رغم فقدان الأمل من جانب المعارضة السورية بالقرارات الدولية، وإدراكها لقدرة النظام على التملص من العقوبات والالتفاف عليها، إلا أن العقوبات الأمريكية الجديدة التي أقرها مجلس النواب الأمريكي على الأسد وداعميه، الأسبوع الماضي، تحت مشروع "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، تؤشر إلى احتمال قطع الطريق تماما أمام إعادة تأهيل الأسد دوليا.
ويقضي مشروع القانون الذي يحمل اسم "قانون
قيصر" نسبة للاسم الحركي لضابط سوري (قيصر) منشق عن النظام، سرب الآلاف من
الصور للانتهاكات بحق المعتقلين في السجون السورية في العام 2014، بفرض عقوبات على
كل من يدعم الأسد وكذلك الأجانب من متعاقدين عسكريين مع الجيش أو المليشيات، إلى
جانب فرض عقوبات على كل من يتعامل النظام اقتصاديا في مجالات أبرزها الطاقة،
والإعمار.
ورغم قدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تأجيل
المشروع وترحيله كما فعل سلفه أوباما حين رفض التوقيع بحجة تعارض ذلك مع التنسيق
الأمريكي- الروسي، أجمع حقوقيون على وصف القانون بالأقسى على النظام السوري
وداعميه، موضحين أن ما يميز هذه العقوبات عن غيرها من العقوبات المفروضة على نظام
الأسد، هو خوف الداعمين وخشيتهم من فرض المزيد من العقوبات الأمريكية عليهم، في
حال قرروا المضي في دعم النظام عسكريا واقتصاديا.
فهل العقوبات الأمريكية في حال سرى تطبيقها بعد
موافقة مجلس الشيوخ والرئيس ترامب، ستكون كفيلة بتغيير الواقع السياسي وقلب
المعادلة على النظام السوري وداعميه؟
مصداقية كبيرة
وفي تعليقه على ذلك، أكد مدير المركز السوري
للدراسات والأبحاث القانونية، الناشط الحقوقي البارز أنور البني، أن هذه العقوبات
والعقوبات الأوروبية التي سبقتها بأيام قليلة، تجعل من المستحيل إعادة تعويم
وإنتاج النظام دوليا.
وبالرغم من إقرار البني باحتمال التراجع عن تطبيقها،
قال لـ"عربي21": "صحيح أنها عقوبات سياسية بالدرجة الأولى وليس من
سياسات ثابتة، ويمكن عرقلة تنفيذها، لكن من الواضح أن هناك تناغما أمريكي- أوروبي
وهذا ما يعطي للعقوبات هذه المرة مصداقية كبيرة"، بحسب تقديره.
اقرأ أيضا: الأردن يرفع تمثيله الدبلوماسي بسوريا ويستأنف أعمال سفارته
وفي السياق ذاته، أشار البني إلى تزامن تحريك قانون
قيصر مع إعادة بعض الأنظمة العربية
لعلاقتها مع النظام السوري، وقال "هي رسالة واضحة للجميع، وأي طرف يقدم على
التطبيع مع النظام السوري سيحاسب".
رئيس "الهيئة السورية لفك الأسرى
والمعتقلين"، المحامي فهد الموسى، اعتبر أن هذه العقوبات على أهميتها، جاءت
متأخرة أمام المعاناة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري.
خطوة نحو الحل سياسي
وفي حديثه لـ"عربي21" أضاف الموسى أن
العقوبات لم تشمل ملف المعتقلين، والمختفين قسريا، وفك الحصار عن المحاصرين في
مخيم الركبان، مستدركا بالقول "غير أن هذه العقوبات خطوة جيدة، نحو إيجاد حل
سياسي في سوريا".
واعتبر الموسى أن العقوبات الأمريكية هي جزء من خطة
دولية لتحقيق انتقال سياسي، عبر إزاحة النظام كون العقوبات قطعت الطريق على إعادة
إنتاجه دوليا.
وأوضح أن حجم الجرائم التي ارتكبها الأسد أكبر من أن
يتم التغاضي عنها، والنظام تحول إلى عبء على المجتمع الدولي بما في ذلك الداعمين
له، مشيرا إلى أنه لدى "أمريكا الآلاف من الصور الموثقة للجرائم التي ارتكبها
النظام في السجون بالاسم والصورة".
اقرأ أيضا: نصر الحريري يرحب من الرياض بحل سياسي في سوريا
مستشار الهيئة العليا للمفاوضات، الدكتور يحيى
العريضي، وصف في مقال نشره في "العربي الجديد" العقوبات الأمريكية
بـ"الضربة الصاعقة، التي تجعل إعادة تأهيل نظام الأسد ضربا من المستحيل"، مضيفا أن "الإصابة القاتلة لا تخص
نظام البراميل فقط، بل تمتد إلى كل من يحميه أو يمد له يد العون، فما بالك بمن
يسعى إلى إعادة تأهيله، أو لإعادة الإعمار في ظل سلطته الدموية".
ورأى أن الحل بالنسبة للداعمين هو التخلي عن نظامٍ
كهذا، والاتجاه نحو حل سياسي، وقال إن "إقرار القانون إنجاز ضخم جدا، ويستحق
الاهتمام من جميع السوريين، المناهضين، لأنه أداة حساب تحضر بقوة لتقتص ممن أجرم
بحقهم، وحتى من الصامتين أو المؤيدين، لأنه أداة ردع ماضية تحول دون استمرار
النظام بالفعل الإجرامي".
كيف تحافظ أمريكا على نفوذها بشرق الفرات بعد مغادرة سوريا؟
مملوك يرأس اجتماعا مع شخصيات عشائرية سورية.. ما الهدف؟
ما أهداف التفجير الانتحاري الأخير بمنبج.. ومن المستفيد؟