نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا أعده كيث جونسون، تحت عنوان "عقوبات ترامب لفنزويلا قد تؤثر على عقوباته ضد إيران"، يقول فيه إن إدارة ترامب تقوم بالتركيز على نظام نيكولاس مادورو، إلا أن الآلام الاقتصادية التي تتسبب بها ستتوسع.
ويقول جونسون إن العقوبات وإن كانت الأقسى التي تفرض على نظام مادورو، في محاولة من واشنطن الإطاحة بالزعيم المحاصر، وحرمانه من التمويل الذي يريده، إلا أن التحرك سيكون بثمن استراتيجي باهظ، فسيؤدي الحظر إلى حرمان السوق العالمية من النفط الفنزويلي، وبالضرورة تخفيف الخناق على إيران ومبيعاتها للنفط هذا الربيع".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21" عن مديرة "أس في بي إنيرجي إنترناشونال" سارة فخشوري، قولها: "ستؤدي العقوبات على فنزويلا والعقوبات على إيران إلى خلق سوق ضيقة للنفط الخام.. سيؤدي هذا إلى منح 180 إعفاء على تصدير النفط الإيراني".
وتشير المجلة إلى أنه بعد التلويح بعقوبات النفط على فنزويلا لأكثر من عام، فإن إدارة ترامب قررت يوم الاثنين استهداف شريان الحياة لحكومة مادورو، التي تعتمد بشكل كامل على عائدات النفط، لافتة إلى أن هذه العقوبات تأتي بعد أقل من أسبوع من اعتراف الولايات المتحدة ودول أخرى بزعيم المعارضة خوان غوايدو، الذي يسيطر على البرلمان بصفته رئيسا انتقاليا بدلا من مادورو، وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان أمام مادورو التمسك بالسلطة.
ويلفت الكاتب إلى أن وزير المالية الأمريكي ستيفن منوشين أكد في في بيان له استمرار الولايات المتحدة في استخدام الأساليب الدبلوماسية والاقتصادية لدعم الرئيس الانتقالي غوايدو، مشيرا إلى أنه "مع أن العقوبات الأمريكية ليست شاملة، إلا أنها ستترك أثرا مدمرا على الاقتصاد الفنزويلي".
ويفيد التقرير بأن العقوبات تحظر على المصافي الأمريكية، التي استوردت العام الماضي 580 ألف برميل نفط في اليوم، شراء أي نفط من شركة النفط الفنزويلية.
وتعلق المجلة قائلة إن "هذا مهم؛ لأن أمريكا واحدة من الدول القليلة التي تستورد النفط الفنزويلي الخام الذي تدفع مقابله، أما الدول الأخرى، مثل روسيا والصين، فتأخذ النفط الفنزويلي مقابل الديون المتراكمة على البلد".
ويبين جونسون أن العقوبات تشمل حظر تصدير النفط الخفيف الذي تحتاجه فنزويلا لخلطه بنفطها الثقيل لتستخرجه، ومشيرا إلى أن العقوبات ستزيد من الضغوط على النظام، وتحرمه من القدرة على استخراج النفط لبيعه لدول أخرى.
ويورد التقرير نقلا عن مدير شركة "كليرفيو إنيرجي بارتنرز" كيفن بوك، قوله: "لقد تم تصميم العقوبات بشكل جيد، وتترك أثرا ماليا على مادورو وعلى قدرة شركة النفط الفنزويلية في استخراج النفط الخام الثقيل".
وتذهب المجلة إلى أن الخطوات الأخيرة تمثل ذروة الجهود التي تقوم بها الإدارة منذ عام لتصعيد الضغوط على مادورو ودائرته المغلقة، وهو ما أدى إلى رد فعل غاضب من الرئيس الفنزويلي وداعمتيه الصين وروسيا، لافتة إلى أن مادورو تعهد بمواجهة العقوبات من خلال الطرق القانونية، متهما واشنطن بمحاولة سرقة الأرصدة الفنزويلية.
وينقل الكاتب عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قوله إن الولايات المتحدة تريد تغيير النظام من خلال العقوبات الاقتصادية، ووعد بأن تقوم روسيا بدعم فنزويلا بالطرق الممكنة كلها، فيما انتقد وزير الخارجية الصيني تحرك واشنطن وحذرتها بأنها تتحمل المسؤولية لزيادة الآلام على بلد يواجه نقصا في المواد الغذائية وهجرات جماعية وانتشار أوبئة.
ويقول جونسون إنه "من غير المعلوم كيف ستساعد موسكو وبكين النظام في كراكاس، إما من خلال تقديم الدعم المالي الذي تحتاجه فنزويلا، أو شراء مزيد من النفط، ومنحتها الصين قروضا بقيمة 50 مليار دولار، وتشعر بالتوتر من ناحية استردادها، أما روسيا فقد منحت البلد 17 مليار دولار، وتعلم أن هناك صعوبات في الحصول عليها، لكن البلدين لديهما رهان كبير في نجاة مادورو، ليس لمواجهة الولايات المتحدة، لكن بسبب الاستثمارات الكبرى التي قامتا بها خلال السنوات الماضية".
ويورد التقرير نقلا عن بوك، قوله إن "الصين وروسيا تريدان دعم شركة النفط الفنزويلية في الاستمرار في ضخ النفط الذي تحتاج إليه لدفع الديون".
