يرى مختصون أن اعتقال أمهات الشهداء وأهاليهم، يهدف لمواجهة العمل المقاوم المتصاعد في الضفة المحتلة، ويأتي بمثابة استمرار للتغول الإسرائيلي في فرض عقوبات جماعية على أهالي الشهداء.
وعلى الرغم من استشهاد أبنائهم، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي مازال يواصل اعتقال ثلاث أسيرات أمهات لشهداء.
ورصدت "عربي21"، اعتقال ثلاث أمهات، استشهد أنباؤهن، وهن: والدة الشهيد محمد غنام، ووالدة الشهيد عاصم البرغوثي، ووالدة الشهيد أشرف نعالوة.
والدة الشهيد محمد غنام
واعتقلت قوات الاحتلال في الخامس من آب/ أغسطس الماضي، سوزان أبو غنام "39 عاما" من حي الطور المطل على القدس القديمة، بعد مداهمة منزلها.
وأصدرت محكمة الاحتلال في القدس حكما بحقها يقضي بالسجن الفعلي مدة 11 شهرا، بتهمة التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتقلت أبو غنام على خلفية 44 منشورا كتبتها بصفحتها على "فيسبوك"، وكان قد صدر أمر اعتقالها في 18 تموز/ يوليو الماضي، واعتقلت مع حلول الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد ابنها.
اقرأ أيضا: الاحتلال يتهم والدة شهيد بالتحريض ويمدد سجنها
واستشهد محمد أبو غنام "17 عاما"، ابن الأسيرة سوزان، برصاص الاحتلال في تموز/ يوليو 2017، خلال الهبة الشعبية الرافضة لنصب البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى، وتم تهريب جثمانه عن أسوار مستشفى المقاصد في بلدة الطور، بعد قيام الاحتلال بتطويقه واقتحامه، ليتم دفنه.
والدة الشهيد صالح البرغوثي
واعتقلت قوات الاحتلال الأسيرة سهير البرغوثي "53 عاما"، في الخامس من شباط/ فبراير الجاري، بعد اقتحام منزلها وتفتيشه.
ورفضت محكمة الاحتلال العسكرية في "عوفر"، الأحد الماضي، للمرة الثانية الإفراج عن سهير البرغوثي والدة الشهيد صالح البرغوثي، ووالدة الأسرى عاصم وعاصف وزوجة الأسير عمر البرغوثي، ومددت اعتقالها.
وأوضح محامي الأسيرة البرغوثي، في تصريحات صحفية، أن نيابة الاحتلال طلبت في الجلسة الأولى التي عقدت للأسيرة البرغوثي إعطاءها مهلة بعد أن أعلنت نيتها تقديم استئناف على القرار. وخلال الجلسة التي عقدت الأحد الماضي، واستمرت أربع ساعات، قدمت نيابة الاحتلال لائحة اتهام بحقها تتعلق بقضية نجلها عاصم.
وارتقى الشهيد صالح عمر البرغوثي، في الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد تنفيذه عملية إطلاق نار قرب عوفرا، أدت لمقتل جندي وإصابة آخرين بجراح، واعتقل الاحتلال كل أفراد عائلته.
والدة الشهيد أشرف نعالوة
واعتقلت قوات الاحتلال في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الأسيرة وفاء محمود مهداوي "54 عاما"، من سكان ضاحية الشويكة في مدينة طولكرم.
وقبل أيام، رفضت محكمة سالم العسكرية طلب الإفراج المبكر عن الأسيرة مهداوي، وقررت تمديد اعتقالها لحين الانتهاء من الإجراءات القانونية بحقها، ووجهت لها مخابرات الاحتلال لائحة اتهام تفيد بعلمها بنية ابنها الشهيد أشرف نعالوة تنفيذ عملية فدائية.
اقرأ أيضا: الاحتلال يهدم منزل الشهيد نعالوة ومواجهات مع الأهالي (شاهد)
مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين، أوضح بأن الأسيرة مهداوي موقوفة إلى جانب نجلها أمجد، وتقبع في سجن الدامون، وقد مدد الاحتلال اعتقالهما أكثر من سبع مرات على ذمة التحقيق، وكانت قوات الاحتلال قد هدمت منزلها، واعتقلت زوجها وليد، وابنتها المحاضرة الجامعية فيروز، وأفرجت عنهما لاحقا.
ومنع جنود تابعين لإدارة سجون الاحتلال، الأسير أمجد نعالوة من طولكرم، من السلام على أمه وفاء مهداوي، في قاعة محكمة "عوفر"، خلال جلسة محاكمة لهما.
واستشهد أشرف نعالوة، بتاريخ 12 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عقب اشتباك مسلح مع وحدات من جيش الاحتلال الذي داهم منزلا في مخيم عسكر شرقي نابلس، بعد مطاردة دامت أكثر من شهرين، وهو منفذ عملية "بركان" التي أدت لمقتل مستوطنين اثنين.
وفي هذا الصدد، رأى الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين في الضفة المحتلة، حسن عبد ربه، أن سياسة الاحتلال الجديدة تأتي بمثابة استمرار التغول الإسرائيلي لفرض عقوبات جماعية على أسر الشهداء بما في ذلك أمهاتهم.
وأوضح في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن الاحتلال يتذرع بحجج وذرائع أمنية واهية ووهمية، باعتقال أهالي الشهداء، مضيفا: "لا يعقل أن يتم اعتقال تلك الأمهات بشكل جائر وتعسفي".
وشدد عبد ربه، على ضرورة كف الاحتلال لتلك الممارسات "اللانسانية" التي وصلت لتطال الأمهات والآباء والأخوة والأخوات حتى الأبناء في العديد من الحالات السابقة.
وأكد أن هيئة شؤون الأسرى، دورها أمام هذه المسألة يتركز بإثارتها أمام الرأي العام، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية، وأنه يتابع حيثياتها أمام القضاء العسكري الإسرائيلي الذي يتعامل بعنصرية أمام استمرار اعتقال أمهات الشهداء.
اقرأ أيضا: الأسير البرغوثي: أتعرض لتعذيب وضرب مبرح وتحقيق قاس
من جهته قال المختص بالشأن الإسرائيلي، محمود مرداوي، إن الاحتلال عكس ماكان دارجا عليه في الماضي من إجراءات قمعية وقاسية، دخل في إجراء جديد وهو اعتقال أمهات الشهداء.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه يبدو جاليا أن هذه السياسة القمعية الجديدة حددها ويهدف من خلالها الردع، حيث شخّص الاحتلال أن أمهات هن من يدعمن رواية الشهداء، ولا يظهرن أي ضعف أو ندم.
وأشار إلى أن الاحتلال أراد أن يواجه الثقافة التي سلكها نعالوة والبرغوثي وغيرهم من الشهداء، ليظهر هشاشة الموقف الفلسطيني الرسمي عن حماية أمهات الشهداء اللاتي يشكلن في ضمير ووجدان الشعب الفلسطيني مكانة عالية.
وأكد مرداوي وهو أسير محرر، على أن سلوك الاحتلال الردعي ذات عقاب جماعي، ويهدف للتغلب ومواجهة العمل المقاوم المتصاعد في الضفة المحتلة.