خلط بيان قائد الجيش
الجزائري، أحمد قايد صالح، الأوراق
في الجزائر، وفتح الباب على الكثير من التكهنات بشأن العملية السياسية في البلاد
والانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتعهد قائد الجيش
الجزائري أحمد قايد صالح الثلاثاء بحفظ الأمن في البلاد في تصريحات ترقبها
الجزائريون في أعقاب تقديم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقه أوراق ترشحه رسميا
للانتخابات الرئاسية.
وقال قايد صالح، إن
الجيش سيبقى ممسكا بمكسب إرساء الأمن والاستقرار بالبلاد، معتبرا أن الشعب لا
يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرط في نعمة الأمن وراحة البال.
وفي حين كان البيان رماديا في بعض ما جاء
فيه، إلا أن مراقبين قالوا إنه كان واضحا جدا في نبرة التخويف للمتظاهرين في
الشارع، والشعب الجزائري كاملا.
الناشط السياسي والدبلوماسي
الجزائري السابق، محمد العربي زيتوت، أكد لـ"
عربي21" أن بيان الجيش يحمل
لغة التخويف للمتظاهرين، لكون
القايد صالح يقف وراء العهدة الخامسة مع جماعته، وأن
الأجنحة الثلاثة في الدولة تدعمها أيضا لأنهم لم يجدوا بعد بديلا لبوتفليقة يرضى
جميع الأطراف في السلطة.
وأشار إلى أن تذكير الشعب بالتسعينيات هو
خطاب تخويفي، لافتا إلى أنه ليس الأول إذا سبقه الأسبوع الماضي أن سماهم القايد
صالح بـ"المغرر بهم" ومن يقف وراء دعوات التظاهر بـ"المحرضين"، وهو ما كرره كل "الطغاة"، بحسب تعبيره.
وذكر زيتوت بتخويف رئيس الوزراء، أحمد
أويحيى، الشعب الجزائري بالفوضى ومصير سوريا إذا لم يقبلوا بالعهدة الخامسة.
وتابع بأن ما يحدث الآن في الجزائر أمر غير
معقول، إذ لم يكن يتصور أن تصل الـ"السفاهة" بالسلطة إلى تقديم رجل شبه
ميت، خاطب شعبه آخر مرة في 2012، ليحكم الشعب بولاية خامسة.
وأكد زيتوت بأن من هم في السلطة الآن
منقطعون عن الشعب ولا يعرفون لماذا يتظاهر، ولا علاقة لهم به أخلاقيا ولا ماديا،
ويعيشون في عالم آخر، شأن كل المستبدين والديكتاتوريين.
وعن دعوات بعض المعارضين الجيش للتدخل
والوقوف إلى جانب مطالب الشعب، قال زيتوت إنهم أرادوا القول للعسكر إن عليهم
حماية إرادة الشعب الذي تظاهر لرفض ترشح
بوتفليقة.
وقال إن الاحتجاجات بدأت تصبح أكثر حدة ووصلت
الشعارات إلى المطالبة بإسقاط النظام لأن الاستفزاز أصبح غير مسبوق.
وأشار إلى أن تهديدات العصابة الحاكمة لن
تخيف الجزائريين، مثلما لم يخف التونسيون، والليبيون، والمصريون، مؤكدا أن
الاستفزاز سيجعل الشعب أقوى.
ولفت إلى أنه في ولاية باتنة خرج قرابة 300
ألف متظاهر، في حين أن السكان قرابة 700 ألف، أي أن نصف السكان خرجوا ولم يبق في
البيوت إلى الأطفال وكبار السن.
وتوقع زيتوت أن يحدث تغير دراماتيكي في
المشهد يسقط كل "العصابة الحاكمة"، إلا إذا ألغيت العهدة الخامسة،
مستدركا بأن ذلك سيخفف غضب الشارع، لكنه لن
يوقفه لأنه أصبح موجها ضد السلطة الحاكمة كاملة وليس بوتفليقة وحده.
وقال قايد صالح، وهو
نائب وزير الدفاع أيضا: "الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه هو
نفسه مطالب اليوم في أي موقع كان أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه".
وأضاف: "ندرك إن
هذا الأمن المستتب وهذا الاستقرار سيزداد تجدرا وترسيخا، وسيبقى الشعب الجزائري
يعيش في ظل هذه النعمة، وسيبقى الجيش الوطني الشعبي ممسكا بزمام إرساء هذا المكسب
الغالي الذي به استعاد الوطن طيبته".
وحسب قائد أركان الجيش
فإن "انتهاء الأزمة الأمنية التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي لم
يرض بعض الأطراف الذين يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة".
واسترسل: "يريدون
العودة بالجزائر إلى سنوات الألم والجمر التي عايش خلالها الشعب كل أشكال المعاناة
وقدم خلالها ثمنا غاليا".
الباحث في الشؤون السياسية، ناصر زهير، رأى في حديثه لـ"
عربي21" أن الخطاب موجه للمتظاهرين، والسلطة الحاكمة، ودول أوروبية أيضا وفرنسا على وجه
الخصوص.
أما ما يتعلق بالمتظاهرين، فقال زهير إنه
يعني أن الجيش الآن تدخل بشكل مباشر في العملية الانتخابية بهدف تهدئة المتظاهرين
من جهة، وتخويفهم من جهة أخرى.
أما فيما يتعلق بالسلطة فهو تذكير بأنه موجود
ولن يسمح بانفلات الأمور، ورسالة مشابهة للأوروبيين وفرنسا على وجه الخصوص بسبب
تخوفاتهم من أزمة لجوء وهجرة.
ولفت زهير أن الجيش في آخر الأمر سيتدخل
لإزاحة بوتفليقة والمحيطين به من المشهد، بهدف عمل ترتيبات جديدة بعد أن الوصول
لقناعة أن الشعب لن يقبل به رئيسا لعهدة خامسة.
وأشار إلى أن هنالك إرادة لخلق بيئة لتهيئة
شخصية أخرى من داخل السلطة الحاكمة، والدليل على ذلك اقتراح
الانتخابات المبكرة
التي وعد بها بوتفليقة.
وأكد أنه سيكون للبيان نتيجة عكسية على
الاحتجاجات في الشارع، وإن خسارة بوتفليقة بالنسبة للجيش ستكون أفضل من خسارة كل
المكتسبات الأخرى.
وعن دور المعارضة في تدخل الجيش، قال زهير إن
المعارضة الجزائرية لا وزن لها في المشهد السياسي، وإن الشعب هو من أنزل المعارضة
إلى الشارع، وليس العكس.