توقفت البيانات الأسبوعية المعتادة التي كان يصدرها التحالف الوطني
لدعم الشرعية ورفض الانقلاب بمصر منذ نحو ثلاثة أشهر ونصف، للمرة الأولى، وهو ما
جعل البعض يطرح سؤالا: هل انتهى التحالف؟ خاصة في ظل انسحاب الجماعة الإسلامية
وحزبها البناء والتنمية من التحالف، الذي كان يمثل سابقا أكبر وأهم كيان معارض
لسلطة الانقلاب.
من
جهته، قال القيادي البارز بحزب الحرية والعدالة، أيمن عبدالغني، إن "التحالف
لا يزال موجودا وفاعلا في المشهد المصري بصورة أو بأخرى، وإن كان هذا التواجد وهذه
الفاعلية قد تراجعت بشكل ملحوظ"، لافتا إلى أن التحالف يسعى لتقوية تحركه في
كل المسارات التي بتعاطي معها.
فعاليات
التحالف لم ولن تتوقف
وأوضح
-في تصريح خاص لـ"عربي21"- أن "فعاليات التحالف
داخل مصر لم ولن تتوقف، حيث يتم تنظيم مظاهرات ومسيرات احتجاجية كل يوم جمعة، وما
زال هناك من يتحرك باسم التحالف داخل مصر رغم الضربات الأمنية العنيفة التي تقوم
بها سلطة الانقلاب، ورغم أن أي تحرك في الداخل محاط بالقتل والاعتقالات والإعدامات".
وأكد
أن "تراجع الحراك الميداني في الشارع شيء طبيعي، نظرا لإجرام سلطة الانقلاب،
فضلا عن أن جميع الثورات شهدت في تحركها مدا وجزرا، وهذا الحراك الاحتجاجي البسيط
ينبغي الإبقاء على رمزيته؛ حتى لا ينطفئ تماما، بل إنه في انتظار لحظة الاشتعال
التي نأمل أن تكون قريبة".
وأوضح عبدالغني أن "تحالف دعم الشرعية يسعى حاليا مع باقي
المكونات الوطنية إلى توحيد الصف الوطني وتوسيع الجبهة المناهضة لسلطة الانقلاب؛
بهدف تشكيل منظومة أكبر تهدف لإزاحة الانقلاب، وأن هذا التحرك يشمل كل الملفات
السياسية والحقوقية والإعلامية".
وأرجع قرار انسحاب الجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية من
التحالف إلى "ضغوط عنيفة وتهديدات شديدة تتعرض لها جميع الأحزاب والقوى
السياسية الموجودة داخل مصر، وهو ما يدفع البعض أحيانا لأخذ قرارات بعينها؛ لتخفيف
الأعباء والضغوط التي يواجهونها".
وأشار إلى أن "أعضاء حزب البناء والتنمية في الخارج لا يزالون
موجودين داخل التحالف، ويحضرون اجتماعاته، وأن الجمعية العمومية للجماعة الإسلامية
قررت العام الماضي الاستمرار في التحالف بنسبة 80%، إلا أن تزايد الضغوط
والتهديدات هو ما غير مواقف بعضهم، ونحن نقدر ذلك في ظل الظروف الراهنة".
وبشأن توقف البيانات الأسبوعية للتحالف، قال: "أعضاء التحالف
رأوا أنه من المناسب عدم إصدار بيانات كل أسبوع، وأنه من الأفضل إصدار بيانات في
الأحداث والمناسبات العامة والهامة فقط، وهذا يرجع لرؤيتنا وتقديرنا، لكن ينبغي
ألا يربط البعض توقف البيانات بتوقف العمل الذي لم ولن يتوقف مطلقا".
وتأسس تحالف دعم الشرعية -الذي حمل شعار "نحمي الثورة.. نحمي
الشرعية"- في 28 حزيران/ يونيو 2013 مع بدء الاعتصام في ميداني "رابعة
العدوية"، شرق القاهرة، و"نهضة مصر"، غرب القاهرة.
وقال التحالف -في بيانه التأسيسي- إنه "سيتولى تنسيق الجهود
النبيلة الرامية لحفظ كرامة الوطن، وحماية إرادته الشعبية ومكتسباته الديمقراطية،
وحراسة ثورته المباركة، وإدارة الوقفات السلمية المليونية والاعتصامات في ميادين
مصر؛ بهدف التأكيد على نبذ العنف، ومقاومة البلطجة، وحماية مصر واختيارات شعبها".
أسباب تراجع التحالف وضعفه
بدوره، أكد رئيس حزب الفضيلة، محمود فتحي، أن "التحالف كان
فاعلا في المشهد، وله رمزية كبيرة وواضحة منذ إعلان تأسيسه وحتى منتصف عام 2014،
ثم بدأ يضعف رويدا رويدا حتى كانون الثاني/ يناير 2015، حيث أصبح بعدها ذا تأثير رمزي
دون تأثير ميداني حقيقي".
