نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقال رأي لمراسلها كريستوف عياد، تناولت فيه الاحتجاجات في السودان وعاد فيه إلى أحداث أخرى مماثلة عرفتها البلاد في الماضي.
وقال الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن "الانتفاضة التي تهز نظام عمر البشير منذ أواسط شهر كانون الأول/ ديسمبر تعد امتدادا لتاريخ وطني عرف حكم أنظمة دكتاتورية عسكرية وفترات من الديمقراطية. وبغض النظر عن نتيجة الانتفاضة التي انطلقت يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2018 في السودان والمستمرة إلى يومنا هذا، من الواضح أن هذا البلد يعيش على وقع ثورة فعلية".
ويرى أنه "من المستبعد أن تكون هذه الثورة هي الأولى من نوعها في تاريخ سياسي لطالما عرف اضطرابات عديدة. وخلافا لما تعتبره بعض الأطراف "نتيجة ثانوية" "للربيع العربي"، تعتبر الثورة السودانية الحالية استمرارا لتاريخ طويل عرف مراوحة بين دكتاتوريات عسكرية وحكم ديمقراطي أحيانا".
وتطرق الكاتب إلى أن "السودان التي حصلت على استقلالها منذ سنة 1956، شهدت أول انقلاب عسكري في القارة الأفريقية أطاح بالديمقراطية البرلمانية. علاوة على ذلك، عرفت البلاد أول ثورة ديمقراطية في العالم العربي خلال سنة 1964. وبناء على ذلك، تعتبر انتفاضة 19 كانون الأول/ ديسمبر حلقة في سلسلة من الأحداث الثلاثية التي تضم ثورة 1964 التي أطاحت بنظام الرئيس عبود الاستبدادي، و"انتفاضة" 1985 التي أنهت حكم الديكتاتور جعفر النميري".
وهذه المرة يقول الكاتب الفرنسي، "اندلعت المظاهرات بعد الإعلان عن زيادة في سعر الخبز بثلاثة أضعاف. في الواقع، ارتبطت اضطرابات كانون الثاني/ يناير 2018 (بسبب مضاعفة سعر الخبز)، وأيلول / سبتمبر 2013 (وقف الدعم على الوقود)، وحزيران/ يونيو 2012 (تخفيض الدعم على الوقود)، بالمقدرة الشرائية. ولكن، سرعان ما استهدف غضب المحتجين نظام الرئيس عمر البشير، الذي يدير شؤون البلاد منذ انقلاب سنة 1989، ورموزه، بما في ذلك مقر حزبه المؤتمر الوطني".
وأشار إلى أن "تتالي المظاهرات والقمع لم يؤد سوى لجعل المتظاهرين أكثر تصميما لدرجة أن العاصمة الخرطوم شهدت أكبر مظاهرة في تاريخ البلاد يوم الخميس 24 كانون الثاني/ يناير، بعد أكثر من خمسة أسابيع عن بداية الاضطرابات. وبالمقارنة مع ثورات 1964 و1985 السابقتين، تعد الانتفاضة الحالية الأضخم من حيث التوزع الجغرافي والاجتماعي، والأكثر ثباتًا زمانيا وصرامة في مطالبتها بالتغيير".
ويشير الكاتب إلى أن "الحصيلة السياسية لحكم عمر البشير كارثية، فعلى امتداد 30 سنة من حكمه، يبدو من المؤكد أن نظام البشير قد وضع نهاية للحرب الأهلية في الجنوب، لكن ذلك كان على حساب استقلال ساكني هذه المنطقة. وقد أدى ذلك إلى حرمان الأراضي الوطنية من ربع مساحتها".
وأضاف أن "ثلاثة صراعات جديدة تمزق ما تبقى من السودان، وذلك في كل من دارفور (الجنوب الغربي)، ومنطقة جبال النوبة (في الجنوب)، ومنطقة النيل الأزرق (الجنوب الشرقي). وقد تعرض المجتمع بشكل منتظم للاستغلال من طرف مجموعة من العسكريين والإسلاميين ورجال الأعمال الوصوليين".
وإثر ذلك، "شهدت الجامعات، التي كانت لامعة في ذلك الوقت، فرار أفضل أبنائها إلى الخارج. ومن ثم، تم إضعاف الأحزاب وفقدت مصداقيتها. وإلى جانب الجيش والشرطة، أضيفت خدمة استخبارات قوية، المتمثلة في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، ومليشيات مختلفة، لعل من أبرزها قوات الدعم السريع."
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "لم يتبين بعد ما إذا كان الجيش السوداني سينقلب على سيده، كما حدث في 1964 و1985، أم أنه سيتحمل مسؤولية تصعيد القمع الذي وعد به الرئيس البشير".
فايننشال تايمز: ماذا وراء الدبلوماسية القطرية الحازمة؟
نائب بريطاني: السعودية تواجه احتمالات اندلاع ثورة
بوبليكو: السودان.. انتفاضة شعبية في ظل تفشي الجوع والفقر