طرح إعلان كتائب
القسام الجناح العسكري لحركة قبل أيام تقديم مكافأة مليون دولار، لأي عميل يستدرج
قوة إسرائيلية أو ضباطا من جهاز المخابرات الإسرائيلية، إلى قطاع غزة، جملة
تساؤلات بشأن تأثير العرض على الثقة مستقبلا بين العملاء وضباط الاحتلال، وتشويشه
على طرق العمل المتبعة حاليا في القطاع.
وجاء عرض المكافأة
خلال مؤتمر صحفي للناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، لكشف نتائج التحقيق، في
عملية "حد السيف" عقب انكشاف قوة إسرائيلية من وحدة النخبة التابعة
لأركان الاحتلال، والتي توغلت في منطقة خانيونس، وقتل قائدها بعد اشتباك مع عناصر
من القسام.
وكان مستشرق إسرائيلي قال إن "العرض الذي أعلنته هو نوع من الحرب
النفسية، التي تقوم بها حماس للإيقاع بين المخابرات الإسرائيلية وعملائها في قطاع
غزة، وإيجاد أزمة ثقة بينهما".
اقرأ أيضا: ضابط إسرائيلي: هذه أهداف حماس من عرض المليون دولار
وأضاف الباحث بالمعهد المقدسي للشؤون العامة،
يوني بن مناحيم، في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أن
"شبكات التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية والعالم العربي منشغلة بعرض
حماس الجديد، ويشمل بجانب المليون دولار، إصدار عفو عام عن الجاسوس الذي يلبي
العرض، مع أن ضباط الجيش والشاباك بدأوا باستخلاص الدروس والعبر عقب كشف القوة
الخاصة بخانيونس في نوفمبر، وبدأوا على الفور بتغيير طرق العمل داخل غزة".
بذور الشك
الخبير في الشؤون
الأمنية الدكتور رامي أبو زبيدة قال: إن المقاومة "تسعى في هذا التوقيت لضرب
المنظومة الأمنية الإسرائيلية، التي تتجسس على غزة بعدة طرق، سواء بالمواجهة على
الأرض، أو بحرب المعلومات والعقول".
وأوضح أبو زبيدة
لـ"عربي21" أن الأمر يتعدى مسألة تقديم مكافأة مالية، رغم أهمية ذلك
الأمر في تشويش العمل الاستخباري الإسرائيلي، لكننا نتحدث عن معلومات متوفرة أيضا
لدى المقاومة من العملية الأخيرة، لم يتمكن الاحتلال من معرفة تفاصيلها وربما كشفت
فيها خلايا وتم تشغيلها بطريقة عكسية".
وأشار إلى عرض
المكافأة "الأكثر إغراء" للعميل من وعود ضابط الاحتلال وهي فرصة
لـ"تنظيف السمعة والظهور أمام المجتمع بمظهر بطولي بعد الغرق في هذا الوحل
بالإضافة للحصول على مكسب مادي، طالما كان عناصر مخابرات الاحتلال، يبتزون العملاء
من خلاله".
وشدد على أن الحرب
النفسية التي تخوضها المقاومة مع الاحتلال، ليست من السهولة بمكان، وتقديم مثل هذا
العرض يزرع بذور الشك بين الضابط المشغل والعميل، ويضع كافة المعلومات التي يقدمها
موضع اختبار، وهذا يزيد الأعباء حتما على المخابرات الإسرائيلية ويعقد
عملها".
وأضاف: "كان
ملاحظا خلال المؤتمر الصحفي أنه لم يتم الإفصاح عن كم المعلومات الموجودة لدى
المقاومة، وهذا ما نسمية الصمت الاستخباري الإيجابي، الأمر الذي يضع المنظومة الأمنية
في دائرة الشك والريبة، ويطرح تساؤلات كبيرة فيما إذا كانت بعض الخلايا على الأرض تعمل بطريقة
عكسية".
أعباء ومخاطر
من جانبه حذر العميد
الركن المتقاعد من الجيش اللبناني، محمود مطر في الوقت الذي تعرض فيه المقاومة
مكافآت لتشغيل العملاء ضد الاحتلال من "الاعتقاد أن الأخير سيتراجع عن
محاولاته، لتجنيد عملاء جدد بكل الوسائل".
وأوضح مطر لـ"عربي21"
أن "مسألة الاحتكاك المتواصل بين المواطن الفلسطيني والاحتلال، بفعل الوضع
القائم وحاجة الناس للتنقل ومرورهم عبر بوابات الاحتلال، يجعل من بحث إسرائيل عن
عملاء جدد بين أصحاب الحاجات بابا مفتوحا وضرورة ملحة".
وشدد على أن الاحتلال "لا
يمكنه الركون للوسائل الحديثة فقط لتحصيل المعلومات، ولا بد له من تشغيل عيون على
الأرض للحصول على أدق التفاصيل، التي يحتاجها في عمله الاستخباري".
اقرأ أيضا: هكذا تفاعل النشطاء مع المليون دولار التي عرضتها "القسام"
لكنه في المقابل شدد
على أن "العمل بذات الطريقة التي يلجأ إليها الاحتلال بتحقيق حاجات العميل،
من قبل المقاومة طريقة ناجعة ومهمة لتحويل مسار العمالة، من الإضرار بالفلسطينيين
إلى تحقيق مكاسب لهم، وتضليل عناصر مخابرات الاحتلال".
وأضاف مطر:
"العميل غالبا سار بهذا الطريق بسبب العوز أو الحاجة للمال في بعض الحالات،
وتقديم هذا المال من طرف المقاومة لتشغيله بطريقة عكسية فعل استخباري ذكي
وناجع".
ورأى أن ضباط الاحتلال
"رغم أنهم لا يتعاملون مع العملاء من منطلق الثقة بل الحذر الأمني والابتزاز،
إلا أنهم وبعد هذا الإعلان سيصبح لديهم نوع من التشويش لحقيقة العميل الذي يزودهم
بالمعلومات، وسيرتب عليهم أعباء كبيرة للتحقق من طبيعة المعلومات المنقولة إليهم،
لوجود شكوك بأنه ربما يكون عميلا مزدوجا وفي هذا مخاطرة استخبارية كبيرة، ربما
تتسبب في كشف بعض العملاء دون قصد".
منتدى غاز المتوسط.. ما دلالة ضم إسرائيل واستبعاد تركيا؟
هل يشهد مؤتمر وارسو أول تطبيع علني بين الخليج وإسرائيل؟
هكذا تفاعل النشطاء مع المليون دولار التي عرضتها "القسام"