انتقد
حقوقيون وسياسيون نهج البرلمان
المصري في
تضمين عقوبة الحبس في غالبية مشروعات القوانين التي يناقشها أو أصدرها خلال الفترة
الماضية.
وأكدوا في تصريحات لـ"
عربي21" أن
الكثير منها كان مخالفا للدستور والقانون، وتم إلغاء بعضها قبل إقرارها بسبب
الاعتراضات عليها، وشبهة عدم دستوريتها.
وتضمن قانون التصالح في مخالفة البناء في مادته
العاشرة، الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن عامين، قبل أن يتراجع البرلمان
ويحذفها.
فيما يناقش البرلمان مقترحا جديدا، يقضي بحبس
الزوج في حالة الزواج بدون علم أو موافقة الزوجة الأولى.
وتقدم وزير التربية والتعليم بمشروع قانون يجرم
الدروس الخصوصية، ويتضمن عقوبات مختلفة، منها حبس المعلم حال ضبطه يعطي دروسا خصوصية
بعيدا عن إشراف الوزارة.
وفي حالات أخرى، وافق البرلمان المصري على حبس
الفلاحين المخالفين لقرارات وزير الزراعة 6 أشهر، في حظر زراعة محاصيل معينة في
مناطق محددة.
كما وافق البرلمان، مؤخرا، على معاقبة تشغيل
محل بدون ترخيص بالغرامة، وفى حالة العود يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
طبيعة النظم الاستبدادية
وقال الخبير الدولي في مجال التنمية البشرية،
ممدوح المنير، لـ"
عربي21": إن "النظم الاستبدادية تتعامل مع
مواطنيها دائما بمنطق العصا وتجعل الجزرة أحيانا لحلفاء النظام، ولأنه ليس هناك ما
يقدمه النظام للناس سوى البؤس يلجأ النظام في كل القوانين لعقوبة الحبس لتحقيق
هدفين أساسيين".
وتابع: "أولا دائما ما تكون العقوبة
اختيار بين غرامات مالية كبيرة أو الحبس وبالتالي لا يجد من تقع عليه العقوبة
وسيلة للهروب من الحبس سوى دفع الغرامة، وتتحول الدولة إلى نظام جباية مهمتها سرقة
أموال المواطنين باسم القانون".
وأردف: "الأمر الآخر أن جعل الحبس عقوبة
في كل القوانين يسهل على النظام تلفيق التهم لحبس المعارضين بعيدا عن التهم
السياسية التي تضعه في حرج مع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، فيصبح حتى المواطن
العادي غير المسيس عرضة كذلك لتلفيق أي تهمة له من أمين شرطة أو ضابط شرطة لأسباب
تافهة، خصوصا مع غياب منظومة المراقبة والمحاسبة في الجهاز الأمني" .
زراعة الخوف
من جهته؛ علق الناشط الحقوقي والسياسي، هيثم
أبو خليل، بالقول إن "أحد أهم أهداف النظام الحالي هو "ترويع"
الناس"، متسائلا: "لماذا بعد 3 يوليو تواجدت الشرطة بشكل مكثف في الشوارع
من خلال دوريات شرطية، ونقاط تفتيش، وكمائن ثابتة ومتحركة، بالتوازي مع تحركات
الجيش؟".
مضيفا لـ"
عربي21" أن "ضمن مظاهر
زرع الخوف إحالة بعض المعتقلين للمحاكم العسكرية، وأمن الدولة العليا طوارئ، وخطف
رموز كبيرة في المجتمع، وإصدار تشريعات وقوانين تتضمن الحبس، مخالفة للدستور
والقانون، وسقط بعضها قبل إقراره".
وخلص إلى القول بأن "كل ما سبق بالإضافة
إلى سن تشريعات تتضمن عقوبة الحبس؛ هو نوع من أنواع إرهاب الدولة، يريد النظام أن
يعمل حالة من حالات الفزع والهلع لدى المواطنين بصناعة جدار الخوف، فالناس عندما
تشجعوا نزلوا إلى الميادين وقاموا بثورة 25 يناير وبالتالي لا يمكن تركهم مرة أخرى
دون خوف".
وفند أبو خليل منح النظام الشرطة الضوء الأخضر
لفعل كل شيء دون حساب أو عقاب، قائلا: "عدم المحاسبة، والتخويف بالحبس والسجن
يسمح للنظام بأن يتمدد في سيطرته على الناس ويتوغل داخل عقولهم أنهم مهددين طوال
الوقت، وخائفين من فعل أي شيء حتى لو متصل بلقمة العيش".