حزب
اليسار الأخضر "Groen Links" أول حزب هولندي ينادي بمقاطعة "
إسرائيل" ويعلن
دعمه لحركة المقاطعة "BDS"، جاء ذلك رسميا خلال
المؤتمر العام للحزب 2019، قبيل انطلاق السباق نحو
انتخابات مجالس الأقاليم
الهولندية التي أقيمت في 20 أذار / مارس الجاري، ضمن اثني عشرة مقاطعة هولندية.
موقف حزب
اليسار الأخضر من "إسرائيل" تجاوز الملكة الهولندية، حيث دعت النائبة في
البرلمان الأوروبي عن ذات الحزب "جوديت سارخينتيني"؛ إلى قطع العلاقات
مع "إسرائيل" ودعم حركة المقاطعة الدولية "BDS"، في محاولة لعزل الاحتلال
الإسرائيلي دوليا ومحاسبته قانونيا على عدوانه ضد الشعب
الفلسطيني.
خطوة أخرى
لليسار الأخضر أثارت حفيظة اللوبي الإسرائيلي في
هولندا، عندما غادر أعضاء الحزب
البرلمان الهولندي، سنة 2017، احتجاجا على كلمة لأحد الناشطين الداعمين للاحتلال
الإسرائيلي.
أيضا من
مواقف حزب اليسار الأخضر التي تعتبر معادية للسياسة الإسرائيلية، الرفض المتكرر
لعمدة العاصمة أمستردام "فيكمي هالسيما" لكافة الضغوط من اللوبي
الإسرائيلي لمنع إقامة الاعتصامات التضامنية مع الشعب الفلسطيني في ساحة الدام
التاريخية، والتي تعتبر منبرا لإسماع صوت فلسطين في هولندا وإبراز جرائم الاحتلال
الإسرائيلي في فلسطين.
رد اللوبي
الإسرائيلي على قرار حزب اليسار الأخضر مقاطعة "إسرائيل"؛ جاء من خلال
حملة شرسة شنتها وسائل إعلام إسرائيلية على الحزب متهمة إياه بالعنصرية والدفاع عن
منظمات إرهابية، بالإضافة إلى الاعتصامات الإسرائيلية أمام مقرات الحزب في عدة مدن
هولندية.
الحملة
الإسرائيلية أثار حفيظتها فيديوجرافيك أنتجه "المركز الفلسطيني الأوروبي
للإعلام" حول إعلان الحزب مقاطعة "إسرائيل"، لتكيل الاتهامات للحزب
وتحاول تشويه صورته أمام الجمهور الهولندي، مع ربطه بالعنصرية ومعاداة السامية، في
محاولة أرى أنها تأتي في إطار ضرب شعبية الحزب الأول في هولندا الذي يدعو إلى مقاطعة
الاحتلال وإنصاف الشعب الفلسطيني.
لكن المحاولة
الإسرائيلية منيت بهزيمة بعد تقدم حزب اليسار الأخضر في انتخابات مجالس الأقاليم
الهولندية، حيث حقق الحزب تسعة مقاعد، بزيادة خمسة مقاعد عن انتخابات 2015،
وتراوحت الزيادة في عدد المقاعد بين مقعدين وأربعة مقاعدة في مجالس الأقاليم.
نسبة
المشاركة في الانتخابات بلغت 54 في المئة، في حين وصلت المشاركة في انتخابات 2015
إلى 48 في المئة. ومنيت أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي بانتكاسة، حيث تراجعت عدد
المقاعد لهذه الأحزاب من 38 مقعدا إلى 31.
ويضم
الائتلاف المشكل للحكومة الهولندية أحزاب "VVD" و"D66" و"CDA" وحزب الاتحاد المسيحي
"CHRISTEN UNIE" الذي
يعد الناجي الوحيد من أحزاب الحكومة بإضافة مقعد جديد إليه، ليصل إلى أربعة مقاعد.
فقد تراجع حزب "VVD"
الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة الهولندية "مارك روتة" إلى 12 مقعدا، و"D66" إلى ستة مقاعد، و"CDA" بتسعة مقاعد. وبهذه النتيجة،
يفشل الائتلاف الحالي بالحصول على الأغلبية، وهو مضطر إلى التحالف مع أحزاب اليسار
التي ربما يكون حزب اليسار الأخضر واحدا من أهم هذه الأحزاب، وهو سينعكس بالتالي
على سياسة الحكومة الهولندية الجديدة بعد انتخابات البرلمان الهولندي القادم في
أيار/ مايو.
اليمين المتطرف في هولندا أيضا تلقى ضربة موجعة، حيث تراجع "حزب من
أجل الحرية" (PVV) برئاسة "خيرت فيلدرز"
إلى خمسة مقاعد، من أصل تسعة مقاعد في انتخابات 2015، أي بخسارة مقعدين إلى أربعة
مقاعد في مجالس المقاطعات. ويعتبر هذا الحزب من أشد الأحزاب اليمينية تطرفا تجاه
المسلمين واللاجئين عموما، حيث يتبنى دعوات مسيئة للإسلام ونشر خطاب الكراهية ضد
المسلمين في هولندا.
ويثير هذا
التراجع للحزب المتطرف في انتخابات مجالس الأقاليم ارتياحا في أوساط اللاجئين
والمسلمين في هولندا، في دلالة على انخفاض شعبيته داخل المجتمع الهولندي.
المفاجأة
في الانتخابات الهولندية الأخيرة، والتي شكلت صدمة على المستوى السياسي والشعبي،
هي أن حزب منتدى الديمقراطية (FvD) الذي يترأسه "تيري باوديت" ويشارك لأول مرة في الانتخابات الهولندية، حقق
فوزا مفاجئا بـ13 مقعدا، في سابقة لم تحدث في الانتخابات الهولندية الماضية.
هذا
الفوز أثار حفيظة اللاجئين في هولندا، خصوصا وأن حزب "FvD" يعتبر من أحزاب اليمين وله
مواقف رافضة للاجئين والهجرة، كذلك فإنه يدعو إلى خروج هولندا من الاتحاد
الأوروبي.
لا شك في
أن تقدم حزب اليسار الأخضر الذي ينادي بمقاطعة إسرائيل وتراجع حزب من أجل الحرية
اليميني المتطرف الذي يحارب كل فعالية لدعم فلسطين في هولندا؛ تحول له ما بعده،
ويشكل دفعة قوية للعمل الفلسطيني في هولندا لمزيد من التواصل مع الأحزاب السياسية
في هولندا، لتبني مواقف داعمة للقضية الفلسطينية.