وتقول المجلة: "يبدو أن إدارة ترامب الخائفة من أن يؤدي توقف النفط الفنزويلي المهم للمصافي الأمريكية في (غالف كوست) على أسعار النفط وجدت طريقة لإلحاق أقصى قدر من الألم بأقل قدر من الاضطراب في سوق النفط، ولن يبدأ المنع على استيراد النفط الفنزويلي مباشرة، وستمهل الشركات فترة لاستخدام الإمدادات الرئيسية".
ويستدرك الكاتب بأن "أمريكا لن تدفع ثمن النفط مباشرة إلى مادورو، بل سيحتفظ بالثمن في صندوق، وهذا يعني استمرار المصافي الأمريكية في العمل مدة أشهر، في وقت تفرغ فيه الخزينة الفنزويلية، وقدر مستشار الأمن القومي جون بولتون ثمن العقوبات على مادورو بـ 11 مليار دولار في عام، هذا إن استمر في الحكم هذه المدة وبقي نظام العقوبات".
وينقل التقرير عن المسؤولة السابقة في الخزانة الأمريكية إليزابيث روزنبرغ، قولها: "من الواضح أن الإدارة تحاول زيادة الضغط على مادورو وشركة النفط الفنزويلية بدلا من مصافي (غالف كوست)".
وتقول المجلة إن فنزويلا ربما حاولت البحث عن مشترين جدد، محاولة للتغلب على العقوبات الأمريكية، فقد اشترت الصين وروسيا الكثير من النفط الفنزويلي في السنوات الماضية، محاولة الحصول على قروضها، وربما وجدت فنزويلا مشترين جددا بأسعار مخفضة للنفط الذي توقفت أمريكا عن شرائه".
ويورد جونسون نقلا عن بوك، قوله عن فنزويلا إنه "يمكنها البحث عن أماكن جديدة، لكن لا تستطيع الحصول على السعر الذي تدفعه المصافي الأمريكية في منطقة (غالف)".
ويجد التقرير أن أثر العقوبات على مادورو سيكون قاسيا، خاصة أن فنزويلا تعتمد في دخلها على نسبة 98% من عوائد النفط، مشيرا إلى أن توقف شركة النفط عن ضخ النفط سيؤثر على قدرة مادورو على استخدام المال لشراء ولاء الجيش والمقربين منه، والحصول على الدعم الشعبي، من خلال دعم البرامج الاجتماعية.
وتستدرك المجلة بأن العقوبات الأمريكية ستزيد من مشكلات البلاد، التي شهدت معدلات عالية في التضخم، ونقصا في المواد الغذائية، ومستويات غير مسبوقة في البطالة.
وينقل الكاتب عن النائبة الديمقراطية إلهان عمر، قولها في تغريدة لها، تعليقا على العقوبات، بأنها "ليست سوى تخريب اقتصادي، مصممة لتغيير النظام من خلال تجويع الناس الذين نزعم أننا نساعدهم".
وبحسب التقرير، فإن بولتون لم يساعد على تبديد الشكوك عندما قال في مقابلة صحافية، إن العقوبات والحكومة الجديدة هي أخبار جيدة لشركات النفط الأمريكية، التي ستكون الأولى في قطاع النفط الفنزويلي.
وتقول روزنبرغ: "هناك دائما قلق في العقوبات التي عادة ما تستهدف الأهداف الاقتصادية المهمة للنظام.. هناك دائما تفسيرات مختلفة فيما إن كانت العقوبات شكلا من العقاب الجماعي، أم أنها تستهدف النخبة الحاكمة".
وتقول المجلة إن "الجانب الآخر هو أثر العقوبات على السوق العالمية، خاصة أن أمريكا استهدفت النفط الإيراني بشكل خفض مستوياته من 2.5 مليون برميل في اليوم لأقل من مليون في اليوم، وفي الوقت الذي عوض فيه النقص من خلال زيادة الإنتاج السعودي والروسي والأمريكي، فإن الضغط على النفط الفنزويلي قد يؤدي إلى زيادة أسعار النفط في الربع الثاني من العام الحالي".
ويشير جونسون إلى أن تخفيض إمدادات النفط قد يأتي في الوقت الذي ستقرر فيه أمريكا الطرق لتقليص الصادرات النفطية الإيرانية، لافتا إلى أن واشنطن منحت في تشرين الثاني/ نوفمبر ثماني دول رخصة استمرار استيراد النفط الإيراني بعدما وعدت أن النفط الإيراني سيتوقف تماما.
ويقول الكاتب: "يجب على الإدارة أن تقرر في أيار/ مايو منح إعفاءات إضافية لمشتري النفط الإيراني، أو الدفع باتجاه وقف التصدير، وهو الهدف الذي يسعى إليه صقور الإدارة، لكن التحرك ضد فنزويلا يجعل من تحقيق هذا الهدف أمرا صعبا".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن بوك يتوقع أن يؤدي واقع السوق لتخفيف أهداف البيت الأبيض، قائلا: "كلما ضاقت السوق أبدت الإدارة براغماتية"، وأضاف أن محاولة إقناع مستوردي النفط الإيراني بتحمل الوضع لا يساعد السوق.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويورك تايمز: ماذا قال التقييم الأمني الأمريكي لعام 2019؟
التايمز: هل تستخدم أمريكا القوة بفنزويلا.. ماذا ستحتاج؟
الغارديان: هكذا يغامر ترامب بمقامرة غير محسوبة في فنزويلا