كشف موقع "بلومبيرغ" عن عدم قدرة المصارف الكبرى على تحمل استمرار المواجهة بين الرباعي الذي تقوده السعودية ضد قطر، وما يطلب منهم الاختيار بين طرف على آخر.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه عندما اندلعت الأزمة الخليجية في منتصف عام 2017، فإن "الكثير من المصرفيين فضلوا البحث عن أرباح ممكنة ومجانية في الرياض، على عقد صفقات مع جارتها الثرية لكن المعزولة" قطر، و"هم ليسوا مستعدين الآن".
ويقول الموقع إن مديري "أتش أس بي" القابضة و"غولدمان ساكس" وغيرهما من البنوك الدولية، يكثفون من جهودهم لإصلاح العلاقات مع وزارة المالية القطرية والصندوق السيادي، وذلك بحسب مقابلات مع مقترضين ومسؤولين في الحكومة القطرية.
ويلفت التقرير إلى أن السعودية تظل بالنسبة للكثيرين مفتاحا للتجارة في المنطقة، إلا أن بعض المصرفيين "ندموا" على ما يبدو من تحويل أنظارهم عن الدوحة، بعد تعرضهم للصدمة من تأخير السعودية بيع حصص من شركة النفط "أرامكو" في تموز/ يوليو.
وينقل الموقع عن أيهم كامل، من مجموعة "يوروشيا" في لندن، قوله: "عادة ما لا تختار البنوك أطرافا، لكن تخفيف التوتر في هذه القضية يقدم فرصة لاستكشاف طرف لتطبيع نشاطاتهم"، وأضاف: "لقد تغير الوضع الجيوسياسي لقطر، وفي الحد الأدنى لن تتحرك الأزمة باتجاه التصعيد".
ويكشف التقرير عن أن المصرفيين يحاولون بناء علاقات ثقة مع وزير المالية القطري علي الشريف العمادي، الرجل الذي يشغل مناصب في أكبر بنك قطري، وفي الخطوط الجوية الوطنية والصندوق السيادي.
وينوه الموقع إلى زيارة عدد من المصرفيين الدوليين إلى الدوحة، في كانون الأول/ ديسمبر؛ للمشاركة في مؤتمر عن المال الأوروبي، وتحدث أمامه العمادي، فيما سافر بعضهم من دبي عبر عمان أو الكويت؛ نظرا لعدم توفر السفر المباشر منذ الأزمة، مشيرا إلى أنه لم يحضر أي منهم المناسبة العام الماضي.
ويذكر التقرير أن بعض المديرين الكبار تحدثوا عن الرهانات العالية والمخاطر التي كانت تترافق مع أي محاولة لعقد صلات مع قطر، وقالوا إن الإمارات العربية المتحدة والسعودية حذرتهم من إدارة علاقات تجارية مع الدولة العدوة لهما، بل إن المصارف المركزية في البلدين طالبت المصرفيين والبنوك الكشف عن زبائنهم القطريين، فإلى جانب البحرين ومصر تواصل السعودية والإمارات حصار قطر؛ بتهمة تمويل الإرهاب والتقارب مع إيران، وهي تهم تنفيها الدوحة.
ويقول الموقع إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "أم بي أس" قاد سياسات عدوانية ادت إلى عداوات كثيرة في المنطقة والخارج، ويقول المحاضر في الشؤون الدولية في جامعة تكساس "إي أند أم" غريغوري غوس: "لقد غير (أم بي أس) قواعد اللعبة فيما يتعلق بالسياسة المحلية والاقتصادية السعودية، دون معرفة ما هي القواعد الجديدة"، وأضاف أن هذا سيثبط من حماس الاستثمار "واستعداده للمخاطرة على المشهد الدولي سيؤدي إلى شك المستثمرين الدوليين".
ويجد التقرير أن "سياسة الإكراه والتهديد نفعت، خاصة أن البنوك قضت سنوات وهي تتفاوض لتقديم قروض رخيصة وسندات للمقترضين في المملكة؛ أملا في تحقيق أرباح، وكانت الرهانات عالية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أن الجلوس في موقف المتفرج لم يكن مساعدا للكثير من البنوك، التي عولت على خطة خصخصة جزء من أرامكو التي كانت ستعود بـ 100 مليار دولار، بالإضافة إلى 40 مليار دولار في عمليات خصخصة".
