نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا، تتحدث فيه عن المشكلات التي تواجه العائلات التونسية في استعادة أولادها الذين ذهبوا للقتال مع تنظيم الدولة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فوزي طرابلسي (58 عاما) يحتفظ في محفظة نقوده بتذكرة للخطوط الجوية الليبية، وهي الرحلة الاخيرة التي قام بها في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، التي تعلم كفاح عامين لاستعادة حفيده تميم، اليتيم الذي قتل والده بعد غارة أمريكية على المعسكر الذي كان يعمل فيه في صبراتة في ليبيا.
وتذكر الصحيفة أن قوات الردع الليبية الخاصة اعتقلت الطفل عندما كان يبلغ من العمر عاما، رغم أن في يده شظية من الغارة التي نفذها الأمريكيون.
ويلفت التقرير إلى أن طرابلسي عندما شاهد الأخبار عن حفيده التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فإنه قرر السفر إلى ليبيا لاستعادة الطفل، وكان يسمح له في المرات الأربع التي زارها برؤية الطفل في مكتب قوات الردع الليبية الخاصة لمدة نصف ساعة، حيث يجلس معه على أريكة في مكتب الوحدة، وينتهي اللقاء بدفع 500 دينار ليبي للمسؤول في الوحدة، وكان الطفل "يجلس بجانبي ثم ينام".
وتقول الصحيفة إن "آلاف الأطفال مثل تميم يطرحون سؤالا جديا للدول في الشرق الأوسط وأوروبا حول ما يجب عمله مع أطفال مقاتلي تنظيم الدولة، وهو سؤال بات ملحا بعدما خسر التنظيم أراضيه في سوريا، وألقي القبض على أعداد من المقاتلين الأجانب وأبنائهم، ويطلب من الحكومات الغربية استعادتهم من المخيمات في شمال سوريا وشرقها".
ويفيد التقرير بأنه بعد عودة طرابلسي إلى تونس فإن تميم نقل إلى عيادة صحية في تونس لشهر، وقال مسؤولون في وزارة شؤون الطفولة له إن حفيده سيظل يحمل معه ذكريات الغارات الجوية "سواء تذكرها أم لا فهو لا يستطيع التعبير عنها".
وتنقل الصحيفة عن مسؤول، قوله إن الطفل يتحدث اليوم مثل أي طفل في الرابعة من العمر، وينادي جده "بابا" وينادي جدته "ماما"، مشيرة إلى أن تميم يعد واحدا من ثلاثة أطفال تمت استعادتهم من أبناء تنظيم الدولة إلى تونس.
وينوه التقرير إلى أن تونس في مرحلة ما بعد ثورة الياسمين عام 2011 أرسلت مقاتلين إلى تنظيم الدولة أكثر من أي دولة أخرى، وتفوقت روسيا عليها بعدد الذين سافروا إلى سوريا بالنسبة لتعداد السكان، وبحسب الحكومة التونسية، فإن حوالي 3 آلاف رجل وامرأة سافروا للقتال في العراق وسوريا وليبيا، عاد منهم ألف، 500 منهم تحت الإقامة الجبرية، مشيرا إلى أن القوات الكردية، التي دعمتها القوات الأمريكية، اعتقلت المئات من التونسيين والتونسيات.
وتستدرك الصحيفة بأن بعض المنظمات تقدر العدد بحوالي 6 آلاف رجل وامرأة، فيما لاحظت "جمعية إنقاذ التونسيين العالقين في الخارج" زيادة في عدد العائلات التي جاءت لطلب المساعدة في استعادة أبنائها.
ويورد التقرير نقلا عن مدير المؤسسة في تونس، محمد إقبال بن رجيب، قوله: "لم نحدد العدد بعد؛ لأننا نتلقى في كل يوم حالة أو حالتين، وأحيانا أربع حالات"، وتم توزيع رقم هاتف المؤسسة في مخيمات اللاجئين، ويتلقى رسائل على "واتساب" من أشخاص لا يعرفهم "يطلبون المساعدة"، وقدم رسالة فيديو أرسلت إليه من امرأة تونسية تستخدم رقم هاتف أمريكيا، ويظهر رموزا، تركض أمام خيمة تحترق في مخيم الهول في شرق سوريا.
وتقول الصحيفة إنه في مدينة القيروان في شمال تونس، تجلس طهايا خشيني (61 عاما) في غرفة المعيشة، وعددت من فقدتهم في الحرب، حيث ولد خمسة من أحفادها في سوريا بعدما غادر ابنها أويس (28 عاما) للانضمام إلى الجيش السوري الحر في عام 2012، وبعد ذلك تم تجنيده في تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن واحدا من أحفادها توفي بعد إصابته بفيروس، وماتت حفيدة بسبب الحمى، وقتل ابنها وزوجته الثانية في دير الزور على يد عناصر من تنظيم الدولة بعد انشقاقهما عن الجماعة، ويعيش أحفادها الثلاثة المتبقون في مخيم قرب الحدود التركية.
وينقل التقرير عن وزارة الخارجية التونسية، قولها إنه يمكن إعادة الأطفال لو استطاعوا الوصول إلى القنصلية التونسية في تركيا، خاصة أن تونس لا تقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا، لافتة إلى أن العائلة ذهبت مرتين إلى تركيا لترتيب عودتهم، وأرسلت لهم مالا لكن دون نتيجة.
وبحسب الصحيفة، فإن ابن خشيني الثاني، محمد، حاول السفر وإحضارهم بنفسه، إلا أنه حذر من اعتباره مشتبها به ويحاول الانضمام لمنظمة إرهابية.
ويستدرك التقرير بأنه رغم تأكيد الحكومة التزامها بجلب الأطفال إلى تونس، إلا أنها لم تفعل إلا القليل، مشيرا إلى أن النائبة خولة بن عائشة أرسلت رسالة في صيف العام الماضي إلى وزارة الخارجية، قالت فيها إنها رتبت مع السلطات الليبية لإجراء فحوص حمض نووي للتأكد من هوية الأيتام التونسيين العالقين في السجون الليبية، وقالت إن "غير الأيتام صعب إحضارهم".
وتشير الصحيفة إلى أن بن عائشة تدعو لعودة الأطفال وليس أمهاتهم، فتقول: "تحاول الأمهات التمسك بالأطفال باعتبارهم ورقة ابتزاز، ونريدهن التخلي عن حضانة الأولاد، ويجب نقلهن إلى سجون تونسية".
ويلفت التقرير إلى أن السلطات الليبية وفي شمال سوريا تريد ترحيل النساء وسجنهن في سجون تونسية، وفي الوقت الحالي تريد السلطات التونسية ترحيل أطفال وأمهات تونسيات، وكذلك 80 جثة متشدد تونسي.
وتورد الصحيفة نقلا عن المحامي أنور ولد علي، قوله إن الأحزاب السياسية كلها تحاول تجنب هذا الموضوع؛ لأن العام هو عام الانتخابات، وتخشى من مهاجمة الصحافة أي شخص يدعو لإعادة التونسيين هناك، حتى لو كانوا أطفالا.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن نسبة 30% من التونسيين تدعم عودة المقاتلين الأجانب، وذلك بحسب استطلاع قامت به مؤسسة "أفروباروميتر" عام 2018، مع أن ألف شخص احتج عام 2017 ضد عودتهم.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فورين بوليسي: الأسد يستخدم تنظيم الدولة لترهيب الأقليات
NYT: تنظيم الدولة مثل مرض مزمن لا شفاء منه.. لماذا؟
بوليتيكو: لماذا يعد ادعاء هزيمة تنظيم الدولة ساذجا وخطيرا؟