نشرت صحيفة "
الإندبندنت" البريطانية
مقال رأي للكاتب روبرت فيسك، تساءل فيه عن السبب الذي يجعل العالم والمسؤولين
مهتمين أكثر بقضية اغتيال
خاشقجي في حين يتم تجاهل مقتل الكثير من الصحفيين
الآخرين على غرار قتل الصحفي
ياسر مرتجى على يد الإسرائيليين في
غزة.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته
"
عربي21"، إن المقررة الأممية بشأن عمليات الاغتيال خارج القضاء، أغنيس
كالامارد، وصلت أخيرا إلى إسطنبول للإشراف على تحقيق دولي مستقل حول مقتل الصحفي
السعودي جمال خاشقجي. وقد وصلت كالامارد إلى تركيا بعد أربعة أشهر من قتل خاشقجي
داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، حيث تقدمت بطلب إلى السلطات السعودية كي
يسمحوا لها بالدخول إلى مسرح الجريمة.
وأفاد بأنه في حال كنا نرغب في معاقبة
المسؤولين عن مقتل الصحفيين، فلا بد أن نضع جانبا جميع الأخبار التي نشرتها
الجرائد التركية حول هذه القضية. وعلى عكس الكثيرين، يبدو أن رئيس بنك مورغان
ستانلي الاستثماري جيمس غورمان، ورئيس سويسرا أولي ماورر، حريصان على استعادة
العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
وتساءل الكاتب عن السبب الكامن وراء عدم تعامل
المسؤولين مع قضايا مقتل صحفيين آخرين بنفس درجة الاهتمام مثلما هو الحال مع قضية
خاشقجي، ولا سيما قضية ياسر مرتجى.
ووفقا للجنة حماية الصحفيين، فإن ياسر واحد من
بين 15 مراسلا وطاقم تصوير قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية منذ سنة 1992. ويبدو
أن إطلاق النار على المراسلين بات أمرا روتينيا في غزة لدرجة أن التلفزيون والصحف
الغربية لم تعد تكلف نفسها عناء تسجيل المعاناة التي يمرون بها.
وبين الكاتب أنه مثلما تحدث
السعوديون عن علاقة خاشقجي بالإرهاب، تحدثت إسرائيل عن الروابط الخيالية لصحفي غزة
مع الإرهاب. وفي حالة ياسر مرتجى، فقد كانوا يظنونه عميلا لحماس.
ووفقا لوكالة "أسوشيتد برس"، كان
مرتجى يرتدي سترة واقية من الرصاص كتب عليها "صحافة" عندما أصيب برصاصة
قناص إسرائيلي أصابته في بطنه خلال الاحتجاجات الحدودية في السادس من نيسان/ أبريل
من سنة 2018، على بعد 300 قدم من الحدود بين غزة وإسرائيل. وقد قُتل تسعة
فلسطينيين آخرين في نفس اليوم وأصيب 491 آخرون بعد إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل
الغاز المسيل للدموع.
وفي الوقت الذي كان فيه خاشقجي كاتب عمود
لصحيفة "واشنطن بوست"، كان مرتجى الذي استخدم طائرة تصوير من دون طيار
أثناء إعداد تقريره عن شركة الإنتاج الإعلامي في العين، يساعد في تقديم تقارير إلى
شبكة "البي البي سي" والجزيرة. و"قبل أربع سنوات، تعرض مرتجى للضرب
من قبل جماعة تابعة لحماس لرفضه تسليمهم التسجيل الذي صوره، وهذا دليل على أنه لم
يكن يعمل لحسابهم" وفق قوله.
وذكر الكاتب أن التحقيق الذي تجريه الأمم
المتحدة في تركيا حول الأفعال الشنيعة التي ارتكبتها المملكة العربية السعودية،
بعيد كل البعد عن التحقيق الكامل الذي أجرته
الأمم المتحدة في غزة حول الصحفيين
الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل.
ففي سنة 2008، رفضت إسرائيل التعاون مع مبعوث
الأمم المتحدة ريتشارد غولدستون، الذي أتى لإجراء تحقيق حول الحرب في غزة. أما
بخصوص قضية ياسر مرتجى، فلا يعتقد الكاتب أن أغنيس ستقوم برحلة إلى غزة للتحقيق في
أطوار هذه الجريمة.
وقال الكاتب إن الأمم المتحدة كانت على علم
بمقتل ياسر مرتجى، ويملك موظفو هيئة حقوق الإنسان إحصاءات حول عدد الوفيات في صفوف
المدنيين والعاملين في الميدان الطبي والصحفيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن
أغلب الحكومات تكتفي بتقديم وعود بشأن إجراء تحقيقات بعد كل حادثة.
وأشار الكاتب إلى أن منظمة مركز الميزان
الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة ناشدت المحكمة الإسرائيلية العليا بوقف قتل
المدنيين وعمال الإغاثة والصحفيين. حيال هذا الشأن، صرح مدير الاتصالات بمركز
الميزان محمود أبو رحمة بأن "قتل الصحفيين فيه انتهاك لحقوق الإنسان والقانون
الدولي. وقد كان ياسر مرتجى شخصا معروفا ولم تكن له أي صلة بحماس".
بعد تعرض مرتجى لإطلاق النار،
كتبت لجنة حماية الصحفيين رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعته
فيها إلى إجراء تحقيق فوري حول إطلاق النار على الصحفيين، الذين يغطون المظاهرات
في قطاع غزة. وكتب جويل سايمون، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، أن
الإسرائيليين عينوا عميدا للتحقيق في ممارسات القوات الإسرائيلية مع المتظاهرين
الفلسطينيين فضلا عن إجراء تحقيق آخر حول مقتل ياسر مرتجى.
وفي الختام، بين الكاتب أن العالم ينتظر رد
نتنياهو تماما كما انتظر بثقة كاملة نتائج التحقيق العادل والشامل من قبل
السعوديين بخصوص مقتل جمال خاشقجي، وهو تحقيق أمر به ولي العهد نفسه محمد بن سلمان
الذي تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية أن هو الذي قتله.