رغم إصرار مؤسسة
الرئاسة السودانية على أن التغييرات لا تأتي بالتظاهر بالشارع، ولا بالكتابة على
منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن الرئيس السوداني، عمر البشير، خرج أخيرا في خطاب
للشعب السوداني، وأعلن قرارات رأى فيها البعض تنازلات مهمة، في حين قال آخرون إنها
غير كافية.
وأعلن البشير تعليق
مناقشات تعديل الدستور في البرلمان، والتي كان من المفترض أن تسمح له بالترشح
لمنصب الرئيس مجددا، كما أعلن حل الحكومة، وإعفاء جميع ولاة الولايات السودانية، وإجراء
تحقيقات في مقتل المتظاهرين.
ودعا البشير في خطابه
إلى الحوار، مشددا على أن الحكومة الجديدة عليها اتخاذ إجراءات اقتصادية حازمة.
على جانب آخر، قرر
البشير تعيين ولاة جدد كلهم من العسكريين، وأعلن حالة الطوارئ في البلاد لعام
كامل.
رئيس المكتب الإعلامي
لحزب المؤتمر الشعبي صديق محمد عثمان، قال لـ"عربي21" إن القرارات
الرئاسية الأخيرة لم تكن كافية، وإن حل الحكومة كان القصد منه برأيه "فتح
المشهد السياسي على كل الاحتمالات وإكمال إدخال الجيش في العملية السياسية".
وأشار إلى أن إعلان
الطوارئ، وتوكيل العسكريين بإدارة الولايات، يعني أنه جعل المشهد السياسي في يده،
وهو من يقرر فيه، وليس حزب المؤتمر الوطني.
ولفت إلى أن هذه
القرارات امتداد طبيعي للصراع بين البشير وحزبه والذي بدأ في 2012 مرورا بتظاهرات
2013 ما أجبر الرئيس بعدها على عمل تغيرات كبيرة في السلطة والحزب، غير أنه اتضح
له لاحقا أنه لم يكسب المعركة الداخلية بالكامل.
وفي قراءته لخطاب
البشير، قال عثمان إن البشير أبقى رغم التغييرات على ممثلين من كل القوى فيما فيها
حزب الأمة، والمؤتمر الشعبي، والاتحاد الديموقراطي، وحزبه بالطبع.
كما أبقى على وزير
الخارجية، ما يعني أن البشير يريد الاستمرار في الحوار بشأن المحكمة الجنائية، وذلك
بعد لقاء المبعوث الأمريكي مؤخرا، كما أبقى على وزير العدل الذي جاء بعد توصيات
الحوار الوطني في السودان.
ويريد البشير من هذه
الإجراءات بحسب عثمان أن يكون على مسافة متساوية من الجميع، وأن يؤسس منصة سياسية
لنفسه.
في هذه الإجراءات يريد
أن يكون على مسافة مساوية من الجميع وان يكمل تأسيس منصة سياسية لنفسه.
وعن قرار تعليق مشاورات
تعديل الدستور، لفت رئيس المكتب الإعلامي في "المؤتمر الشعبي" إلى أن
حزب البشير تحداه أن يطلبها بنفسه، وإن البشير كان يلوح بها ليستكشف الساحة
السياسية فقط.
وتابع بأن البشير يعلم
أن هنالك رفضا لاستمرار في الحكم، ويعلم في الوقت نفسه إنه لا مخرج له من السلطة إلا
بتسوية بسبب مسألة الحكمة الجنائية، لذلك أشرك الجيش في الصورة لكون قيادات في
الجيش متهمة معه بنفس القضية، وجعل من الجيش محورا أساسيا في العملية السياسية.
اقرأ أيضا: نائب البشير ورئيس الحكومة الجديد يؤديان اليمين الدستورية
وتوقع أن يزداد زخم
التظاهرات بعد خطاب البشير، ثم ينتقل تدريجيا إلى الهدوء، مؤكدا تراجع الاحتجاجات
فعليا في بعض الولايات التي اتخذ فيها إجراءات إدارة لتخفيف أعباء المعيشة، والتي
كانت السبب الأول لخروج السودانيين إلى الشارع.
إلى جانب أن قانون الطوارئ
والولاة العسكريين بصلاحيات واسعة، سيكون سببا في شل حركة التظاهر على الأرض.
الخبير والمحلل
السوداني، خالد المبارك، قال لـ"عربي21" إن الخطاب الرئاسي كان متوازنا،
واستمع إلى أصوات المحتجين والمتظاهرين وإلى النصائح الكثيرة ومن ضمنها نصيحة
أمريكية بالاستماع إلى أصوات الشباب.
وقال إن البشير اتخذ
إجراءات حاسمة وكبرى، من قبيل حل الحكومة، وتعليق النقاش في التعديلات الدستورية.
ولفت إلى أن الإعلام
ركز على إعلان الطوارئ وتجاهل الناحية السياسية للقرارات، والاستجابة للمتظاهرين،
والدعوة للحوار.
وعن طابع القرارات
السياسية في مقابل القرارات المتعلقة بالاقتصاد، قال المبارك إن المعلقين على
الشأن السوداني لا يحبون الإشارة إلى أن جزءا من مشاكل السودان الاقتصادية كان
بسبب توصيات صندوق النقد الذي تسيطر عليه دول معينة.
وأشار إلى مسؤولية
الصندوق عن الخلل في النظام المالي العالمي غير العادل والذي يؤثر على الدول مثل
السودان.
وأكد أن تعامل
المعارضة السودانية في حال تولت الحكم في البلاد، لن يكون أحسن حالا، إذا أنها لن تتمكن
من مواجهة الصندوق وتوصياته.
وأكد أن ما يحصل في
السودان جزء مما يحصل في العالم كاملا، منوها إلى أن الحصار الطويل الذي تعرضت له
البلاد، أثر عليها اقتصاديا، ورغم رفع إدارة ترامب الحظر جزئيا عن السودان، إلا أن
بقاءه على قائمة الدول الراعية للإرهاب يخوف الشركات والمستثمرين الأجانب.
وعن مصير التظاهرات،
تمنى المبارك على المعارضة الجلوس إلى الحوار بدلا من الاحتجاج في الشارع.
السلطات السودانية تفرج عن 11 صحفيا تنفيذا لقرار البشير
تظاهرات في الخرطوم تضامنا مع "ضحايا المعتقلات" (شاهد)
إضراب واسع للقطاع الصحي دعما للاحتجاجات بالسودان (شاهد)