فاجأ القرار الأمريكي الأخير بالانسحاب عسكريا
من سوريا الجميع بما فيهم حلفاء أمريكا في التحالف الدولي مثل بريطانيا وفرنسا
الذين رأوا أنه غير مبرر.
أما الأتراك فرأوا في القرار الأمريكي على ما
يبدو فرصة أفضل للعمل ضد القوات الكردية المقاتلة في سوريا، والتي ترى أنقرة أنها
تهدد الأمن القومي التركي.
ومع اقتراب انطلاق عمليات عسكرية تركية جديدة
في الأراضي التركية، ربما لن تكتفي تركيا بقتال الانفصاليين الأكراد هنالك، ويمكن أن تتعداه لقتال تنظيم الدولة أيضا.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن الرئيس الأمريكي،
دونالد ترامب، قوله للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن على تركيا إكمال مهمة
القضاء على تنظيم الدولة في سوريا بعد انسحاب قواته.
وقال أردوغان، الجمعة، إن تركيا ستتولى المعركة
ضد تنظيم الدولة في سوريا مع سحب الولايات المتحدة لقواتها، مضيفا أن العملية
العسكرية المزمعة ستستهدف وحدات حماية الشعب وتنظيم الدولة.
وأجل الأتراك العملية العسكرية بحسب تصريحات
وزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو، تفاديا لأي فوضى أو "نيران صديقة"
خلال انسحاب أي قوات أمريكية، لكنه شدد على أن نوايا تركيا لم تتغير.
الخبير العسكري، العميد أحمد رحال، قال
لـ"عربي21" إن الأتراك عندما قرروا العمليات في شرق الفرات كانوا على
خلاف مع الأمريكيين حولها، وتترجم ذلك على شكل تصعيد في النبرة من تركيا مقابل
تحذيرات أمريكية.
اقرأ أيضا: أنباء عن بدء عملية عسكرية تركية في منبج السورية (شاهد)
وتابع رحال بأنه بعد الإعلان الأمريكي عن
الانسحاب الأمريكية قررت القيادة التركية إعادة ترتيب أوراقها من جديد بعد تغير
المعطيات على الأرض.
وأشار إلى أنه بعد القرار الأمريكي الأخير،
هنالك تفويض أمريكي للأتراك بإدارة شرق الفرات، وأن الإدارة التركية سترتب أوراقها
على هذا الأساس بعد تقييم الوضع.
واستدرك رحال بأن الأمريكيين قد يتذرعون بأي
شيء من أجل البقاء في سوريا، كونهم لم يخرجوا منها بعد.
وأضاف بأن فرنسا أيضا حاضرة في مسألة الترتيب
التركي لما بعد الانسحاب الأمريكي إذ أن هنالك قواعد فرنسية حول منبج، وكوباني،
ومعمل الإسمنت.
وأكد الخبير العسكري أن العملية التركية ستكون
أسهل بغياب الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد، متسائلا: "لكن إلى أين تريد تركيا
الوصول في الداخل السوري؟".
وتابع بأن الموقف ما يزال غامضا ومعقدا، فهل
تريد تركيا حزاما آمنا على حدودها، أم أنها تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك، مذكرا
بتصريحات ترامب بأن تركيا ستقاتل تنظيم الدولة هناك، غير أن رحال أشار إلى أن
التنظيم موجود في أقصى الجنوب الشرقي في سوريا، متسائلا: "هل ستصل تركيا إلى
هناك؟".
وختم رحال بأن تركيا تريد شيئين اثنين من
عملياتها ضد المقاتلين الأكراد الانفصاليين بسوريا، وهو أن تؤمن حدودها الجنوبية،
والأمر الآخر هو عدم ترك مجموعات انفصالية في الشرق السوري لإنشاء كانتون يقسم
سوريا، وهو أمر في مصلحة الثورة السورية التي لا تريد سوريا مقسمة.
على جانب آخر، تعالت أصوات قائلة إن تأجيل
العملية ربما يكون خشية من فخ أمريكي لأنقرة، وقالت أخرى إن تركيا تعد نفسها لدور
أكبر من مجرد عمليات شرق الفرات خصوصا بغياب أمريكيا عسكريا هناك.
ونقل موقع "ترك برس" عن المحلل بوبي
جوش، قوله في مقال له في مجلة "بلومبيرغ" بأن القرار الأمريكي قد يكون
فخا أمريكا لتركيا، وإنه سوف يضعها في صراع مع قوى إقليمية بشأن النفوذ في سوريا،
في إشارة إلى روسيا وإيران.
الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا
قال لـ"عربي21" إنه لا انفصال بين ما تريده تركيا في سوريا، وبين عمليات
شرق الفرات العسكرية.
ولفت إلى أن تركيا تريد استباب الأمن في سوريا
ومساعدة الشعب السوري، بصفتها دولة جارة، كما تريد أن تلعب دورا أكبر في سوريا مع
الانسحاب الأمريكي.
ولفت ياشا إلى أن تركيا هي من طلبت في السابق
محاربة تنظيم الدولة في سوريا، لافتا إلى أنها ربما تصطدم بالنظام السوري لاحقا،
غير أنها مستعدة لذلك إذا أقدم النظام على الاحتكاك بالأتراك.
وأكد أن تركيا تنسق مع إيران وروسيا، وهما
العاملان الحقيقيان على الأرض في سوريا، وليس نظام الأسد.
وعن الآراء القائلة بأن الانسحاب الأمريكي من
سوريا ربما يكون فخا لأنقرة، أشار ياشا إلى أن هذا الكلام غير منطقي، مشيرا إلى أن
كلاما مشابها ذاع في أوقات العمليات العسكرية؛ غصن الزيتون، ودرع الفرات.
وختم ياشا بأن تركيا مستعدة لكل السيناريوهات
في سوريا، وأحدها الاصطدام بالنظام السوري.
لماذا سارعت فرنسا إلى دعم "قسد" بسوريا بعد قرار واشنطن؟
هل يشكل انسحاب أمريكا من سوريا ورقة قوة أم أزمة لأنقرة؟
ما حقيقة صفقة تركية روسية مع التلويح بقرب معركة شرق الفرات؟