غصّت شوارع
العاصمة اللبنانية بيروت بتجمعات متنقلة من المتظاهرين الغاضبين، المنادين بالإصلاح
الجذري للأوضاع التي آلت إليها البلاد، في ظل أزمات المراوحة السياسية وتفاقم
الأحوال المعيشية والصحية.
وتنادى لبنانيون
عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى التجمع وسط بيروت، حيث نظمت وقفتان أساسيتان
قبل أن ينتقل شبان من مختلف الطوائف اللبنانية إلى شوارع أساسية في العاصمة، لحث
المواطنين على مشاركتهم احتجاجاتهم في الطريق إلى الثورة على النظام السياسي
الحالي.
وتميّزت التظاهرات
التي امتدت إلى ساعات ليل الأحد، بارتداء شبان للسترات الصفراء على غرار الحراك
الأخير الذي شهدته فرنسا، فيما طالب عدد كبير من المشاركين بضرورة تبديل الطبقة
السياسية كافة دون استثناء، محملين إياهم مسؤولية تردي حالة البلاد إلى المستوى
الخطير الذي وصلت إليه.
وتحدث ناشطون في
حملة "طلعة ريحتكم" لـ"عربي21" عن أنّ "الاحتجاجات بدأت
بزخم وحضور، ولن تتوقف قبل تحقيق الأهداف؛ لا سيما الإصلاحات في مختلف المجالات
الحياتية". كما أشاروا إلى "خطوات قادمة لن تقتصر على العاصمة في قوتها
وحضورها، للدلالة على حالة الغضب المنتشرة لدى اللبنانيين كافة".
وندّد مشاركون
بالتخاذل الحاصل على صعيد المستشفيات، في غياب لما أسموه "دور وزارة الصحة في
الرقابة وفرض الغرامات على المؤسسات الاستشفائية، التي ترفض استقبال المرضى من دون
بدل مادي فوري، وهو ما أدى إلى وفاة الطفل الفلسطيني محمد وهبة في شمال
البلاد".
اشتباكات وتوضيحات
وتجمع عدد من
الشبان أمام السراي الحكومي في بيروت، حيث دار اشتباك بين بعض المشاركين والقوات
الأمنية، فيما حضرت مجموعة أخرى في فترة المساء وافترشوا الأرض، متوعدين بالاعتصام
الدائم أمام القصر الحكومي، للدفع نحو رفع وتيرة ورقعة الاحتجاجات.
كما تحدّث
متظاهرون لـ"عربي21" عن حدوث صدامات بين متظاهرين وعناصر في الجيش
اللبناني في شارع الحمراء من بينهم نساء، فيما أكد الجيش
اللبناني في بيان أصدره "احترام حق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي، وأحقّية المطالب المعيشية التي يطالب بها المتظاهرون".
وقال البيان الذي أصدرته مديرية التوجيه في الجيش: "مع تأكيد القيادة
احترام حق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي وأحقّية المطالب المعيشية التي
يطالب بها المتظاهرون، تدعو القيادة إلى التظاهر السلمي وعدم التعدّي على الأملاك
العامة والخاصة".
وأكدت قيادة الجيش أنّ "الاعتداء على الأملاك العامة يخرج عن هذا
الإطار، وأنّها لن تسمح بالتعرض لهذه الأملاك".
"تسييس التظاهرة"
وتناولت وسائل إعلام لبنانية اتهامات وجهها أطراف من قوى 14 آذار إلى حزب
الله، بأنّه يحاول استغلال التحركات في الشارع لاستثمارها سياسيا لصالحه، غير أنّ حزب سبعة الناشط في الإطار المدني ردّ في بيان
جاء فيه: "سمعنا الكثير من التساؤلات حول هذه المظاهرة، (شو نازلين تعملوا
بهيدي المظاهرة)، (هذه المظاهرة مدسوسة)، متابعا: "حزب سبعة هو حزب المواطن ونحن
إلى جانب المواطنين الذين أتوا لينتفضوا على الواقع".
وأضاف الحزب المدني: "هناك مواطنون من كلّ الأطياف السياسية، ونحن نحترم
كل شخص يقول:(الحقوق تنتزع ولا تعطى)".
وحمّل الحزب
المدني مسؤولي الأحزاب السياسية مسؤولية الانهيار في هذا البلد؛ من "فقر،
و أمراض، ونفايات، وإفلاس"، داعيا إلى "محاكمة المسؤولين عن الوضع في البلد".
وأكد الناشط
الشبابي سعد وهبة أنّ "الدافع الأساسي وراء نزول المتظاهرين إلى الشارع، هو
التدهور المستمر في البلاد"، لافتا في تصريحات لـ"عربي21" أنّ الهدف
الأساسي للتظاهرة هو "الضغط من أجل الحصول على البطاقة الصحية لكل الموجودين
في لبنان".
وكشف عن
"وجود مندّسين وموتورين حاولوا تشويه التظاهرة الشعبية النابعة من قلب المواطنين ووجدانهم"، موضحا أن "حالة القهر والحرمان بلغت ذروتها، فهناك من يموت
على أبواب المستشفيات في ظل ارتفاع جنوني لأسعار السلع والبضائع، وافتقادنا لأبسط
حقوقنا في حياة كريمة بالحصول على خدمات الكهرباء والمياه والطبابة".
ووصف وهبة الطبقة
السياسية بأنّهم "سماسرة وسارقون يمتصون ما تبقى من دماء للشعب اللبناني،
بينما يخشى اللبناني المرض كي لا يعاني ويقهر أمام المستشفيات، لعجزه عن دفع
الفاتورة الطبية الباهظة".
وأمل وهبة أن تثمر
التحركات في الشارع إلى تغيير الأوضاع، مطالبا بتشكيل "قيادة شعبية للحركات
المدنية واختيار شخصية كفوءة ومحبة للبنان للالتفاف حولها؛ سعيا إلى إصلاح الخراب
في البلد، وتبديل النظام الحالي الفاسد".
وفي سياق
الاحتجاجات، شهد الجنوب فعاليات احتجاجية بالتزامن مع تظاهرات بيروت، حيث تنادى
ناشطون إلى التجمع والتظاهر في عدد من البلدات، لتصل التظاهرة إلى مدينة النبطية
حيث جال المتظاهرون في شوارعها مرددين شعارات "الثورة" و"تغيير
النظام".
اقرأ أيضا: "السترات الصفراء" تصل لبنان.. وحشود وسط ببروت (شاهد)
بعد "جلب مطيع".. هل تتوقف الاحتجاجات ضد الحكومة الأردنية؟
2018.. مرّ ثقيلا على المخيمات الفلسطينية بلبنان
الأونروا لـ"عربي21": واجهنا أسوأ أزمة في تاريخنا