يعد عالم الاستخبارات الإسرائيلية مركبا رئيسا وأساسيا في جهاز الأمن والخارجية الخاص بدولة إسرائيل، ومع ذلك فهي ليست وحدها المركب الأساسي والمركزي في تزويد الدولة بالمعلومات الأمنية والتقديرات الاستخبارية، لكنها تعدّ الجهة المركزية الأكثر حيوية وفعالية في جهودها الأمنية، التي تعمل على تزويد باقي المؤسسات الرسمية ذات الصلة: كالجيش، وزارة الخارجية، الشرطة، من أجل الدفاع عن إسرائيل، وحماية مصالحها القومية.
وبالرغم من حيوية عالم الاستخبارات هذا، إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ما زالت ذات بناء تنظيمي هش، ليس لها خطة عمل موحدة، وتفتقر لموازنة عامة وشاملة، ولا يوجد لها جهاز رقابة فعال ذو صلاحيات.
بجانب ذلك، هناك سلبية تكاد تعصف بالجهود اليومية والدورية لهذه الأجهزة، وهي افتقارها لآليات التنسيق المشترك بين مختلف أذرعها وأجنحتها، وإن كان هناك من تعاون في بعض المجالات، إلا أنه لا يكاد يأخذ الطابع المنظم والممأسس، بحيث يتغير من مرحلة لأخرى، ويتأثر بصورة ليست هينة بطبيعة الشخصيات التي تترأس الأجهزة بين عام وآخر.
الواقع يؤكد لنا أن مؤسسة الأمن الإسرائيلية ليس فيها من جسم مركزي منظم، يستطيع بفضل صلاحياته الواسعة أن يحدد "جدول أعمال الدولة" في المجال الأمني والاستخباري، وبناء على ذلك يضع أهم المهام الأمنية التي يفترض على باقي الأجهزة القيام بها.
على العكس من ذلك، نشهد في بعض الأحيان تعارضا فادحا في بعض المهام التي تنفذها الأجهزة الأمنية، أو بعضها على الأقل، لا سيما في ظل تشابه أدوارها في عدد من المناطق والمجالات التي يشترك فيها أكثر من جهاز أمني واحد.
كما نرى تركيزا من تلك الأجهزة على قضاياها الداخلية، التي تخص تركيبتها ومهامها وتوزيع أفرادها، دون النظر للصورة الإجمالية التي يفترض أن تنشغل بها على صعيد الدولة، والمخاطر المحيطة بها، مع ما يتخلله العمل من احتكاكات دورية مع بعض الوحدات والأفرع.
نتيجة إضافية لما تقدم، تتعلق بمدى الانحراف الذي أصاب عمل هذه الأجهزة، ما يتسبب به بصورة أساسية حالة عدم الوضوح الذي تحيط بتعريف المشاكل الأمنية التي يجب أن تناقشها هذه الأجهزة، وما يتعلق بالأمن القومي للدولة عموما.
ويمكن أن نحيل عدم الوضوح هذا إلى الأسباب التالية:
غياب جسم مركزي يحدد طبيعة النظرة الأمنية؛ والإستراتيجية العملية التي يجب إتباعها في هذا المجال، من خلال إشراك كافة الأذرع الأمنية المكلفة بحماية الأمن القومي لإسرائيل، وهي: الجيش الإسرائيلي، وزارة الخارجية، الشاباك، الموساد، الشرطة.
عدم الوضوح المتعلق بالصلاحيات الممنوحة لكل جهاز أمني على حدة، والمسئوليات المناطة بكل منها، ومدى العلاقة التي يجب أن ترتبط بها هذه الأجهزة مع المستوى السياسي ذي الصلة بالعمل الأمني.
أكثر من ذلك، فإن عدم الوضوح هذا يمتد في بعض الأحيان لهذه المستويات السياسية ذاتها، وطبيعة علاقتها مع الأجهزة الأمنية المختصة.
على سبيل المثال، إليكم هذه الأسئلة:
ما هي حدود مسؤوليات رئيس الحكومة بصفته مسؤولا مباشرا عن جهازين أمنيين، ينفذان مهام سرية تخدم الأمن القومي للدولة؟
كيف يمكن تحديد مسؤوليات وصلاحيات هذه الأجهزة ذاتها؟
هل بالإمكان وضع حد فاصل بين هذه الأجهزة ومسؤوليات وزير الدفاع باعتباره المسئول الأول عن الجيش الإسرائيلي؟
فورين بوليسي: اسرائيل تفقد تأييدها في الشارع الأمريكي
كاتب إسرائيلي: هذه هي أسباب تقارب العرب وإسرائيل
السيسي يرعى منتدى عالميا بمصر يدعو لدمج إسرائيل بالمنطقة