسوية القضية وديا بين مصر والسودان.
واختتم تصريحاته بأن الحكومة المصرية حاولت استغلال الفرصة وأعلنت عن المزايدة في هذا التوقيت، للاستفادة من انشغال الحكومة السودانية في الاحتجاجات المتواصلة في البلاد منذ عدة أسابيع، لكن الأمر لن ينجح على ما يبدو، لأن الشركات الأجنبية تعرف جيدا أين تضع استثماراتها، وتتجنب دائما مناطق النزاعات والتوترات السياسية.
لماذا "تستثمر" الإمارات والسعودية بـ"الصحة" في مصر؟
شبهات حول شراء السيسي مقاتلات روسية بملياري دولار
بعام واحد.. هل يملك جيش مصر عصا سحرية لحل أزمة القطارات؟