علق مسؤول بأكبر شركة مقاولات مصرية، على تشكيك خبراء سدود في قدرة الشركة الحكومية على بناء سد "ستيجلر جورج" العملاق في تنزانيا.
وقال مدير إدارة العلاقات العامة بشركة المقاولون العرب أسامة علي، أن من تحدثوا هم خبراء بالسدود وليس بمجال المقاولات وليسوا على دراية بحساب التكاليف بمجال المقاولات.
وتساءل خلال حديثه مع "عربي21": "كيف لشركة بحجم المقاولون أن تدخل مشروعا غير مدروس؟ مؤكدا أن وهذه ليست أول مرة تنفذ فيها الشركة مشروعات بإفريقيا".
وحذر خبراء مصريون من أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي من أجل إرضاء بعض دول إفريقيا وضع أهم شركة مصرية وطنية بمجال المقاولات في مأزق كبير.
وكان قد فاز تحالف شركتي "المقاولون العرب" و"السويدي إليكتريك" في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بعقد تنفيذ سد "ستيجلر جورج" بغرب إفريقيا بدولة تنزانيا على نهر روفيجي بارتفاع 130 مترا لتوليد 2.1 جيجاوات من الكهرباء بتكلفة 3.6 مليارات دولار.
وأكد حينها رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، أن بناء السد فخر لمصر، ويعكس استمرار جهودها لاستعادة دورها الإفريقي بتوقيع المزيد من اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي والزراعي مع دول إفريقيا.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه السيسي بشكل دائم عن أرباح المشروعات المصرية وضرورة زيادتها لم يشير لفائدة مصر المادية من انشاءالسد.
حديث البعض عن أزمات محتملة للشركة المصرية جاء بعد كشف رئيس المقاولون العرب محسن صلاح، أن شركته فازت بعد منافسة شركات عاليمة وتقديم عرض مالي هو الأقل بهدف التواجد السياسي والاقتصادي لمصر بإفريقيا، وقوله لفضائية "صدى البلد"، 21 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أن الرسالة الأكبر من حصول مصر على المياه أو أية مكاسب مالية هو وجود شركاتها بمشروعات التنمية بإفريقيا.
وفي نفس السياق، أشار رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية الدكتور عباس شراقي، بمداخلة لفضائية "المحور"، إلى أن فوز المقاولون العرب بإنشاء السد غالبا ما يكون فيه تضحية، لأن الهدف من إنشائه ليس الربح فقط.
وفي حديثه لـ"عربي21"، ذهب الخبير المصري بهندسة السدود الدكتور محمد حافظ، لأبعد من ذلك وحذر من أن عقد المقاولون العرب بانشاء السد التنزاني ليس صفقة رابحة بل خسارة للشركة، مشيرا لأسباب الخسارة المتوقعة، ومنتقدا اتخاذ القرار بدون دراسة جدوى، موضحا المخاطر التي ستتعرض لها أهم شركة إنشاءات وطنية وأسباب توريط السيسي لها.
الأستاذ المشارك بكلية هندسة السدود وهندسة الجيوتكنيك بجامعة يونيتن بماليزيا، أكد أن فوز شركة مصرية بعقد مشروع بالخارج أسوة بالشركات الدولية خبر جيد؛ إلا أنه بالاطلاع على تفاصيل العقد تبين أن الصفقة "فخ".
وكشف حافظ، عن فشل مفاوضات تنزانية برازيلية على مدار 3 سنوات لإنشاء 3 سدود بنهر روفيجي لعدم وجود التمويل الكافي ما يعني مغامرة مصرية غير محسوية العواقب، مشيرا إلى أن عرض المقاولون كان الأقل بين 70 شركة عالمية من الصين وتركيا والبرازيل والهند ولبنان، ما يزيد من احتمالات خسائر الشركة التي تم إرساء المناقصة عليها بمبلغ 3.6 مليارات دولار.
وحذر من كارثية الوضع الذي وضعت به الشركة الوطنية، موضحا أنه وبرغم من أن عرض المقاولون العرب هو الأرخص بـ 3.6 مليارات دولار إلا أنه تم تخفيض قيمة المناقصة لـ 2.9 مليار فقط عند توقيع العقد.
اقرأ أيضا: خبراء سدود: هكذا يورط السيسي مصر في أزمة مع تنزانيا
وأوضح الخبير المصري، أن هناك جانب خطير آخر يضاعف خسائر الشركة المصرية وهو تعديل تنزانيا مواصفات السد الأساسي من "خرسانة مدكوكة" لـ"سد مقوس مسلح" وهو أغلى السدود الخرسانية وأعقدها بالتنفيذ، بجانب إضافة نحو 3 كم زيادة بطول السدود الركامية المساعدة من 13.1 كم لـ 16.3 كم.
وفي مقارنة تؤكد أن المبالغ المتعاقد عليها غير كافية، كشف حافظ أن سد "مروى" الركامي وليس الخرساني بالسودان تم بناءه عام 2004، بنحو 2.945 مليار دولار، متسائلا كيف يتم بناء سد بمواصفات أعلى بنفس القيمة المالية وبفارق زمني 15 عاما تضاعفت فيها أسعار كل شيئ عدة مرات، مشيرا إلى أن طول سد مروي الركامي يعادل 9.28 كم وإستهلك 16.1 مليون متر مكعب من الصخور، متسائلا: كم ستستهلك السدود الركامية للسد التنزاني ذات الطول (16.3 كم) وإرتفاع يعادل سد (مروي).
وقارن الأكاديمي المصري، أيضا تكاليف محطة كهرباء سد مروي بقدرة إنتاجية 1200ميجاووات بسعر عام 2004، وتكاليف بناء محطة كهرباء السد التنزاني ذات القدرة الإنتاجية 2100 ميجاووات وبسعر 2018، مشيرا أيضا لأزمة استقدام نحو 5 آلاف عامل مصري لتنزانيا وما يكلفه ذلك من متطلبات معيشية وسفر وعلاج وتأمين.
وأكد حافظ، أنه وفقا لتقديري فإن التكاليف قد تتعدي مبلغ 6.5 مليارات دولار تكاليف إنشائية فقط دون الأخذ بالإعتبار الغرامات المتوقعة، مشيرا إلى أن توقعات خبير الموارد المائية الدكتور عباس شراقي، تقفز لـ 5 مليارات دولار، متعجبا من السعر الذي وافقت عليه مصر 2.9 مليار دولار فقط
وتحدث الخبير المصري عن تحدى كبير آخر أمام المقاولون العرب، وهو مدة تسليم المشروع في 39 شهرا، وشرط غرامات التأخير، موضحا أن الشركة ليس لديها غير 3 أشهر فقط لعمل أبحاث حول موقع السد، مؤكدا أن بناء السد "المقوس المسلح" بجانب 16.3 كم من السدود المساعدة يحتاج لأكثر من 5 سنوات، مشيرا إلى أن سد مروي تم في 8 سنوات.
وتساءل حافظ، "هل أرسل السيسي المقاولون العرب لتنزانيا بدون دراسة جدوي ومخاطر؟ أم أنه مستعد لضخ قرابة 4 مليارات دولار من ميزانية مصر لإدخال البهجة على الشعب التنزاني؟".
لماذا أمر السيسي ببناء كنيسة في كل مدينة سكنية جديدة؟
صمت مصري على توصية برلمان أوروبا بوقف تصدير أجهزة القمع
قبل 25 يناير.. لماذا أثارت السترات الصفراء رعب نظام السيسي؟