وعدّد فتحي أسباب تراجع التحالف، التي كان منها "الانسحابات
المتوالية منه، وضعف مكوناته، وعدم ابتكاره أساليب جديدة في مواجهة الوضع القائم،
فضلا عن الأزمة الداخلية الخاصة بخلافات جماعة الإخوان، والتي كان لها تأثير ملموس
على فاعلية التحالف".
وأكد أن "انسحاب الجماعة الإسلامية لن يؤثر كثيرا على التحالف،
لأن دوره الميداني والرمزي متراجع من الأساس، ولو استمر الحال كما هو عليه سيتناقص
تدريجيا بمرور الزمن. علما بأن أفراد الجماعة الإسلامية بالخارج يطرحون استمرارهم
في تحالف دعم الشرعية من خلال حزب جديد".
وكان الرئيس الجديد لحزب البناء والتنمية، محمد تيسير، قد أكد في
مقابلة مع "عربي21"،
العام الماضي، أن حزبهم "يعمل حاليا بشكل مستقل وبعيدا عن أي تحالفات أو
كيانات، سواء داخل أو خارج مصر، ولا علاقة له بأي كيانات أو تحالفات أخرى".
وأضاف "تيسير": "بالنسبة لتحالف دعم الشرعية، فقد
أصبح غير موجود على الأرض داخل مصر ولا توجد له أي فعاليات، وبالتالي فلا مجال
للحديث عن وجود حزبنا بداخله؛ لأنه غير موجود من الأساس، فكيف نكون أعضاء في شيء
لا وجود له أصلا؟"، وفق قوله.
وأشار رئيس حزب الفضيلة، وهو أحد مؤسسي التحالف، إلى أنه كانت هناك
"محاولات مختلفة لتجاوز تحالف دعم الشرعية لصالح مظلات وطنية أخرى، لكن تلك
المظلات لم تنجح حتى الآن".
محاولات إحياء التحالف
وكشف عن محاولات حالية وصفها بالضعيفة بغرض محاولة إحياء التحالف
وتفعليه مرة أخرى، إلا أنه رأى أن "تلك المحاولات لا ترتقي لما هو مأمول
منها، بل إنها ليست أكثر من مجرد رغبات لن يكون لها انعكاس حقيقي على أرض الواقع،
خاصة في ظل المعطيات الراهنة".
وتابع: "لا حل للأزمة الراهنة إلا بتعدد الحالات التنظيمية ذات
القيادات، الذي يفكك أدوات النظام تدريجيا، وتنافس النظام أيضا في بناء منظومة
ثورية لها، فالحالة المصرية لن يحدث بها أي تغيير طالما كان العمل وفقا الآليات
والأفكار القديمة والتقليدية".
وأردف: "الشارع ينتظر أولا نجاح هذه الحالات التنظيمية في بناء
ذاتها بقياداتها ومشاريعها المختلفة، ثم ينتظر منها أيضا أن تتوافق فيما بينها على
مشروع وطني جامع يحقق الحد الأدنى للشعب، مع احتفاظ كل تنظيم منها منفردا برؤيته
وأهدافه الخاصة".
وشهد عام 2014 أربعة انسحابات من تحالف دعم الشرعية، ففي يومي 28 آب/
أغسطس و17 أيلول/ سبتمبر 2014، انسحب حزبا الوسط والوطن؛ من أجل ما وصفوه بالبحث
عن "مظلة أوسع"، بحسب بياناتهما.
وعقب انسحاب حزبي الوسط والوطن، أعلن تحالف دعم الشرعية في 17 أيلول/
سبتمبر 2014 عن إعادة هيكلة نفسه وفق خطة للتوسعة والتطوير، إلا أن الظروف
السياسية حالت دون ذلك، حيث لم تسفر محاولة إعادة الهيكلة عن أي إضافة جديدة
للتحالف أو تغيير ملحوظ في استراتيجية التحرك.
وفي 5 كانون الأول/ ديسمبر، انسحبت الجبهة السلفية وحزب الاستقلال
أيضا؛ لأن الجبهة قالت إنها تريد العمل من خلال أفق سياسي أرحب، بشرط ألا يتجاوز
الثوابت الشرعية وقضية الهوية التي رأت أنه يُراد تغييبها لصالح التوافق.
وجاء انسحاب حزب "الاستقلال" هو الأصعب بالنسبة للتحالف،
حيث شن رئيسه مجدي حسين، من محبسه، هجوما حادا، كان هو الأول من نوعه بالنسبة
لمكونات التحالف المنسحبة، على جماعة الإخوان التي اتهمها بالسيطرة التامة على
التحالف، وأنها تفعل ما تريد، دون الاستجابة لأي مطالب أخرى.
ولأن الإخوان تفسر "دعم الشرعية" في نقطة واحدة هي عودة
الرئيس محمد مرسى والجماعة للحكم فقط، وفق السياسات والتفاهمات ذاتها مع أمريكا،
على حد قوله.
مصر تدخل 2019 بديون غير مسبوقة (إنفوغرافيك)
نافعة: الأزمة المصرية ستستمر ولا حل يلوح في الأفق المنظور
بيوم حقوق الإنسان.. مصريات أنهكهن الأسر وقهرهن الانقلاب