نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها ريتشارد هول عن زيارة لأحد أنفاق حزب الله الذي لم يستطع الجيش الإسرائيلي اكتشافه طوال السنوات الماضية.
ويقع النفق وسط غابات البلوط والصنوبر وطالما استخدمه مقاتلو الحزب للهجوم على جيش الاحتلال الإسرائيلي. ورأى هول في داخل النفق أضواء خافتة تقود إلى ممر ضيق وإلى غرف صغيرة، حيث الهواء بارد ورطب. وفي النفق مطبخ وغرفة نوم وفرش وغرفة للصلاة ومركز قيادة، حيث يتم إصدار الأوامر عبر خشخشة من الأصوات.
ويقول: "هذا ما يبدو عليه الوضع داخل نفق حزب الله. وقام الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع بعملية لتدمير أنفاق الحزب التي اكتشف أنه يديرها على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. لكن النفق في مليتا جنوبي لبنان ظل مخفيا خلال الأعوام التسعة التي استخدمه خلالها مقاتلو الحزب، وأصبح اليوم جزءا من متحف تفاعلي يمجّد سنوات القتال.. ولم تعرف إسرائيل عن النفق حتى فتحناه للناس في عام 2011"؛ حسب أحمد منصور، المتحدث باسم المتحف، "وظل سرا طوال الوقت".
وفي الوقت الذي أصبحت فيه النشاطات الأرضية لحزب الله تحت التركيز، فقد أصبح متحف مليتا تذكيرا بالدور الذي لعبته الأنفاق في الحروب السابقة وما يمكن أن تلعبه في المستقبل. وبدأ العمل على نفق مليتا في عام 1989 أي بعد سبعة أعوام من احتلال إسرائيل للجنوب (1982- 2000). وشارك في حفره ألف رجل وتم تدشينه بعد ثلاثة أعوام، حيث أصبح من الأماكن العسكرية المهمة في الحرب، إذ سمح لمقاتلي الحزب بالتحرك بعيدا عن رادارات إسرائيل وطائراتها الاستطلاعية. وقال المرشد السياحي الذي رفض التعريف على نفسه: "كان هناك فرق كبير بين الجانبين"، فقد كانت الأنفاق بسيطة ولكنها أكثر فاعلية، أي من جانب حزب الله. وعندما انسحب الجيش الإسرائيلي بدأ الحزب بالتحضير للحرب المقبلة. وبنى الحزب مئات الأنفاق المماثلة في أنحاء الجنوب.
ويقول نيكولاس بلانفورد مؤلف "محاربون من أجل الله: ثلاثون عاما من قتال حزب الله ضد إسرائيل"، إنه "ما بين 2000 و2006 بنى حزب الله بنية تحتية مدروسة تحت الأرض في مناطق الحدود بجنوب لبنان وضمت ملاجئ وأنفاقا".
واستخدمت الأنفاق بطريقة مدمرة في حرب 2006 بين الحزب وإسرائيل، والتي قتل فيها 1000 لبناني و 44 إسرائيليا، وانتهت بلا غالب مع أن حزب الله زعم الانتصار. ويقول بلانفورد: "كانوا قادرين على شن هجمات صاروخية من منشآت تحت الأرض قريبة من الحدود مع إسرائيل ومداهمة القوات الإسرائيلية التي توغلت في الحدود اللبنانية". وقد تكون الأنفاق مميتة في حرب جديدة وأصبحت مهمة في التطورات الأخيرة. ففي السنوات الماضية شارك مقاتلو حزب الله في الحرب السورية التي بدأت وتيرتها بالخفوت ما أعاد النظر إلى حزب الله في لبنان من جديد. وراقبت إسرائيل خروج حزب الله من الحرب قويا وبترسانة من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى حسبما قال زعيم الحزب حسن نصر الله. وتعتبر الأنفاق مهمة لو استخدمت في الحرب القادمة، فمنها سيتمكن المقاتلون من التسلل وضرب البلدات الحدودية الإسرائيلية. وبدأ الجيش الإسرائيلي بالحفر قرب بلدة كفار قالا حيث اكتشف نفقا يمتد 40 مترا داخل الحدود الإسرائيلية. واعتبر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الاكتشاف عملا عدوانيا. وقال إن هذه الأنفاق بنيت بتوجيه وتمويل مباشر من إيران. ويرى سكان مليتا أن الأنفاق التي يكتشفونها الآن "هي موجودة منذ سنوات" بحسب الدليل السياسي.
وقال: "هذه حرب نفسية ليس إلا". ووصف منصور الإعلان الإسرائيلي بأنه "دعاية" ويرتبط بالتحقيقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال: "يواجه نتنياهو وضعا حرجا ويريد حرف عقول السكان عن الموضوع". ولكن نتنياهو وجد أذنا صاغية في واشنطن، حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب عقوبات على حزب الله في تشرين الأول/ أكتوبر ووعد بتخريب واستهداف وتفكيك شبكة العمليات والتمويل التابعة للحزب. وقال إن الحزب المسؤول عن تفجير الثكنة الأمريكية عام 1983، والتي أدت إلى مقتل 241 عنصرا من قوات المارينز. لا يوجد أي تنظيم ملوثة يديه بدماء الأمريكيين سوى حزب الله والقاعدة. ويرى بلانفورد أن "تدمير الأنفاق ليس نهاية العالم"، وأن "هناك إمكانية لوجود أنفاق لا يعرف عنها الإسرائيليون ولا يمكنهم اكتشافها".
اقرأ أيضا: صحف إسرائيلية: حزب الله لن يذهب للحرب رغم تدمير أنفاقه
اجتماع لحكومة الاحتلال المصغرة لبحث عملية أنفاق حزب الله
القبض على أرجنتينيين يشتبه بصلتهما بحزب الله قبل قمة العشرين
واشنطن تصنف "جواد" نجل نصر الله على لائحة الإرهاب