تستعين الثورات والحركات الاحتجاجية الشعبية، بما يساعدها على الانتشار، والبقاء، ولفت نظر المسؤولين إليها، بالشعارات أحيانا، والشخصيات الثورية أحيانا أخرى، والأغاني والرموز في أحيان كثيرة.
وكانت آخر المظاهر
الرمزية في الاحتجاجات "السترات الصفراء" التي انطلقت من فرنسا، ووصلت إلى دول أوروبية، ووجدت لها صدى في كندا، ودول أخرى.
ووصلت الأمور إلى المنطقة العربية، إذ منعت السلطات المصرية بيع السترات الصفراء للأفراد، وحصرت
شراءها بالشركات فقط، واعتقلت محاميا التقط صورة له مع سترة صفراء، خوفا من انتقال
عدوى الاحتجاجات الشعبية إلى مصر، مع اقتراب ذكرى ثورة يناير.
المتخصص في علم
الاجتماع الدكتور موسى اشتيوي، قال لـ"عربي21" إن الناس حول العالم
تتعلم من بعضها البعض، حتى فيما يخص الاحتجاجات.
وتابع بأن الناس
يلجأون للرموز في الحركات الاحتجاجية لكون غالبية المشاركين لا ينتمون لأحزاب منظمة،
أو تكتلات واضحة، وغالبا ما تكون المطالب غير محددة ومتنوعة، وعليه فالشعارات
والرموز في الاحتجاجات تجمع الناس على فكرة واحدة مع اختلاف المطالب.
ولفت إلى أن الحركات
الاحتجاجية تلجأ عادة إلى الابتكار وصناعة الرموز في إطار عمليات الكر والفر بينها
وبين السلطات.
واستدرك اشتيوي بأن
استيراد الرموز من حركات احتجاجية في بلدان، إلى بلدان أخرى، قد لا ينجح دوما، وإن
لبعض البلدان خصوصيتها الثقافية، فالتجأ إلى تعديل الفكرة أو الشعار، أو التقاط
العدوى فقط وصناعة رمز جديد يعبر عنها.
وفي 17 تشرين
الثاني/نوفمبر اندلعت الاحتجاجات في أنحاء فرنسا ضد رفع الضريبة على وقود السيارات
وارتفاع كلفة المعيشة، واختار المتظاهرون "السترات الصفراء" شعارا لهم،
لارتباطها بالحالات الطارئة.
ووصلت حمى احتجاجات
"السترات الصفراء" إلى بلجيكا وهولندا في أوروبا، كما عبرت القارات
وصولا إلى كندا حيث خرج المحتجون في عدة مدن كندية احتجاجا على "ميثاق الهجرة
العالمي" الذي وقعت بلادهم عليه.
من رموز الاحتجاجات
أيضا، الصافرات التي انطلقت في تايلاند في الأعوام 2013 – 2014، وأصبحت رمزا
لتظاهرات احتجت على رئيسة الوزراء وقتها، ينغلاك شيناواترا.
أما الرمز الأشهر في
المنطقة العربية فكان شعار "رابعة" نسبة إلى ميدان رابعة العدوية الذي
تجمع فيه المتظاهرون المصريون ضد الانقلاب العسكري في مصر، وانتهى بالفض وخلف آلاف
القتلى والجرحى برصاص قوات الأمن.
والشعار عبارة عن أربعة أصابع في يد مرسومة باللون الأسود على خلفية صفراء.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، وليد أبو دلبوح، أكد أن الهدف الأساسي من الرمز في الاحتجاج هو جمع الفرقاء، عندما تضم
الاحتجاجات والحركات المطلبية عددا من الفرقاء، لتكون القاسم المشترك بينهم على
اختلاف توجهاتهم وإيديولوجياتهم.
وأضاف بأن الحركات الاحتجاجية انتقلت من
الظاهرة الصوتية، والهتافات، إلى صناعة رموز تخص اللباس والزي، أو شعارات أخرى.
وأشار أبو دلبوح إلى خصوصية بعض الحركات
الاحتجاجية، ففي الأردن مثلا، فضل الحراك الشعبي رفع العلم الأردني، لإيصال رسالة
بأن المقصود من الاحتجاجات سياسات الحكومة، وليس الدولة الأردنية، بحسب تعبيره.
وفضل أستاذ العلوم السياسية أن تقوم المجتمعات
بصناعة رموزها الاحتجاجية الخاصة بها، لمراعاة ثقافة كل بلد، ما يجعلها
"أصلية"، وليست "مقلدة".
ولم ينجح استيراد فكرة
"السترات الصفراء" في تونس، رغم التعديل عليها لتكون "حمراء"،
وأعلن مناهضون لهم إطلاق حملة "سترات زرقاء".
اقرأ أيضا: السترات الحمراء أو "ثورة" الانقلابيين
اقرأ أيضا: إذا احترقنا فستحترقون معنا.. رسالة فيلم "هانغر غيمز" للمستبدين
وتحدثت الكثير من
الأفلام والأعمال الفنية عن رمزية الثورة، وأشهر هذه الأفلام "ألعاب
الجوع" والذي تضمن عددا من الرموز، والهتافات، والأغنية الشهيرة، وصورة رمز
الثورة التي أطلقتها شخصية شابة وهي "الطائر المحاكي".
ورفع متظاهرون في هونغ كونغ ذات الشعار "الأصابع الثلاثة" الذي ظهر في الفيلم.
وسبق هذا الفيلم،
العمل السينمائي الشهير، "ثاء من أجل الثورة"، والذي أصبح "قناع
فانديتا" فيه رمزا من أجل الثورة على النظام.
هل نجحت احتجاجات فرنسا في تحقيق مطالبها.. وما مستقبلها؟
"السترات الصفراء" تنتصر بفرنسا.. كيف علق النشطاء العرب؟
الإعلام المصري و"السترات الصفراء".. "فزاعة" لإبعاد الاحتجاجات