ويفيد الموقع بأنه في الوقت الذي أبقت فيه المصارف على مكاتبها في الدوحة، وتجنبت التعليق على الخلاف، إلا أنها قررت وبعيدا عن الأضواء الوقوف مع الرياض وإبعاد نفسها عن قطر، فيما غيرت الدوحة طريقة إدارة أعمالها، حيث صارت تدير تعاملاتها المالية من لندن أو نيويورك، بدلا من دبي، المركز المالي في المنطقة.
وبحسب البيانات التي جمعها "بلومبيرغ"، فإن بنك "أتش أس بي سي"، الذي يعد من أكبر بنوك المنطقة في مجال الصفقات، لم يقم أي عقد في قطر منذ المواجهة في حزيران/ يونيو 2017، مع أنه عمل على 10 عمليات بيع للسندات في البلد قبل عامين من الأزمة.
وبحسب التقرير، فإن مصرف "ميزوهو" الياباني كان واضحا عندما استأجرته قطر لإدارة 12 مليار دولار من السندات العام الماضي، لكنه قرر الخروج من الصفقة بعدما طلب منه مكتب إدارة الديون السعودية اختيار أي سندات يريد العمل عليها، مع أن السعودية قررت طرد المصرف من إدارة 11 مليار دولار في سندات أوروبية.
ويستدرك الموقع بأن ليس المصرفيون كلهم تورطوا بسبب الخلاف الحالي، فقد قامت شركة "ستاندرد تشارترد بي أل سي" بترتيب 12 مليار دولار على سندات قطرية العام الماضي، واستطاعت أن تحصل على إدارة 1.4 مليار دولار في سندات سعودية، وتفوقت الشركة على "أتش أس بي سي" في مجال إدارة السندات في المنطقة.
ويفيد التقرير بأن الموجة بدأت تسير نحو قطر بعدما أجلت السعودية الاكتتاب العام لأسهم من شركة أرامكو، ولم يتم تنفيذ خطط خصخصة أخرى، مثل بيع مطار الرياض الدولي.
ويقول الموقع إن المصرفيين يحاولون بناء علاقاتهم من جديد مع قطر بهدوء؛ حتى لا تتأثر علاقاتهم المالية مع السعودية، مشيرا إلى أن الشجب الدولي الذي أعقب مقتل جمال خاشقجي ساعد قطر.
ويبين التقرير أن عددا من مديري البنوك قرروا قبل أسابيع من دعوة قطر البنوك الدولية لمؤتمرين استثماريين، الابتعاد عن مؤتمر كبير في الرياض؛ لتجنب التغطية الإعلامية السلبية، وخبأ عدد من الممثلين الإقليميين الذين حضروا المؤتمر في الرياض بطاقات التعريف لإخفاء هويتهم، وهو ما لم يفعلوه في مؤتمر الدوحة قبل شهرين، فمدير "دويتشت بانك" كريستيان سوينغ اعتذر عن مؤتمر الرياض ليظهر على منصة في الدوحة، وحضر بعض المصرفيين إلى المؤتمر بهدف مصافحة وزير المالية، ومقابلة مسؤولين في الصندق السيادي، في محاولة لإصلاح العلاقة.
ويجد الموقع أنه في الوقت الذي قد تتردد فيه قطر بإصلاح العلاقات مع البنوك ذات العلاقات العميقة مع السعودية، إلا أنها قد ترحب بمحاولات الآخرين من أجل التعاون في الصفقات التي تعمل عليها، لافتا إلى أن قطر تنفق 25 مليار دولار في عمليات تحديث؛ تحضيرا لمباريات كأس العالم عام 2022، وتقوم بتطوير قدراتها في مجال الغاز المسال لزيادة 40 مليار دولار بحلول عام 2024، وإضافة أموال للصندوق السيادي القطري وقيمته 320 مليار دولار بأموال إضافية.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أن الصندوق السيادي يبحث عن امتلاك حصص في شركات تكنولوجيا أمريكية لموازنة ما تملكه في الأسواق المالية الأوروبية والعقارات.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
تلغراف: شكوك حول استثمارات "أمازون" بالسعودية.. لماذا؟
فايننشال تايمز: ما هو أثر التنافس الخليجي على استقرار لبنان؟
وول ستريت: الرياض تحاول جاهدة البحث عن رأسمال أجنبي