نشر موقع
"
أوراسيا دايلي" الروسي تقريرا تحدث فيه عن إعلان دونالد ترامب عن
انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وتمسكه بهذا القرار رغم استقالة وزير دفاعه
جيمس ماتيس، مع العلم أن هذا الأمر يتوافق مع وعوده الانتخابية.
وقال الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن إصرار ترامب على سحب القوات الأمريكية
من الأراضي السورية يعتبر بمثابة حجة سيستخدمها معارضوه الذين لطالما اعتبروه
"عميلا للكرملين".
وأوضح الموقع أن
القوات الأمريكية متمركزة في منطقة الفرات لعدد من الأسباب، أهمها مجابهة التوسع
الإيراني ومنع تصدير
النفط الإيراني عبر موانئ سوريا ولبنان، والحد من تواجد
القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها على الحدود السورية الإسرائيلية،
بالإضافة إلى الحيلولة دون وصول دمشق إلى حقول النفط والغاز؛ الأمر الذي سيجعل
النظام السوري يكافح أكثر من أجل استعادة الاقتصاد وتحقيق الاستقرار.
وأفاد الموقع بأن
إنتاج النفط في سوريا قبل الحرب بلغ حوالي 380 ألف برميل لليوم الواحد، أي نحو
18.5 مليون طن، بينما تنتج منطقة الفرات حوالي 70 بالمائة من مجموع الإنتاج. وفي
الواقع، لقد بالغت
الولايات المتحدة في حصارها النفطي ضد إيران، حيث اضطرت الشركات
الأوروبية إلى تقليص تعاونها مع طهران على الرغم من التدخلات اللفظية لبروكسل،
التي وعدت بحماية هذه الشركات من عقوبات واشنطن.
ونتيجة لذلك، انسحبت
شركة "توتال" الفرنسية من مشروع تطوير حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي
في إيران، الذي كان يهدف إلى ضمان تعبئة خطوط الأنابيب العابرة للحدود السورية.
وأورد الموقع أن وجود
واشنطن في منطقة الفرات يتطلب تخصيص بعض التمويلات، ونشر 1500 جندي وتدريب قوات
سوريا الديمقراطية للسيطرة على منطقة الفرات، والحفاظ على الاقتصاد المحلي. ولكن
التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية يثير قلق تركيا ويؤثر سلبا على العلاقات
الثنائية بين البلدين، لا سيما أن تركيا تعتبر قوات سوريا الديمقراطية تابعة لحزب
العمال الكردستاني.
وأشار الموقع إلى أن
الولايات المتحدة ترغب في الحد من وجودها في الشرق الأوسط، والدخول في مواجهة مع
الصين التي أصبحت من القوى التي تثير قلقها بسبب تفوقها التكنولوجي من جهة، وفقدان
الجيش الأمريكي للريادة في بعض المجالات من جهة أخرى. وتتمثل المهام الرئيسية
لترامب في تحقيق أهداف الرئيس السابق باراك أوباما، بوسائل أكثر راديكالية.
ونوه الموقع بأن خطط
الأمريكيين قبل حرب الخليج الثانية كانت تتمثل في إنفاق ما بين 50 و80 مليار دولار
مقابل الإطاحة بصدام حسين، وتنصيب شخص موالي لها ليساعدها على تحقيق مصالحها،
ويضمن تزويدها بالنفط، ويعقد صفقات شراء الأسلحة الأمريكية. ومن جهته، ذكر إدوارد شابلن،
الذي كان يترأس قسم الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، أنه "بالنسبة
للشركات البريطانية فهي تعتزم الحصول على حصة كبيرة من النفط من عراق ما بعد صدام
حسين".
والجدير بالذكر أن
إنتاج النفط في الولايات المتحدة بلغ ذروته سنة 1971، ولكنه تراجع إلى ستة ملايين
برميل في اليوم الواحد بحلول سنة 2000، لينخفض بعد ذلك مرة أخرى بنسبة 15 في
المائة. وعلى الرغم من الارتفاع الخيالي للأسعار، انخفض إنتاج النفط في الولايات
المتحدة مرة أخرى سنة 2008 ليصل إلى خمسة ملايين برميل في اليوم الواحد.
وذكر الموقع أنه تبين سنة 2009 أن تكلفة التدخل العسكري الأمريكي في العراق
كانت مرتفعة ومخالفة للتوقعات، خاصة أن إنتاج النفط في العراق لم ينمو بشكل كبير
وارتفع بمقدار 600 ألف برميل في اليوم الواحد، حيث كان العراق سنة 1990 ينتج 3.2
ملايين برميل، وحاليا لا يتجاوز الإنتاج 4.78 ملايين برميل في اليوم الواحد.
وأشار الموقع إلى أن
الصين تحولت من منتج للسلع الاستهلاكية إلى قوة صناعية ضخمة، بينما أصبحت الولايات
المتحدة قوة اقتصادية. وتمثل سنة 2002 التاريخ الرسمي لانطلاق ثورة الصخر الزيتي،
التي ساهمت في زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط، حيث ارتفع إنتاج النفط من
الصخر الزيتي ليصل إلى 1.4 مليون برميل بحلول بداية سنة 2010. وبالتزامن مع ارتفاع
إنتاج النفط، انخفض عدد القوات الأمريكية المتواجدة في الشرق الأوسط.
وفي الختام، نوه
الموقع بأنه يبدو أن الشرق الأوسط بات أقل أهمية بالنسبة لواشنطن في سعيها لمواجهة
الصين، في ظل صناعة بكين لـ 11 فرقاطة وست مدمرات خلال سنة 2018. ومن المتوقع أن
تعمل الإدارة الأمريكية الحالية على التقليل من وجود القوات العسكرية في الشرق
الأوسط، مع الحرص على التدخل في الوقت المناسب ومتى تطلبت مصالحها ذلك.