أثار تصريح حكومي عن استعدادات حثيثة لنقل 34 مقرا من قصور الحكومة، ومباني مجلس الوزراء، والنواب، ودواوين الوزارات، والهيئات الحكومية بالقاهرة، للعاصمة الإدارية الجديدة، الجدل حول مصير المباني التاريخية منها.
وقرر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء، عقد لقاء دورى كل 3 أسابيع لمتابعة إجراءات انتقال الحكومة والهيئات التابعة لها للحي الحكومي بالعاصمة الجديدة، التي تبنها رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بعد الانتهاء منه في تموز/يوليو المقبل، حيث تنطلق أعمال الدولة من هناك العام القادم.
القلق حول مصير تلك المباني التاريخية والمسجلة كآثار بالقاهرة الخديوية كمجلس الوزراء ووزارات الصحة والتعليم والأوقاف والخارجية القديمة، زاد إثر تصريح رئيس شركة العاصمة الإدارية اللواء أحمد زكي عابدين، لصحيفة "الأهرام"، بأن الشركة ستحصل على المقابل النقدي لبيع بعض المقرات التي سيتم إخلاؤها بالقاهرة.
وحسب خبراء فإن قيمة الأصول العقارية لمبانى الوزارات التي تتعدى مساحتها مائة فدان بوسط القاهرة، من 700 إلى 800 مليار جنيه، ما دفع للحديث عن إمكانية الاستفادة منها بتأجيرها كمقرات لشركات استثمارية كبرى، ومقرات للبنوك أو تحويلها لفنادق ومسارح ومزارات سياحية.
اقرأ أيضا: فضيحة جديدة كشفتها العاصمة الإدارية عن تصريحات السيسي
تعظيم الاستفادة
"عربي21"، توجهت للأثري السابق لدى وزارة الدولة لشئون الآثار، الدكتور حسين دقيل، بالتساؤل: "هل نبيع تلك المقرات أم نطورها؟، وما خطورة البيع؟ وما فوائد التطوير؟"، فقال: "بالطبع لا نبيعها؛ ولكن الأفضل لمصر وللأجيال القادمة هو تطويرها وتعظيم وسائل الاستفادة منها، والتعلم من تجارب الدول الأخرى".
وأكد لـ"عربي21"، أن "بالقاهرة وحدها نحو 16 مبنى أثري مقار حكومية"، مشيرا إلى أن غير المسجل من مباني القاهرة أكثر بكثير لأن أي مبنى مر عليه أكثر من 100 عام وله قيمة حضارية وتاريخية يدخل تلقائيا كتراث تاريخي وأثري ولكن ينقصه التسجيل الإداري".
وأضاف أن "مثل تلك المباني التاريخية تصل لـ6 آلاف مبني بمحافظات ومدن الجمهورية ما بين قصور ومباني عريقة ومدارس قديمة مر عليها أكثر من 100 عام وأغلبها مباني حكومية، وبالقاهرة وحدها نحو 3 آلاف مبنى".
وأوضح أن القصة تتمثل في "إصرار شركة العاصمة الإدارية على الحصول على مقابل مباني الوزارات والهيئات بالحي الحكومي عند الانتقال من خلال بيع بعض المقار القديمة للوزارات بالقاهرة".
اقرأ أيضا: ما حقيقة الخلاف بين مصر والإمارات حول عاصمة السيسي؟
متحف مفتوح
ويعتقد الأثري المصري، أن بيع تلك المباني لهدمها وبناء مبان وأبراج شاهقة خطأ كبير، وتدمير للتاريخ والحضارة، مشيرا إلى أن "دولا كثيرة لا تملك 5 آلاف سنة حضارة وعمرها فقط 70 سنة وتحاول أن تصنع مثل هذا التاريخ الذي نفرط فيه اليوم".
وفي رؤيته للحل الأمثل، يرى أنه إذا كانت القيمة السوقية لها نحو 700 مليار جنيه تريدها الحكومة الآن؛ فيمكن تحويل هذه المباني لمزارات سياحية تجلب مليارات الجنيهات سنويا بدلا من بيعها وبوضعها على الخريطة السياحية للبلاد وتحويلها لمتحف أثري مفتوح يجعلها مصدرا للدخل اليوم ورصيدا للأجيال القادمة بالمستقبل.
وأكد أن السياحة بمعظم دول العالم تعتمد على المتاحف المفتوحة بالشوارع مثل أسبانيا وإيطاليا ومدينة اسطنبول بتركيا، متسائلا: "لم لا نستنسخ هذه التجارب؟، خاصة وأن لدينا شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة والذي يضم أكثر من 600 أثرا ويعد أكبر شارع أثري بالعالم".
ويعتقد دقيل، أن أزمتنا بمصر تتمثل بغياب المسؤولين الذين يتمتعون بحسن الإدارة، والحس الوطني، والوعي بقيمة وأهمية التراث والتاريخ، خاتما بقوله إننا "ندمر هذه الآثار وذلك التاريخ وسيذكر كل من أساء لها بسوء، ولكن لا يجب أن نتوقف عن توعية الشعب بأهمية التمسك بهذا التراث".
اقرأ أيضا: ما تأثير انسحاب الصين من مشاريع عاصمة السيسي.. ودلالته؟
الجدوى الاقتصادية
ومن الجانب الاقتصاي، قال الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف سلام، إن "كل الأصول المملوكة للدولة سوف تتحول ملكيتها للصندوق السيادي؛ وسوف يتم إستثمار هذه الأصول وفقا لقواعد الصندوق".
وأكد لـ"عربي21"، أن أولوية البيع أم التطوير من وجهة نظر اقتصادية يأتي على حسب الجدوى الاقتصادية من عملية التطوير للأصل، موضحا أن "هناك أصول ? جدوى اقتصادية من تطويرها وهناك العكس".
وأوضح أن الأمر يتوقف على حسب التكلفة والعائد من عملية التطوير، وأيضا على حسب مدى أهمية الأصل للدولة، مشددا على أن "الصندوق السيادي به خبراء على أعلى مستوى من المهنية والوطنية".
وفي تعليقه، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفي مظهر، إلى قلة المعلومات في هذا الإطار، مؤكدا أنه "لا توجد معلومات صحيحة وكاملة عن هذا الموضوع"، مضيفا أنه "إذا كان تصريح زكي عابدين عن بيع بعض مقار الوزارات بالقاهرة صحيحا وأن العاصمة الإدارية ستحصل على المقابل النقدي لبيع بعض المقرات القديمة؛ فهو فكر عبقري وخارج الصندوق".
وأكد لـ"عربي21"، أن ما يثار من مخاوف لدى البعض حول بيع هذه المباني الأثرية لشركات أجنبية، "هو تخمين في غير محله ويستبق الأحداث بسوء نية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "حديث تطوير تلك المباني والاستفادة منها وتحويل بعضها لفنادق ومتاحف؛ مقترحات يمكن دراستها بحيادية وتعظيم الجدوى والفائدة منها".
وبين مظهر، أنه لمعرفة أيهما أفضل لظروف مصر الحالية بيع تلك المباني أم تطويرها، "يجب طرح الدراسات الموضوعية التي تمت بهذا الشأن لتعظيم الفائدة منها"، مؤكدا أن لديه كخبير اقتصادي "بدائل متعددة يمكن طرحها بالوقت المناسب".
فضيحة جديدة كشفتها العاصمة الإدارية عن تصريحات السيسي
كيف سيستغل السيسي رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي؟
تعديلات الدستور بين مرسي والسيسي تكشف تسييس القضاء