نشر موقع "بلومبيرغ" الأمريكي تقريرا، أعدته فيفيان نيريم، تحت عنوان "الخائن هو الكافر الجديد حيث تحكم القومية قبضتها على السعودية".
وتبدأ نيريم تقريرها بالحديث عن الإعلامية السعودية، ومقدمة البرامج التلفزيونية السابقة، منى أبو سليمان، فبدأت قصتها بتغريدة وصلت إلى حسابها تتحدث عن وفاة المفتي العام للسعودية، وعندما بحثت عن مصدر هذه التغريدة، وجدت أنها جاءت من مصدر رسمي، ولهذا قررت مشاركتها مع 544 ألفا من متابعيها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه كان قرارا خاطئا كلفها ليالي طويلة من القلق، وكشف عن الكفاح العميق والبشع حول ما يعني أن تكون مواطنا في مملكة تقوم ببناء هوية جديدة لها في ظل ولي عهدها الجديد.
ويفيد الموقع بأن القصة حول المفتي كانت كاذبة، ومع أنها حذفت الخبر واعتذرت إلا أن الضرر حدث، وراقبت وعلى مدى ليال طويلة الهجمات عليها باعتبارها "نجسة" و"حثالة"، وأنها "خائنة" تتلقى الدعم من الأجانب، ويجب في هذه الحالة هذه تجريدها من جنسيتها.
وتلاحظ الكاتبة أن الاتهامات والانتهاكات لم تشتمل على التهمة الجاهزة في المملكة المحافظة، وهي "التكفير"، فبعد هذا كله فإن هذه المذيعة تعد من أول مقدمات البرامج على التلفزة السعودية اللاتي ظهرن بوجه سافر، مشيرة إلى أن أبو سليمان المفعمة بالحياة، والبالغة من العمر 45 عاما، كانت أول من تحدى القيود التي فرضتها المؤسسة الدينية.
ويلفت التقرير إلى التطورات الجديدة في المملكة، والتحول القاسي نحو الوطنية، والتقليل من البعد الديني المتقشف المرتبط في الخارج بالإرهاب، والتركيز على تمجيد الحاكم الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يقوم بإصلاح الاقتصاد في البلاد.
ويقول الموقع إنه "في ضوء إعادة تصميم العلاقة بين الدولة والمواطن، فإن الأعداء أصبحوا (الخونة) لا (الكفرة)، ويبدو أن الكثير من السعوديين يعتمدون على الخطاب الرسمي في البلاد، ويتم توجيه اتهامات الخيانة على الإنترنت، وتكتب على أوراق تهديد، ويتم الاحتفاء بها بالخط الأحمر العريض على الصفحات الرئيسية للصحف، ويتم استهداف أي شخص يتهم بمحاولة تشويه المملكة، وحتى الكوميديين الذين يطلقون النكات البريئة عن التصرفات الخاصة بالمملكة".
وتنقل نيريم عن عضو مجلس الشورى عبد الله الفوزان، قوله في كلام لاذع قدمه وتم تداوله بشكل واسع على منابر التواصل الاجتماعي: "لو كان الشخص محايدا أو يقف مع العدو فمن حقنا اعتباره خائنا".
ويجد التقرير أن "المخاطر من إغراء المواطنين لملاحقة أبناء بلدهم تحت شعار الدفاع عن الوطنية قد يؤدي إلى خرق في مجتمع يعاني من الضغوط التي جلبتها إصلاحات محمد بن سلمان، و(رؤية 2030)، وقد يمنع المستثمرين من المشاركة في عمليات الاستثمار التي تحتاجها البلاد بشكل ماس".
ويورد الموقع نقلا عن أبو سليمان، قولها في مقابلة معها في فيلتها في الرياض: "يجب على الحكومة أن تتحرك وتمنع حملة الكراهية من تدمير نسيج مجتمعنا"، مشيرة إلى أن التنمر والملاحقة سيؤديان إلى تشويه التغييرات التي تفتخر بها.
وتقول الكاتبة: "يبدو أن الحكومة ليست متعجلة في الوقت الحالي للقضاء على مزاج الكراهية وعقلية (إما معنا أو ضدنا)، التي يرى بعض السعوديين أنها ضرورية لتوجيه البلاد نحو عملية تحول قاسية".
ويبين التقرير أنه بموجب خطة التغيير فإنه سيتم إنهاء عصر المواد الرئيسية المدعومة، والتسوق المجاني دون ضريبة، بالإضافة إلى إلغاء عدد من الوظائف، لافتا إلى أن ولي العهد قام بتخفيف الكثير من القيود الاجتماعية، ورفع الحظر عن دور السينما وقيادة المرأة للسيارات، وقام في الوقت ذاته بحملة اعتقالات لعشرات المعارضين السياسيين.
