نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا تحليليا لمراستلها كارين دي يونغ، تعلق فيه على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، مشيرة إلى أنه أدهش المستشارين والحلفاء.
وتبدأ الكاتبة مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالإشارة إلى ما قاله الرئيس في نيسان/ أبريل: "أريد عودة الجنود، أريد عودتهم سريعا"، إلا أنه تم إقناع الرئيس في أيلول/ سبتمبر بتغيير موقفه، ووافق على بقاء حوالي 2000 جندي في سوريا لأجل غير محدد، وليس حتى هزيمة تنظيم الدولة، بل حتى التأكد من خروج القوات الإيرانية التي تدعم بشار الأسد.
وتشير دي يونغ إلى أن ترامب جعل الرؤوس تدور داخل حكومته والعالم في يوم الأربعاء عندما ناقض نفسه، لافتة إلى أنه اتخذ قراره يوم الثلاثاء في اجتماع عقده مع كبار مستشاريه، وبحضور وزيري الخارجية والدفاع، اللذين لم يوافقا على القرار.
وتلفت الكاتبة إلى أن تغريدة ترامب يوم الأربعاء جاءت لتبرر سبب القرار، فقال: "لقد هزمنا تنظيم الدولة في سوريا، وهو السبب الوحيد لوجودنا هناك في أثناء رئاسة ترامب"، مشيرة إلى أن هذه التغريدة التي أطلقها في الصباح الباكر كانت كافية لصدمة المسؤولين الدبلوماسيين الذين تركوا للتأكد من أن ترامب قد أمر بخروج سريع للقوات الأمريكية من سوريا كلها.
وتورد دي يونغ نقلا عن المسؤولين البارزين، بمن فيهم المبعوث الخاص إلى سوريا، قولهم في الأسبوع الماضي، إن هزيمة تنظيم الدولة في آخر جيب له في الجنوب السوري قرب الحدود العراقية تحتاج لأشهر، وهناك آلاف المقاتلين المختبئين الذين ينتظرون الفرصة للخروج من مخابئهم.
وتنوه الكاتبة إلى أن المسؤولين أكدوا أن قوات سوريا الديمقراطية التي دربتها أمريكا وسلحتها تظل حليفا مهما في قتال الجهاديين، ولن يتم التخلي عنها، وعلاوة على هذا فهم أكدوا أهمية الدور الذي تؤديه القوات الأمريكية في سوريا بصفتها رديفا للجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة لتسوية الأزمة، وتخفيف التأثير الإيراني.
وتعلق دي يونغ قائلة إن "الاستراتيجية الأمريكية في سوريا جاءت بعد انتقادات مكثفة لغياب الرؤية المتماسكة من الإدارة بشأن ما تريد تحقيقه، وفي بداية رئاسته مدح ترامب لأنه قام بإطلاق صواريخ كروز ضد قواعد عسكرية للنظام، بعد استخدام الأخير السلاح الكيماوي ضد شعبه".
وتستدرك الكاتبة بأن "رؤية الإدارة ظلت متعكرة، خاصة فيما يتعلق بالموقف من رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي اقترح ترامب اغتياله، وفي ظل استمرار الرئيس في الحديث عن ضرورة جلب القوات الأمريكية من سوريا".
وتفيد دي يونغ بأنه "تم التوافق على الاستراتيجية رغم موقف الكونغرس المتشكك تجاهها، وكانت هناك آمال بالتحرك نحو خطة سلمية، وتحديد أثر إيران، التي باتت تعاني من أثر العقوبات الأمريكية القاسية، ومن هنا ساد اعتقاد أنها لن تجد مفرا إلا الاستسلام للمطالب الأمريكية، والانسحاب من سوريا".
وتجد الكاتبة أن "التطور الوحيد الذي ترك أثاره السلبية كان التهديدات التركية بضرب وحدات الشعب الكردية، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تحدث مع الرئيس أثناء قمة العشرين قبل 3 أسابيع، وتحدث معه يوم الجمعة".
