خرجت جماهير شعبنا بداية الأسبوع الماضي في
مظاهرات تحمل شعار "ارحل"، تطالب رئيس السلطة
محمود عباس بتقديم استقالته.
خرجت هذه الجماهير بعد فشل مباحثات روسيا مؤخرا، واستمرار الإجراءات ضد القطاع من خصم للرواتب والفصل ووقف التحويلات، وغيرها من جملة الإجراءات التي عملت على تعميق الجرح النازف في القطاع. كان الجميع يحاول أن يُخرج حجم القهر والألم، فتجاوز العديد من محددات هذا التحرك، وبدأ بالهجوم على حركة
فتح بمجملها، ومنهم من هاجم منظمة التحرير، ومنهم من طالب برحيل كل النظام السياسي بشكله الحالي (أوسلو).
في المقابل، خرجت تجمعات شعبية في بعض المحافظات تدعم الرئيس ضد هذه الحملات التي تحاول أن تنال منه، على حد وصفهم. وفي خضم هذه الحالة المتأزمة، وحالة الشد والرخي التي تتعرض له ساحتنا الداخلي، يجب أن نتوقف عند بعض القضايا الجوهرية وأن نتحدث بتجرد، وفق المعطيات على الأرض لكل الأطراف الداخلية والخارجية، ونضع بعض الومضات المهمة التي نرى ضرورة استحضارها في أثناء التفكير بمجمل قضيتنا.
أولا: لا مشكلة لدينا مع الرئيس أبو مازن سوى في أمرين أساسيين:
- الإجراءات المفروضة على قطاع غزة وسياسته في التعامل مع الاحتلال.
- احتكاره للسلطة منذ أكثر منذ 12 عاما.
وفكرة #ارحل للمطالبة برحليه من مقعد الرئاسة وليس من حركة فتح أو المشهد السياسي
الفلسطيني. وهذا التحرك غير موجه ضد حركة فتح أو السلطة بشكل قطعي.
ثانيا: كلمة السر في عملية تحقيق الوحدة والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد قضيتنا، تتمثل في دعوة الرئيس عباس للانتخابات الشاملة والذهاب للوحدة الوطنية، على قاعدة الشراكة لا الإقصاء والتفرد وفق ما تم الاتفاق والإجماع عليه في 2011 و2017، وبما جاء بوثيقة الأسرى التي عالجت الكثير من القضايا، خاصة الملف الأمني والموظفين، فلو حدث أي مكروه للرئيس، سنذهب للأسف لتجذر الانقسام ليس على مستوى
حماس وفتح فقط، ولكن أيضا بين غزة والضفة الغربية بكل مكوناتهما الجغرافية، وسنذهب للفصل بشكل سريع. ومخطئ من يعتقد العكس، وأي خطر ستتعرض له القضية سيتحمل الرئيس الجزء الأكبر من المسؤولية أمام شعبه والتاريخ.
ثالثا: الحديث عن تجاوز منظمة التحرير أو العمل على إيجاد بديل عنها، خطيئة كبرى، فهل نستطيع أن نوجد أي جسم بديل يعترف به العالم أو يمكن من خلاله إسعاف قضيتنا، وسنبذل عشرات السنوات لنصل بعد ذلك لما وصلت إليه منظمة التحرير اليوم في أحسن الأحوال. فالمطلوب هو عملية إصلاح وإعادة تفعيل للمنظمة وللجانها وفق مخرجات بيروت 2107، التي أجمعت عليها كل مكونات شعبنا، لا طرح فكرة الأجسام البديلة.
رابعا: إنهاء أوسلو والسلطة الفلسطينية خطوة ستذهب بنا لغيابات الجب، وسنخرب بيتنا بأيدينا. من يريد تمزيق اتفاقيات مبرمة حتى لو كانت مجحفة، يجب أن تتوفر لديه القوة ليصيغ اتفاقيات يحقق فيها أفضل مما كان الأمر عليه. فهل لدينا تلك القوة؟ وهل لدينا العمق والظهير بالمنطقة أو قوة دولية يمكن أن تساعد على ذلك؟
ختاما: أرى ضرورة المحافظة على ما تم تحقيقه خلال سنوات كفاحنا الممتد كخيار لا بديل عنه، حتى لو لم يتماشَ مع جزء من مكونات شعبنا أو إرادة الجماهير، والإسراع في إنجاز الانتخابات وتحقيق الوحدة الوطنية، وقبول فكرة الخسائر الكبيرة لدى الجميع، وإلا فإن الشعب سيبكي على أوسلو والسلطة، كما نبكي اليوم على عدم القبول بقرار التقسيم 181، وسنجد أنفسنا بعد سلسلة التضحيات التي بذلها شعبنا لعشرات السنوات، دون دولة أو كيان أو حتى دون أي أرض.