ويشير الموقع للدور الذي قام به سعود القحطاني، وهو أحد كبار مستشاري ولي العهد، الذي بدأ بإثارة المخاوف لدى المواطنين بأن البلاد عرضة للخطر من الداخل والخارج في عام 2017، وقام بإعداد "قائمة سوداء" على وسائل التواصل الاجتماعي، حث فيها السعوديين للمشاركة وتقديم معلومات وذكر أسماء وفضح "المرتزقة" ممن وقفوا مع قطر في الأزمة التي قادتها السعودية والإمارات، لافتا إلى أن القحطاني لم يرد على رسالة الموقع للتعليق.
وتلفت نيريم إلى أن الصحف المحلية حملت الراية العام الماضي، عندما نشرت صورا للمعتقلات الناشطات في مجال الدفاع عن المرأة، فنشرت صحيفة "الجزيرة" صورا للنساء المعتقلات على صفحتها الأولى، وكانت على كل صورة كلمة "خائنة"، ما دعا الكثيرين إلى الاستنتاج أن هذا التصرف لم يكن دون مصادقة تكتيكية من المسؤولين.
ويستدرك التقرير بأنه رغم خسارة القحطاني وظيفته في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وتعرضه للتحقيق لدوره في الجريمة، إلا أن عقلية الحصار التي قام ببنائها استمرت.
ويجد الموقع أن الصيغة المحلية والعقلية الانتصارية تشيران للأصداء التي أثارها شعار دونالد ترامب " أمريكا أولا" و"لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" ذاتها، فهناك شعار "السعودية أولا" و"السعودية العظمى"، لكن برؤية سعودية.
وتنقل الكاتبة عن الباحثة السعودية والزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إيمان الحسين، قولها: "جاءت القومية إلى السعودية في وقت لا تحاول فيه فقط الحد من سلطة رجال الدين، بل إنها تبنت أيضا سياسة خارجية حاسمة".
وبحسب التقرير، فإن الامير محمد يزعم بأنه يتبع الاعتدال، ويريد الحد من تأثير رجال الدين، إلا أنه عبأ السعوديين خلف قراره المشاركة في حرب اليمن وخلافه مع قطر، مشيرا إلى أن القمصان التي طبعت عليها "رؤية 2030" تباع في سوق طيبة بـ6.7 دولار، فيما يباع القلم المرسومة عليه صورة محمد بن سلمان بخمسين ريالا.
ويورد الموقع نقلا عن رجل الأعمال الأمير طلال الفيصل (38 عاما)، قوله: "كان من المحرم أن يشعر الشخص بالفخر بكونه سعوديا فقط.. تسافر في أي وقت حول العالم وأول شيء تراه عندما تخرج من الطائرة والمطار هو عبارة (أحب فرنسا) أو باريس أو لندن، ونحن نمشي على الطريق"، وأضاف أن القوميين المتطرفين هم أقلية، ويجب عدم خلطها بالغالبية التي تحب وطنها.
وتذهب نيريم إلى أن التحول لديه جانب يثير الضغينة، ويختلف السعوديون حول من يحملونه المسؤولية، مشيرة إلى قول عبد العزيز (25 عاما)، إن الدعوة للتعبير عن القومية تأتي من الأعلى، فيما يقول خالد العثمان، وهو صاحب شركة تطوير محلي، إن إثارة المشاعر القومية وحدها من أجل بناء جسور مع العالم قد تترك أثارا سلبية، وأضاف: "أنا متأكد من عدم مصادقة المستوى الرسمي، لا الملك أو محمد بن سلمان، على هذا ذلك.. هذا ضد مصالحهم".
وتقول الكاتبة إنه أيا كان المسؤول عن هذا فإنه قد غير سلوك السعوديين الذين توقفوا عن استخدام "تويتر" وعقد التجمعات العائلية لتجنب سؤال الولاء.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى الحملة التي تعرضت لها سفانة دحلان، المحامية البالغة من العمر 40 عاما، فبعدما نشرت فيديو العام الماضي لكلمة ألقتها عام 2013، عن التحديات التي تواجه المرأة السعودية، بدأت حملة قدح واتهام لها بتشويه سمعة الدولة، ونشرت لها صور وهي تشارك في مؤتمر في قطر قبل سنوات عدة من الأزمة الحالية، واتصل بها شخص في مكتبها قائلا: "توقعي جنازة"، وتركت أوراق على سيارتها تهددها بالموت لأنها خائنة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فانيتي فير: لماذا خافت مجلة ترامب المحببة من بيزوس؟
وول ستريت: هؤلاء للإعدام وواشنطن تريد محاكمة القحطاني
WP: لماذا لا تزال الناشطات معتقلات بينما جلادهن طليق؟