نشر موقع "لوب لوغ" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن التهديد المحدق بدولة البحرين، التي لا تزال عرضة لمخاطر تآكل الساحل أو "التعرية البحرية" وغيرها من المشاكل البيئية المرتبطة بارتفاع منسوب مياه البحر.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التغير المناخي أصبح يشكّل تهديدا على جميع الدول الواقعة في الخليج العربي، بيد أن ارتفاع منسوب مياه البحر يعرض البحرين لخطر أكبر.
وعلى الرغم من أن الاحتباس الحراري يسرّع عملية التصحر وندرة المياه في جميع أنحاء دول الشرق الأوسط، إلاّ أنه ينبغي على هذه الدولة الصغيرة تكريس اهتمام خاص لمجابهة هذا التحدي البيئي وضمان نجاتها من الأزمات البيئية العديدة التي تميز القرن الحادي والعشرين.
وأشار الموقع إلى أن معظم سكان دولة البحرين، التي تغطيها المناطق الصحراوية، يعتبرون أن التغير المناخي قضية في غاية الخطورة.
فارتفاع منسوب مياه البحر من المرجّح أن يغمر أراضي البحرين بنسبة تتراوح بين 27 و56 بالمئة بحلول سنة 2100. كما أن فقدان تلك الأراضي من شأنه أن يساهم في تدمير اقتصاد هذه الدولة الجزيرية وإمدادات المياه والبيئة الطبيعية.
ونقل الموقع عن أستاذ الموارد المائية بجامعة الخليج العربي، وليد زباري، أن "الماء يعد أول قطاع يتأثر بالتغيرات المناخية، مما يؤدي إلى تكثيف الدورة المائية الهيدرولوجية ناهيك عن الآثار الخطيرة لتواتر الأحداث المناخية القاسية".
وأضاف زباري أن "ارتفاع منسوب سطح البحر، وزيادة التبخر، وتساقط الأمطار غير المتوقع، والجفاف لفترة طويلة، من بعض مظاهر تقلّب المناخ التي تؤثر بشكل مباشر على توفر المياه وجودتها".
وأفاد الموقع بأن جميع سكان البحرين عاشوا ضمن 60 ميلا على الساحل في سنة 2000، مما يشير إلى مخاطر تغيّر المناخ في هذا البلد المعروف بشواطئه.
وقالت الأستاذة المشاركة في نظم المعلومات الجغرافية والبيئية بجامعة الخليج العربي، صباح الجنيد، إن تغير وتيرة مستويات سطح البحر القصوى "سيؤثر سلبًا على المجتمعات الساحلية من خلال زيادة مخاطر حدوث فيضانات وتآكل الشواطئ والمنحدرات" مضيفة أن "ارتفاع مستويات سطح البحر سيؤثر بدوره على الأنظمة البحرية التي تحمل قيمة بيئية واقتصادية".
وذكر الموقع أن المسؤولين في البحرين يدركون تماما التهديد الذي يمثله الاحتباس الحراري. ففي شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصفت الجهات المسؤولة البحرين بأنها "معرضة لتهديد شديد" وطالبت بالحصول على 9.8 ملايين دولار من المساعدات التي يقدّمها صندوق المناخ الأخضر، وهو برنامج نظمته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي.
اقرأ أيضا : هل يمكن أن تختفي السحب بسبب تغير المناخ؟
ومن المحتمل أن يساهم ارتفاع مستوى سطح البحر في ندرة المياه في البحرين. وتشير ورقة بحثية قدمت في "مؤتمر الخليج الثاني عشر للمياه" في البحرين سنة 2017 إلى أن مياه البحر تلوث طبقات المياه الجوفية التي يعتمد عليها الكثير من البحرينيين للتزوّد بالمياه.
كما أن اعتماد البحرين المفرط على بعض طبقات المياه الجوفية أدى إلى تفاقم هذه القضية البيئية.
ونوه الموقع بأنه من المرجّح أن يؤثر نقص المياه على 30 بالمئة من سكان البحرين بحلول سنة 2025. ويتوقع "معهد الموارد العالمية" أن تصبح البحرين واحدة من أكثر دول العالم التي تعاني من "ندرة المياه" بحلول سنة 2040، كما أضحت الدول المجاورة، على غرار الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وفلسطين، تعاني من المشكلة ذاتها.
ونقل الموقع عن زباري أنه "من المحتمل أن يؤدي الارتفاع في درجة الحرارة إلى الزيادة من استهلاك المياه في البحرين، حيث ستُلبى احتياجات الأفراد من الماء بشكل أساسي عن طريق تحلية المياه أو استخراجها.
وينبغي إنشاء المزيد من محطات تحلية المياه من أجل تلبية هذه الاحتياجات، ما يخلق عبئا اقتصاديا على سلطات المياه في البحرين ويزيد من تفاقم المشاكل البيئية المرتبطة بهذا المجال".
والجدير بالذكر أن ندرة المياه قد تضعف من قدرة البحرين على الاستجابة للقضايا البيئية الأخرى، على غرار الأمن الغذائي.
وتحاول وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني النهوض بقطاع الزراعة المستدامة، إلا أن إمدادات المياه المحدودة في هذه الدولة الجزيرية ستعرقل هذه المجهودات.
وأشار الموقع إلى أنه في محاولة لاستباق ارتفاع منسوب سطح البحر وتوسيع نطاق الفرص المتاحة بالنسبة لسماسرة العقارات، اعتمدت البحرين المثال التاريخي للأطراف الرائدة على غرار الصين وهولندا وسنغافورة، الذي يتمثل في عملية استصلاح الأراضي.
وتعكس هذه المبادرة تطورات مماثلة في مدينتي أبوظبي ودبي المجاورتين، حيث عززت عملية استصلاح الأراضي من النمو الاقتصادي. ومع ذلك، وجه أنصار حماية البيئة انتقادات للمشروع البحريني عن طريق تويتر، مشككين في قدرة المشروع على مواجهة ارتفاع منسوب سطح البحر.
وأورد الموقع أنه في حال قررت البحرين اعتماد نماذج أكثر فاعلية للتعامل مع ظاهرة الاحتباس الحراري، فبإمكانها النسج على منوال إندونيسيا، حيث اعتبرت هذه الدولة حماية البيئة جزءا من خطة أوسع للحفاظ على الطبيعة.
اقرأ أيضا : كوارث بيئية حول العالم.. تغيرات مناخية أم تقصير بشري؟
ويمكن للأجهزة الحكومية البحرينية المزوّدة بما يكفي من الموارد، مثل المجلس الأعلى للبيئة، أن تنجح في الاستجابة لارتفاع منسوب سطح البحر وتغير المناخ بصفة عامة، من خلال التعاون مع مجموعة "كلين آب البحرين" وغيرها من المنظمات البيئية البحرينية، بهدف ضمان إشراك المجتمع المدني.
وفي الختام، أفاد الموقع بأنه نظرا للأزمات البيئية المتعددة التي قد تواجهها الدولة الجزيرية والدول الخليجية المجاورة لها، ستحتاج البحرين إلى تطبيق سياسة بيئية شاملة استعدادا لعقود من التقلبات البيئية.
وحسب زباري "لن يساعد توفير كل قطرة ماء البحرين على التكيف مع تغير المناخ فحسب، بل سيعود على البلد بالعديد من المزايا المالية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية أيضا".