وتنقل دي يونغ عن أشخاص اطلعوا على ما جرى في المقابلة، قولهم إن أردوغان أكد للرئيس أن الوحدات الكردية إرهابية متحالفة مع جماعة إرهابية في تركيا، وتساءل عن سبب دعم الولايات المتحدة لهم، بدلا من دعم تركيا العضو في الناتو، مشيرا إلى أن تنظيم الدولة قد هزم، وتساءل عن استمرار القوات الأمريكية في سوريا، وقال إن الحشود التركية على الحدود قادرة على التعامل مع أي مشكلة.
وتنقل الكاتبة عن مساعد في الكونغرس، قوله أن اتصال أردوغان كان هو السبب الوحيد لقرار ترامب الذي ينظر إليه على أنه متعجل وغير حكيم، ويرى مدير مشروع الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جوناثان الترمان، أن قرار الرئيس تزامن مع إعلام الإدارة الكونغرس بأن صفقة صواريخ باتريوت، التي تريد تركيا شراءها منذ وقت، قد تمت الموافقة عليها بعد سنوات من التفاوض حول شروط الصفقة بين أنقرة وواشنطن، وقال أولترمان: "سيكون الأمر مربكا لو تم القرار من أجل مصالح تجارية".
وتذكر دي يزنغ أن مسؤولا بارزا تحدث للصحافيين، قال إن الرئيس أخبر أردوغان من بين الحلفاء بهذا القرار، ولأنه "جار لسوريا".
وتبين الكاتبة أن إعلان ترامب بشأن سوريا جاء وسط انتصار تركي في منظمة التجارة العالمية يوم الأربعاء، الذي قضت فيه ضد توسيع التعرفة الضريبية الأمريكية على الفولاذ والألمنيوم المستورد من تركيا، بالإضافة إلى زيارة حسن روحاني إلى تركيا، واجتماعه مع أردوغان.
وتشير دي يونغ إلى أن ترامب قرر إلغاء برنامجه، خاصة لقائه مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر، وألغى مؤتمرا صحافيا كان مقررا.
وبحسب الصحيفة، فإن مسؤولا أمريكيا علق على قرار الرئيس، قائلا إنه ليس مفاجئا، ويجب ألا يدهش أحدا؛ لأنه يقول الكلام ذاته منذ حملته للرئاسة، مشيرا إلى أنه لا يوجد تناقض بين ما كان يقوله المستشارون والرئيس؛ لأن "القرار هو للرئيس وقد اتخذه"، وأضاف أن الرئيس لم يكن مع الاستراتيجية التي أعلنت باسمه في أيلول/ سبتمبر، ومن هنا فإن قراره متناسق 100%.
وتلفت الكاتبة إلى أن عددا من المشرعين في الكونغرس عبروا عن عدم معرفتهم بالقرار، وانتقدوه باعتباره خيانة للأكراد، ويفتح الباب أمام روسيا وإيران والأسد، بالإضافة إلى أن عددا من حلفاء أمريكا عبروا عن دهشتهم، حيث اتصل مسؤول دفاعي أوروبي مع وزير الدفاع جيمس ماتيس، ولم يتلق منه ردا إلا في منتصف الليل، فيما لم يعلم رئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد في اجتماع الثلاثاء وظل جاهلا بالأمر حتى إعلانه.
وتختم دي يونغ مقالها بالقول إنه "مع أنه لم يكن الهدف من القوات الأمريكية حماية المسؤولين، أو الخدمات الإنسانية، إلا أن عدد الدبلوماسيين تم تخفيضه، بحسب وزارة الخارجية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
WP: كيف دمر ترامب بتغريدة سياسة بلاده بالشرق الأوسط؟
بلومبيرغ: تقرير أمريكي يؤكد هجوم الأسد كيماويا على حلب
سبكتاتور: لماذا يستمتع أردوغان بملاحقة ابن سلمان؟