وصف سياسيون مصريون مشاركة رئيس نظام الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي بأعمال مؤتمر ميونخ للأمن، الذي بدأ أعماله بألمانيا اليوم الجمعة، ويستمر لثلاثة أيام، بأنها مشاركة من أجل التجارة وليس السياسة، مؤكدين أن السيسي يريد من خلال المؤتمر تقديم نفسه كحل للدول الغربية بعدد من الأمور والقضايا الأمنية.
ويرى الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21" أن المؤتمر سوف يناقش العديد من الملفات الأمنية وأبرزها تأثيرات الانسحاب الأمريكي من سوريا، وسباق التسليح بالشرق الأوسط، وموضوع الهجرات غير الشرعية، وهي قضايا يريد السيسي أن يلعب فيها دورا، ولكن بشرط أن يحصل على مقابل وراء ذلك.
وكانت الرئاسة المصرية أعلنت أن السيسي سوف يتحدث في اليوم الثاني للمؤتمر، عن رؤية مصر لعلاج الأزمات التي يمر بها الشرق الأوسط، مركزا على جهوده المتعلقة بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف حسب ما نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية.
اقرأ أيضا: انطلاق "ميونخ للأمن" بمشاركة 35 دولة.. تتناول هذه الملفات
وفي تعليقه على هذه مشاركة السيسي كأول رئيس مصري في هذا المؤتمر، يؤكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق عبد الله الأشعل لـ "عربي21" أن السيسي يريد استغلال المؤتمر في تقديم نفسه للمجتمع الدولي كحل يمكن أن يلجئون إليه، لمواجهة التنظيمات الإسلامية.
وحسب الأشعل فإن المؤتمر يناقش قضية الانسحاب الأمريكي من سوريا، وهو الانسحاب المرتبط بالتحالف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة بالعراق وسوريا، بما يضمن عدم عودته مرة أخرى، أو تمركزه في بقعة جديدة، وبالتالي فإن كثير من السيناريوهات التي سيتم طرحها حول هذا الموضوع، يرى السيسي أنه يمكن أن يستفيد منها، خاصة وأنه يقدم نفسه باعتباره صاحب تجربة في سيناء مع مثل هذه التنظيمات.
ويضيف مساعد وزير الخارجية السابق، أن السيسي سبق وأن قدم نفسه خلال حديثه مع قناة cbs الأمريكية، بأنه المدافع عن أمن أمريكا بالمنطقة، وأنه يحارب الإرهاب بالنيابة عن العالم كله، وبالتالي فهو يرى في مؤتمر ميونخ فرصة كبيرة لتأكيد هذه الصورة، والحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، مقابل القيام بدور مدعوم دوليا في مواجهة التنظيمات الإسلامية.
اقرأ أيضا: تقرير دولي يحذر من "حرب" في 3 دول عربية.. ما هي؟
تناقض دولي
من جانبه يؤكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا، محمد جمال حشمت لـ"عربي21" أن مؤتمر ميونخ للأمن مهتم بالأدوار الدولية، وبالتالي فهو غير مهتم بما تعانيه الشعوب من قهر وذل على يد أنظمتها المستبدة، ما يجعل مشاركة السيسي بأعمال المؤتمر أمرا طبيعيا، باعتباره مثل مسؤولين آخرين أيديهم مغموسة بدم الشعوب المغلوب على أمرها.
ويشير حشمت إلى أن هناك سببا داخليا يسعى إليه السيسي من خلال هذه المشاركة، وهو إقناع المجتمع الدولي بالتعديلات الدستورية التي تُرسخ للمزيد من الحكم الديكتاتوري الاستبدادي بمصر، وتمنح الشرعية الكاملة للقوات المسلحة بانقلاب على أية تجربة ديمقراطية، طالما تصادمت مع مصالحها الخاصة.
وحسب حشمت فإن مشاركة السيسي ترمي أيضا لغلق الباب أمام أية انتقادات دولية متعلقة بملفه السيء في حقوق الإنسان، والذي يشهد انتكاسات متواصلة، ومع ذلك فإن المجتمع الدولي يغض الطرف عنها، في ظل قناعته بالدور الذي يقوم به السيسي لخدمة المشروع الصهيوني والأمريكي بالمنطقة.
وأضاف حشمت متسائلا: "هل يمكن أن يشارك السيسي على سبيل المثال في جلسة الأمن الإنساني بالشرق الأوسط، والذي من المقرر أن يتحدث فيها سكرتير منظمة العفو الدولية"، مضيفا أن المؤتمر إذا كان جادا في مناقشة مشاكل الشعوب، فعليه اتخاذ موقف محترم يتناغم مع تقارير منظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان بمصر، وانتقادها المتزايد لتوسع نظام السيسي في إعدام معارضيه، وسجنهم وتصفيتهم جسديا، متحديا بذلك القوانين والأعراف والمواثيق الدولية.
اقرأ أيضا: واشنطن بوست: السيسي الحاكم مدى الحياة وبدعم من ترامب
السبب تجاري
في إطار متصل يؤكد الخبير في شؤون الأمن القومي عبد المعز الشرقاوي لـ"عربي21" أن مؤتمر ميونخ بمثابة مطبخ صياغة القضايا الأمنية حول العالم بشكل غير رسمي، ومشاركة السيسي في أعماله، لها عدة أهداف، منها أنه يريد استغلال رئاسته للاتحاد الأفريقي في تقديم نفسه كزعيم إقليمي وليس فقط كرئيس محلي.
ويضيف الشرقاوي أن السيسي يحاول منذ فترة أن يكون طرفا في حل مشكلة اللاجئين التي تمثل أزمة لأوروبا، وهو يرى أن الدول الأوروبية تقدم العديد من التنازلات لصالح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسبب هذه القضية، وبالتالي فهو يعتبر نفسه أحق من أردوغان، للقيام بدور فاعل في هذا الملف، وبسببه يمكن أن يحصل على الدعم الأوروبي والدولي سواء الاقتصادي أو السياسي، باعتباره أقرب لدي الغرب من أردوغان.
ويستطرد الشرقاوي: "ما يؤكد أن هدف السيسي من المؤتمر تجاري وليس سياسيا، عدم مشاركة مسؤولين أمنيين وعسكريين كبار بأعمال المؤتمر، وحرص السيسي على عقد العديد من اللقاءات مع مسؤولي الشركات العالمية المشاركة في المؤتمر، سواء كانت هذه الشركات عسكرية أو مدنية، وهو مايفسره أيضا غياب وزيرا الدفاع والداخلية المصريين، رغم أنهما المعنيان بالأساس بالمؤتمر".
وانطلقت، اليوم الجمعة أعمال المؤتمر، بمشاركة رؤساء 35 دولة وحكومة، وأكثر من 50 وزير خارجية، و30 وزير دفاع، فضلا عن مسؤولين أمنيين ومدراء شركات عالمية وأكاديميين وممثلي منظمات مجتمع مدني.
ويشارك في المؤتمر نحو 600 مسؤول دولي وخبير في مجالات الأمن والدفاع والسياسة والصناعات العسكرية. ويعقد وزراء الدفاع لدول التحالف ضد تنظيم الدولة، الجمعة، اجتماعاً مغلقاً على هامش أعمال الدورة الـ 55 للمؤتمر.
50 عاما.. هكذا أصبح "معرض الكتاب" مرآة لوضع مصر السياسي
في ذكراها الثامنة.. هل انطفأت جذوة الثورة بنفوس المصريين؟
قمة تجمع السيسي وماكرون في القاهرة نهاية يناير